أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

 بـيـسـة !!..

الكاتب/ زايد بن خليفه الشكيلي

 

 بـيـسـة !!..

 

عزيزي القارئ الرائع .. دع العالم قليلاً بضجيجه ومهاتراته ، ودعك مما يدور حولك لبرهة من الوقت لنسري سوياً نمخر عباب سطوري البسيطة المتواضعة هذه لأذكر نفسي أولاً وأذكرك بما يعنيه عنوان المقال “بيسة” للوهلة الأولى ستأخذك هذه الكلمة للزمن الماضي عندما كنت تشتري من دكان الحارة حلاوة تختلي بها على زاوية معينة بين حيطان منازل الحارة تستمتع بها وتتمعن في تفاصيل تلك الجدران التي تنثر عبق الماضي ، والتي كان سعر تلك الحلاوة لا يتعدى العشر بيسات او العشرين بيه وإن كانت بمستوى الفخامة كانت قد تصل الى الخمسين بيسة.

يقول الله عز وجل في محكم كتابه المبين في سورة الإسراء الآية 70 (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) ، فأي تكريم هذا من رب العالمين الذي حدده رب العرش العظيم وقد أمر ملائكة عرشه ان يقعوا له ساجدين ، فلك الحمد يا الله ولك الشكر والمنه نعمك ظاهرة وباطنه ، ولعلي هنا اقتبس الضئيل مما يتعلق وكرامة وقيمة الإنسان والتي يجب عليه ان يعتز به لا ان يهنها بتصرفات سلبيه بسبب تيارات الحياة وإتباعه لخطوات الشيطان انه كان عدوا ظلوما.

في عالم الإقتصاد واسعار النفط والذهب والتي تقاس على شاكلتها أسعار كل المنتجات وعالم البورصات وما تفرضه هذه الأوضاع من هيمنة سياسية قد تنال احياناً بمصير الأمم ، يتوجب علينا كبشر ان نتذكر دوما بأننا مسؤولون عن انفسنا قبل كل شيء وكل هذا وذلك ما هي الا اخبار يجب ان نستفيد من الصالح منها ونترك الطالح وما يؤلمني كثيراً عندما اوجه سؤال بسيط لاحد ولا يستطيع الإجابة عليه ولعلي اوجه لك السؤال كذلك !!! فقط وبشرط بعد قراءتك له اترك المقال جانباً وكل الحياة وابقى مع نفسك برهه وبعدها اجب على نفسك وردد الإجابة التي توصلت اليها ودونها في قصاصة من الورق فانا متأكد انك ستعود لها لاحقا (ما هي قيمتك ؟) في الحياة وفي سوق العمل وبين اصحابك وزملائك بالعمل ومع شريك حياتك وابنائك واخوانك اي بمجمل عام ما هي قيمتك؟.

هنا ستجد نفسك وستتعرف على قيمتك فقط ان كنت مدرك تماماً بحجم الأهداف التي رسمتها وقمت بتحقيقها والأهداف التي لم تتحقق وما اسباب اخفاقها والاهداف التي انت مقبل عليها وكيف سيكون التخطيط الصحيح لإنجازها مستنداً على خبرتك في الحياة وستتحدد قيمتك بالبيسة ففي الدراج العماني ومن الأمثلة الشعبية الجميلة يقال (اللي عنده بيسة يسوى بيسة) وهنا تشبيه مجازي ولا يقصد به النقد المالي بل قيمة تواصلك وتفاعلك مع من حولك وفي مجتمعك فإذا كان هذا التواصل والتفاعل إيجابي فهو يقيم بالبيسة وإن كان عكس ذلك فلن يعيره اي احد اي اعتبار.

بحجم هذا التكريم وهذا الخلق الرباني العجيب الذي وضعه الله تعالى فينا كبشر فمن وجهة نظري عار عليك اذا كنت لم تدرك قيمتك حتى اليوم ، انفض عنك غبار الزمن وقم وانتشل شتاتك ولملمه بالتوكل على المولى عز وجل وراجع نفسك إن كنت بحاجة لذلك وأستشر وشاور وأستخر كيف يمكنك تجاوز هذا التوهان فأنت أعظم خلق الله تعالى، ومن خلقه من اصطفاهم الله تعالى رسلاً وأنبياء وصالحين فأنت طاقة عجيبة فقط تنازل عن تزمتك بالرأي ، وعندما تكون مهماُ للآخرين حينها ادرك بأن ذو قيمة فعلية تساوي ملايين البيسات ويمكنك مضاعفة تلك القيمة الى بلايين وبليارات البيسات فقط امضي وتوكل على من لا يخيب الرجاء فيه واستغل كل فرصة تقضيها في مراقبة الآخرين وماذا ينجزون وأستغل بنفسك حينها ستصل لمبتغاك وسيرتفع رصيد قيمتك بالحياة.

عزيزي القارئ ايها المبتسم بسلام إن تقدير الذات هو تقييم الفرد لنفسه وشعوره بالاحترام والقيمة والكفاءة. يشمل تقدير الذات قناعات الشخص حول نفسه ، وهنا أذكرك بجانبين مهمين ان حرصت على ترقيتهما مع ذاتك فتأكد بأنك ستكون من السعداء وممن يمتلكون بيساااات كثيره لا حصر لها الأول: الشعور بالقيمة ، فكلما ادركت ان من حولك يشتاقون لوجودك ويلجأون اليك في محنتهم وما يصادفهم من عقبات ويستأنسون بوجودك حينها تأكد بان قيمتك عالية ، ثانياً : الشكور بالكفاءة وهو الأهم ويجب عليك ألا تكتفي بأنك شاركتهم نصائح ورأيك، بل راقب حجم ما تمكنوا من تحقيقه حينها ستشتعل ملكتك الذاتية بالفخر فأنه فعلاً قد تسلحه بالكفاءة والتي وللأسف الكثيرون منا لا يعيرونها انتباهاً، وهي الأهم ولكي تطور من كفاءاتك فعليك أن تحاول وتراقب وتطور وتنمي قدراتك وخبراتك في الحياة فالخبرة لا تقاس بالأيام بل ما يكتسبه الإنسان من فكر واتجاهات وقناعات تجسد حجم وقوة البيسة لديه.

أيها القارئ الجميل بروحك وعطاءك .. قبل ان اختم سطوري البسطة اذكر نفسي أولا وأذكرك بأننا (نحن من نصنع المرار ونحن من نصنع الحلاوة لحياتنا فلنكتشف في أنفسنا روائع الاشياء والمواهب والقدرات والأفعال الجميلة ولنعمل بها لنجمل بها حياتنا ولنستفيد من قدراتنا ونسعى دائما نحو التطور والإبداع ولنتفاعل مع من حولنا بكل الحب والسلام والتمني الجميل لحياة افضل ولنتجاوز اخطاء الآخرين ونفتح مساحات واسعة في صدورنا حتى نكون اكثر إشراقاً ولنستمر في تأمل أنفسنا حتى نرفع رصيدنا بالبيسة.

دمتم بود .. وفي حفظ الله ورعايته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى