
ملتقى مقشن الثقافي يوصي بتوثيق الموروث الحرفي والمهارات التقليدية
أصـــداء /العُمانية
خرج “ملتقى مقشن الثقافي” بمحافظة ظفار، الذي نظّمه النادي الثقافي بولاية مقشن بالتعاون مع شركة تنمية نفط عُمان، بعدد من التوصيات الهادفة إلى دعم العمل الثقافي وتعزيز التفاعل مع المجتمع المحلي.

وأوصى الملتقى بأهمية توثيق الموروث الحرفي والمهارات التقليدية توثيقًا علميًّا مُنظّمًا، من خلال مشروع بحثي متكامل لرصد الحرف التقليدية في ولاية مقشن وتسجيلها بصيغ مكتوبة ومرئية، تشمل الأدوات وأساليب العمل وسياقها الاجتماعي، بالشراكة مع الجهات العلمية والمراكز البحثية؛ حفاظًا على هذا الموروث وتمكينه من الاندماج في منظومات الصناعات الإبداعية.
ودعا الملتقى إلى إدراج الفنون الشعبية والممارسات التراثية ضمن قواعد البيانات الوطنية، والعمل على تسجيلها دوليًّا، عبر إعداد ملف علمي لترشيح أبرز فنون الولاية إلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي العالمي، لما يوفره التسجيل من حماية دولية ويعزز الاعتراف العالمي بالتراث العُماني.

وشملت التوصيات الدعوة إلى إنشاء مركز ثقافي–سياحي في مقشن يقدّم سردية متكاملة عن تاريخ الولاية وبيئتها وثقافتها، ويضم قاعة للمعارض التراثية ومكتبة صغيرة ومنصة للتعريف بمسارات الرحلات الصحراوية، إلى جانب برامج تعليمية موجهة للمدارس والزوار، مستفيدًا من موقع الولاية على طريق المسافرين إلى صلالة وكونها إحدى بوابات الربع الخالي.
وأكدت التوصيات على أهمية إطلاق برنامج بحثي مستدام لدراسة التراث الطبيعي والثقافي للولاية، بالتعاون مع الجامعات والمختصين، يشمل دراسات حول البيئة الصحراوية الفريدة وموارد المياه الجوفية ومسارات القوافل وفنون البادية؛ دعمًا لمبادرات السياحة الثقافية والبيئية.
ودعا الملتقى أيضًا إلى إنشاء مختبر سنوي موجّه لشباب الولاية وطلبتها، يجمع بين الفنون الصحراوية التقليدية والتقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والتصميم الرقمي وصناعة الأفلام القصيرة، بما يسهم في ربط التراث بالابتكار وتمكين الشباب من إنتاج مشروعات ثقافية وريادية مستلهمة من هوية المكان.
واختُتمت أعمال الملتقى اليوم تحت رعاية سعادة الشيخ هلال بن علي المعمري والي مقشن، وتضمّن برنامج الختام عرض مسرحية متكاملة من إخراج أسعد بن سالم السيابي، وشملت قصيدة وطنية للشاعر عبدالعزيز بن سعيد مسن، وعرضًا مرئيًّا تناول رسالة الملتقى ورؤيته الثقافية، بحضور عدد من المهتمين بالشأن الثقافي والفني بالمحافظة.

وأكد الدكتور محمد بن علي البلوشي، رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي في كلمته خلال الفعالية أن الملتقى يجسّد توجهًا وطنيًّا نحو تعزيز الحضور الثقافي في مختلف ولايات سلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن اختيار ولاية مقشن، بما تملكه من خصوصية بيئية وتراث بدوي عريق، يأتي انسجامًا مع “رؤية عُمان 2040” والتوجهات الداعية إلى دعم اللامركزية وتمكين المجتمعات المحلية من القيام بدورها في التنمية.
وأوضح أن برنامج الملتقى صيغ ليواكب هوية المكان وسكانه، من خلال حلقات عمل موجهة للأطفال، وبرامج للمعلمات والأمهات لتعزيز القراءة، وجلسات حوارية حول التراث الطبيعي والثقافي، إضافة إلى أمسيات شعرية وعروض طلابية شارك فيها أبناء الولاية.

من جانبه، قال المهندس محمد بن علي الأغبري، مدير الشؤون الخارجية والعلاقات الحكومية والاتصالات بشركة تنمية نفط عُمان: إن الثقافة تمثل الذاكرة الحية للأمم وعنصرًا أساسيًّا في تشكيل الهوية الوطنية، مبينًا أن الشركة تولي اهتمامًا كبيرًا بدعم المبادرات الثقافية والاجتماعية في ولايات الامتياز، من خلال برامج تشمل دعم مهرجانات الهجن، وتمويل المرافق المجتمعية، ومشروعات التعليم وتمكين الشباب.
الجدير بالذكر أن فعاليات الملتقى تضمنت ندوة بعنوان “تكوين الحياة الثقافية في مقشن”، قدّمها الكاتب محمد بن مستهيل الشحري، بمشاركة الشيخ محمد بن مبارك مسن ومحمد بن عبدالله جداد، واستعرضت التحولات التي شهدها المجتمع المحلي، والفنون التقليدية مثل “سقي الإبل” و “التغرود”، والألعاب الشعبية والمعتقدات المحلية، إضافة إلى المسميات القديمة في البادية والقصص الشعبية التي تشكّل جزءًا من التاريخ الشفوي للولاية.
كما أقيمت أمسية شعرية بمشاركة عدد من شعراء الولاية، وهم عبدالعزيز بن سعيد مسن وأحمد عبدالله هول مسن، وقدّمها علي بن مسلم المسهلي.














