أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

رحيل رفيق عبدالناصر وأبرز حراس الناصرية “سامي شرف”..

خمـيـس بن عـبـيد القـطـيـطي

khamisalqutaiti@gmail.com

 

رحيل رفيق عبدالناصر وأبرز حراس الناصرية “سامي شرف”..

 

رحل عن الدنيا يوم الاثنين ٢٣/ ١/ ٢٠٢٣م أهم وأبرز المدافعين عن التجربة الناصرية وأحد رجال الطليعة الناصرية المخلصين للزعيم جمال عبدالناصر والوزير الاسبق لشؤون رئاسة الجمهورية سامي شرف عن عمر يناهز (٩٣) عاما؛ كرسها مؤتمنا ومؤمنا بالتجربة الناصرية ومخلصا لها ومدافعا صلبا عنها بما لديه من وقائع تاريخية مكنته من تقديم إضاءات حقيقية لتلك الفترة الذهبية من تاريخ مصر والوطن العربي.

فقد كان رحمه الله أحد أهم عناصر الدائرة القريبة من الزعيم جمال عبدالناصر، وقد عمل في بدايات الثورة على تأسيس أول جهاز للمخابرات العامة والذي كان برئاسة زكريا محيي الدين، وتولى منصب سكرتير الرئيس للمعلومات؛ فكان لا تفوته شاردة أو واردة بل لا ينام في بعض الأحيان حتى يتأكد من أن الرئيس خلد الى النوم؛ في حالة وفاء نادرة، وكان ذلك في ذروة المعارك السياسية والاقتصادية والعسكرية التي قادها الزعيم جمال عبدالناصر.

الراحل سامي شرف من مواليد ١٩٢٩م التحق بالكلية الحربية عام ١٩٤٦م وتخرج ليعمل في سلاح المدفعية ثم اتجه مساره الوظيفي للعمل في المخابرات الحربية حتى طلبه الرئيس عبدالناصر ليعمل سركرتيرا للمعلومات، ومنذ ذلك الوقت لم يفارق الرئيس حتى وفاته بعد معالجة أحداث أيلول الاسود في القمة الطارئة بالقاهرة في ٢٨ سبتمبر عام ١٩٧٠م، لينتقل بعدها سامي شرف في عهد جديد مكملا عاما واحدا حتى مايو ١٩٧١م عندما حدث ما سمي بحركة التصحيح التي زج فيها بعدد ٩١ من مجلس القيادة والعناصر الموالية للرئيس عبدالناصر في السجن بتهمة الخيانة العظمى ومحاولة قلب نظام الحكم ليحكم على سامي شرف بالاعدام الذي خفف لاحقا الى المؤبد فأكمل (١٠) سنوات في السجن حتى خروجه في عام ١٩٨١م، ولم يقدم أي اعتذار أو مداهنة للنظام بل حمل على عاتقه الدفاع عن تلك التجربة، وسجل مذكراته التي حملت عنوان : “سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر”؛ متطرقا لكل تفاصيل المرحلة وبناء الدولة والمعارك السياسية التي قادها الزعيم عبدالناصر والثورات التي قام بها في اطار العمل الوطني والمواجهة مع قوى الاستعمار ودعم حركات التحرر العربي والافريقي عندما كانت مصر قبلة للاحرار وقائدة للعالم العربي ومحور الاحداث العالمية؛ فبنى السد العالي وأمم قناة السويس وخاض معركة العدوان الثلاثي وعمل قوانين الاصلاح الزراعي وساهم في تأسيس حركة عدم الانحياز، وكان محبا للفقراء وطبقات الشعب العاملة التي خصص لها نسبة تمثيل برلماني وأقام نهضة صناعية زراعية تعليمية صحية، حيث بلغ النمو في مصر ٨% حسب تقرير الامم المتحدة لعام ١٩٦٨م في ذروة الحرب مع الصهيونية؛ كل تلك المنجزات كان فيها الأمين سامي شرف أحد المشاركين والمؤرخين لها والمساهمين في وضع ملفاتها أمام الرئيس باعتباره الساعد الأيمن للرئيس عبدالناصر وسكرتيره الخاص.

ما يسجل لهذا الراحل – سامي شرف هو ثباته وعدم تلونه مع النظام الجديد ورفضه تقديم كلمة اعتذار قد تخفف من حكمه خلال فترة السجن وكان معارضا شرسا لاتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني باعتبارها ارتدادا وانقلابا على نهج جمال عبدالناصر وثورة يوليو الداعمة للفقراء والعدالة الاجتماعية التي شاهد خللها واختلالها في العهد الجديد واختلال القواعد التي قامت من أجلها ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢م؛ لكن لم يكن للراحل سامي شرف وغيره من أعضاء مجلس قيادة الثورة إمكانية في تغيير واقع النظام الجديد.

كتاب “سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر” الذي كتبه سامي شرف بيده في أكثر من ١٥٠٠ صفحة يمثل مرجعا كبيرا ومهما لمعرفة حقيقة التجربة الناصرية بالوقائع والاحداث وهي غنية بالكثير من الحقائق والمعلومات كتبها شاهد على العصر الناصري وسخر حياته في خدمة وطنه.

سامي شرف آخر رفاق عبدالناصر ومدير مكتبة وأكبر المدافعين عن التجربة الناصرية في أمان الله ورحابه الطاهرة خبرا تفاعل معه الملايين من أبناء الوطن العربي لما يحمله هذا الراحل من قواعد ناصرية صلبة كانت جزءا من الحياة السياسية لمرحلة ذهبية في تاريخ الأمة العربية، رحم الله سامي شرف وإلى جنات الخلد؛ نسأل الله أن يجمعك ورفيقك جمال عبدالناصر في روح وريحان وجنة نعيم .. عزاءنا الى جميع الاشقاء في الوطن العربي برحيل هذا الرمز العروبي الناصري الكبير.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى