
خـيـرٌ دائـم..
ياسمين عبدالمحسن إبراهيم
المدير التنفيذي لشركة رواق الابتكار
مدربة في مجال اكتشاف وتطوير المهارات
مهتمة بمجال تطوير الأعمال
في رحلة الحياة، كثيرًا ما نواجه مواقف تختبر صبرنا وتتحدّى إيماننا، فنقف حائرين نسأل : لماذا يحدث هذا ؟
غير أننا حين نهدأ وننظر بعمق، ندرك أن كل ما يحدث لنا، خيرٌ كان أو ما نظنه شرًا، إنما هو لحكمةٍ خفية تسير بنا نحو ما هو أفضل.
حين نؤمن أن كل شيءٍ في هذا الكون يسير كما ينبغي، ولصالحنا دائمًا، نصبح أكثر تصالحًا مع مجرى الحياة وأكثر طمأنينة في قلوبنا.
يقول النبي ﷺ : “عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير”، وتلك هي الحقيقة التي تُنير الطريق أمامنا حين تشتد العتمة.
نخسر أحيانًا أشخاصًا، فرصًا، أو لحظات ظننا أنها السعادة بعينها، لكننا نكتشف فيما بعد أن الله أراد بنا خيرًا أعظم.
قد نُرفض في عمل، أو نتأخر عن هدف، أو نتأذى من أحد، لكن في عمق تلك التجارب تنمو فينا القوة والفهم والصبر.
نتعلم أن الرفض ليس نهاية، بل حماية، وأن التأخير ليس عجزًا، بل إعداد، وأن الألم ليس عقابًا، بل طريقٌ للنضوج.
عزيزي القارئ، كم من مرةٍ بكيتَ حتى حسبتَ أن قلبك لن يهدأ ؟ كم من مرةٍ شعرتَ أن النهاية قد اقتربت، ثم استيقظت في صباحٍ جديد لتكتشف أنك ما زلت هنا، أكثر ثباتًا ووعيًا ؟.
نحن اليوم نعيش بفضل ما اخترناه بالأمس، بفضل دروسٍ قاسية علّمتنا ما لا تعلّمه الكتب، وبفضل مواقف جعلتنا نعرف ما لا يجب أن يتكرر.
لم نعد نريد أن نبكي كما كنا، بل أن نكمل الطريق بسلامٍ ورضا.
وإن ضاق الوقت أو اشتد الأمر، فليكن ذلك تذكيرًا بأننا تجاوزنا من قبل ما هو أشدّ، وأننا خرجنا من الظلام إلى النور أكثر من مرة.
لن نسمح للظواهر الخارجية أن تكتب نهايتنا دون إرادتنا، فنحن أبطال القصة وكتّابها الحقيقيون.
قد لا تكون النهايات دائمًا كما نحلم، لكنها دائمًا كما نحتاج، لأنها تصنع فينا الفهم والوعي والسلام الداخلي.
الحياة ليست سباقًا نحو الكمال، بل رحلة نحو الرضا.
حين نؤمن أن الكون كله يعمل لخيرنا، تصبح التجارب أخفّ، والخسارات أهون، والمستقبل أكثر إشراقًا.
تذكّر دائمًا : كل ما يحدث لك إنما يحدث لأجلك، وكل ما تأخّر عنك لم يكن خيرًا لك في وقته، وكل ما رحل عنك لم يكن لك أصلًا.
الكون مسخّر للخير، والأقدار تدور حولنا لتعيدنا إلى الطريق الذي كُتب لنا منذ البداية؛ لذلك، حين تضيق بك السبل؛ ضع يدك على قلبك وقل بيقين : كل شيءٍ يحدث لصالحي، وكل خطوةٍ تقرّبني مما كُتب لي من خير.
وحتى إن لم أفهم الآن… فإني مؤمن أن كل شيءٍ حقًا، يعمل لأجلي.














