أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

منـزل حماية الأبناء والقانـون الأعـمـى..

عـيـسى بن عـلـي الغـساني

مـسـتـشـار قـانـونـي ومـحـام

 

منـزل حماية الأبناء والقانـون الأعـمـى..

 

الأسرة قوام الجمتمع وأمله وغده المشرق، والأبناء نواة الأسرة، ولتنشئتهم وإعدادهم فكريا ونفسيا يستنفر الجميع قدراتهم لبناء جيلٍ واعٍ مدركٍ متعلمٍ قادرٍ على النهوض بنفسه وبمجتمعه ؛ فمنهم المفكرون والعلماء والمبدعون في مختلف قطاعات الحياة.

وإذا كان هذا واقع الحال وهو كذلك ، فإننا نجد جل القوانين والأنظمة والفلسفات الاجتماعية ، تضع وتقنن حقوق الطفل أو الأطفال وهي عديدة ومنها المسكن الملائم للأسرة ؛ بحيث يوفر هذا المسكن المقومات الصحية المناسبة للاستقرار المادي والنفسي للطفل.

فالمسكن هو حق للأسرة بكل أعضائها ، ويأتي في مقدمة الأعضاء الأطفال ، لذلك تمنع القوانين أن يقع على المسكن أي تصرف تجاري أو به غفلة من رب الأسرة ، وإذا كان القانون يجيز رهن المنزل ومن ثم الاستيلاء عليه ؛ فإن هذا الجواز القانوني معيب وفاسد ، لأنه يخرج عن سياق النظام العام القاضي بحماية الأبناء والأسرة ، من ناحية أخرى يخرج النصوص الناظمة للتعامل بشأن الحقوق الأساسية ، إلى نظام السوق الرأسمالي المتوحش ، وذلك يؤدي ليس إلى إسقاط حق أساسي لحماية الأبناء في العيش في مسكن آمن وصحي.

وإذا كان هناك وقائع حدثت بأن تم الاستيلاء على منزل أسرة لعجز عن سداد دين لصالح بنك أو تاجر ، فإن التفسير والتطبيق بهذه الطريقة المتوحشة والمتجردة من القيم الحاكمة للمجتمع وهي العدل والرعاية والرحمة ، فإن ذلك لا يكسب هذا التصرف أو الواقع أو الحكم أو القرار شرعية أخلاقية من أي زاوية ؛ بل إن هذا الاستيلاء على منزل لأسرة غير قادرة على سداد دين ، تصرف غير مقبول لا تقبله قواعد المنطق والأخلاق السوية.

قاعـدة القانـون السـيء..

وإذ كان القانون هو المسؤول ، وبمعنى آخر التطبيق أو التفسير فإن هذا القانون سيّء ، ويجب تعديله وتغييره ؛ فالقوانين وجدت لبناء التكاتف والتماسك الاجتماعي، وحماية من هو أحق بالرعاية ، فاذا ما خرجت عن غايتها المُثْلى وهو حفظ الفرد وتماسك المجتمع ، فهي كلمات مادية هي والعدم سواء.

قاعدة لا تزر وازرة وزر أخرى..

وإذا حدث بأن دخل رب الأسرة في عمل أو تصرف من أي نوع ، ووضع المنزل كرهن سواء للبنك أو لتاجر فرد أو شركة أو شخص ما ، فإن توازن المصالح ودرء المفاسد والبُعد الإنساني والأمر بالمعروف لا تجيز تشتيت وتشريد الأبناء لخطأ ليس لهم يد فيه ، وإذا كان القانون كان من المفترض غل يد تصرف من هذا النوع ، وذلك بمنع رهن منزل الأسرة، فإنه لا يجب أن يطبق بصورة حرفية ؛ فالعبرة بالمعاني ، بل هنا روح القانون والعدل والرحمة والرعاية هي قواعد يقتضي الوعي السليم إعمالها.

مقتضى القول بأن الحاجة إلى نصوص لحماية حق الطفل في مسكن آمن وصحي ، ومنع أي تصرف يمس بمنزل الأسرة ، مسؤولية أخلاقية وقانونية حفاظا على الصالح العام ، وديمومة البناء الاجتماعي المتصالح مع ذاته ومع الآخر ، وهو في ذات الحين رسالة للطفل بأنك في قلب اهتمام المجتمع ؛ فجوهر العدل هو الرحمة والرحمة تزين كل شيء ؛ فالقانون كنظام متكامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى