أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

فـن الاعـتـذار..

الدكـتـورة/ هـالـة الـعـزب

خبيرة الإتيكيت والعلاقات الإنسانية

 

فـن الاعـتـذار..

 

دائما ما نقابل أشخاصاً نعرفهم أو لا نعرفهم يتصرفون بعنف تجاهنا ، ويلقوا بالاتهامات جزافا ودون التحقيق في الأمر ؛
فعلينا أن نكون على دراية كاملة بكيفية التعامل معهم ، وإتيكيت قبول الاعتذار ورفضه وتقديمه.

فإن التصرف السليم عندما بهاجمنا شخص بغضب وعصبية ، ويلقى علينا الاتهامات بشكل خاطئ ، مما يتسبب في استثارة غضبنا ، فإن علينا أن نتحكم في أنفسنا ، وألا ندافع عن أنفسنا بأسلوب غير مؤدب ، كالسب مثلاً ، أو الرد على اتهاماته بطريقته ، أو بصوت عال ، أو أي أسلوب قد يقلل من شأننا ، ويظهر للآخر أننا غير مهذبين ؛ فالإنسان الناضج الواثق في نفسه لا يستثار غضبه سريعاً ، ولا ينساق خلف أي شخص يقوده للغضب أو الخطأ.

لـغـة الـجـسـد ..

تعبر لغة الجسد عن الغضب أو الزعل في الإتيكيت ، فمثلاً نظرات الاستغراب والاستنكار تعبر عن الغضب بشكل مهذب وراق ، وأيضاً علينا البُعد عن نظرات الاحتقار (من فوق لتحت) ونظرة الاستهزاء التي تصحبها ضحكة استهزاء، فتلك الأفعال تزيد غضب الشخص الذي يهاجمني ، وبالتالي تجعل الموقف يتصاعد ويكون أكثر حدة.

أيضاً عندما يكون الشخص غاضباً أو لديه مشكلة ما ؛ علينا أن نفكر قليلاً ، ونضع بعض الأبعاد ؛ مثل التفكير :

* هل الشخص الآخر الذي يهاجمنی بهمنى أمره ، أم لا؟.
* ما أسباب غضبه ؟ وهل هو غاضب مني خوفاً علي أم حقداً؟.
* هل أريد الاحتفاظ بذلك الشخص في حياتي أم لا يهمنى أمره؟.
إلى جانب التفكير في رد فعلي ، بمعنى هل لو عاتبته على كلامه سیؤدي ذلك إلى فقدانه ، أو زيادة الأمر سوءاً، وأبدأ في الاستفهام منه بالأسئلة :
هل ترغب مني فعل ذلك أم ذلك ؟ وبالتالي سوف يكون رد فعله الاستماع إلي ، وسيصله أنني لم أقصد إغضابه ولكني لم أفهم قصده بشكل صحيح وسوف يرشدني لما يريد ، وإذا فهمت قصده خطأ لا مانع أن أعتذر له عن سوء الفهم ، وبالتالي يهدأ الآخر ونبدأ نتناقش.

وفي موقف آخر..

هل لو كان الشخص الذي أمامي غاضبا وهو شخص لا بهمنى أمره ولا أستطيع التناقش معه بعدما بدأ في إلقاء الاتهامات ضدي وصوته عال أو استخدم أسلوبا بذيئا وخارجاً عن نطاق اللياقة الأخلاقية ،
فبالتالي عليّ تأكيد رفضي لأسلوبه ، والاتهامات التي يلقيها ، وأغادر فوراً ، لأنه أصبح مكاناً لا يحترمني ولا يقدرني ، وتلك الطريقة في الغضب صعبة وغير مقبولة في أي مكان، سواء العمل أو تجمع الأصدقاء أو غيرهما.

آسـف..

كلمة «آسـف» كافية للاعتذار ، ولكن يجب أن يصحبها صدق في المشاعر في القلب والشعور بالحزن لإيذاء الآخر والعزم على عدم العودة لذلك التصرف مرة أخرى حتى لا أضايق ذلك الشخص ، وهناك بعض التصرفات التي تصحب تقديم الاعتذار ؛ أولها يجب معرفة الوقت المناسب للشخص الذي سأعتذر له ،
لابد من تقديم الاعتذار بعد الخطأ بفترة بسيطة فهو أمر واجب.

عـنـصـر الـوقـت..

لا يصح ان أنتظر وقتاً طويلا بعدما يكون تعافى من ألم الخطأ الذي أقدمت عليه في حقه وأعود لأعتذر له على ذلك الفعل القديم ؛ فيجب أن يكون رد الفعل سريعا ، واختيار التوقيت مهم.

الاعـتـذار فـن..

لا يجب الاعتذار مثلا في الشارع أو بعد عودته مباشرة من عمله الشاق ، ولكن يجب أن أذهب إلى مكانه وأعتذر.

* كما أن الاعتذار الإلكتروني لا يكون جيدا في كل الأحوال ، ويكون حسب قدر الخطأ.

* ويفضل في الإتيكيت الذهاب للشخص في منزله مثلا ، وارتداء ملابس راقية وجيدة جداً ، وأقوم بالإيماء إلى الأمام أثناء السلام باليد وأقول آسف على ما بدر مني في ذلك اليوم.

* ويجب أن تكون لغة جسدى أيضاً تقدم الاعتذار حتى يشعر الشخص بصدق مشاعري ، ويكون صوتي مناسباً غير عال وغير منخفض فلا يسمعني جيدا ، أو يشعر أنني خجلان من الاعتذار له أو متكبر عليه.

الـتـبـريـر..

* كما يجب الابتعاد التام عن تبرير المواقف أو إيجاد سبب للخطأ الذي أقدمت عليه، فقد يؤدى ذلك لرفض اعتذاري أو تضخيم الأمر أكثر من اللازم ، وانقلاب الموقف ضدي.

* إذا كان الخطأ أمام أشخاص فيجب الاعتذار أيضاً أمامهم.

الابـتـسـامـة..

أيضا الابتسامة مفتاح النفوس والقلوب فلا بد عند الاعتذار ان نكون مبتسمين ابتسامة بسيطة تعبر عن طلبي في الاعتذار.

الـهـديـة..

الهدية أيضاً لها وقع خاص في القلوب ، خاصة لو تم اختيارها بعناية ، ويكون المعتذر لديه تاريخ خاص من علاقته مع ذلك الشخص المقدم إليه الاعتذار ، ويعرف ماذا يحب ويفضل ، ويأتي له به على سبيل الاعتذار ، وأيضاً الورود لها سحر خاص جداً في أغلب المواقف، وأيضاً الكتب أو الشيكولاتة، ولا يهم في الهدية أن تكون غالية جداً ، ولكن المهم أن تكون محببة لمن أعتذر له ، وإذا كان شخصاً غريباً على فالورد والشيكولاتة أفضل الهدايا دون غيرهما ، ويغني ذلك عن معرفة الشخص وأيضا يفضل في العلاقات السطحية أو العملية.

اذا كان هناك شخص أتى ليعتذر لي وكان الخطأ بسيطاً ، عليّ قبول الاعتذار ببساطة حتى لا أكون متكبراً أو فظاً ، ولأننا نرغب في التعايش معا دون مشاحنات ، ويكفى الرد بنعم قبلت اعتذارك أو الإيماء بالرأس والابتسامة.

رفـض الاعـتـذار..

في حالة رفض الاعتذار بشكل تام ، يكون اعترافا ضمنيا برغبتي في قطع صلتي أو أي علاقة لي مع ذلك الشخص ، فقبول الاعتذار يكون على قدر الخطأ ، وبالتالي رفض الاعتذار هو رفض لتلك العلاقة ، ويجب أن يكون ذلك دون أي عنف أو أي صوت عال أو كلام سيء أو لغة جسد غير لائقة أو انفعال ، وأقول هذا الأمر غير قابل للاعتذار ، ومن فضلك لا أرغب في الحديث عن ذلك الأمر مرة أخرى ، وتصاحب ذلك طريقة حازمة ووجه صارم ، وبالتالي فتلك العلاقة ستقطع ، وأعتذر أنني لن أقبل اعتذاره لأنه يثير داخلی مشاعر سلبية ، سواء من غضب أو حزن أو غيرهما ، وبالتالي لا أرغب في الحديث عنه ، وبذلك الرد تكون علاقتي انتهت بالشخص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى