ثقافة وأدب

هويّة الشعر العُماني نحو تجدد أدبي جامع للذاكرة الجمعية وجدية الرؤية الحديثة

أصـــداء /العُمانية

يشكّل الشعر العُماني اليوم فضاءً حيًّا تتقاطع فيه الذاكرة الجمعية مع جدية الرؤية الحديثة، وهو التوافق بين ما ورثه المجتمع /محليًا/ من تاريخ مادي وغير مادي مع الأفكار والأساليب الجديدة والعمل على التجريب في اللغة والصور، وذلك من أجل إيجاد محاولة دائمة لإنتاج رؤية شعرية مغايرة تحمل من الجدية الحديثة الكثير؛ فالشاعر العُماني عادة ما يسعى إلى كتابة نص واقعي يتجاوز التكرار مع العمل على إيجاد مساحة لبيان أسئلة ذاتية، مرورًا بالاستفادة من التقنيات الخاصة بالشعر الحديث حيث التعدد في الأصوات، والابتكار في اللغة، والعمل على بناء الرمز الشعري.

وتزامنًا مع فعاليات مهرجان الشعر العُماني في دورته الـ13 الذي تنظمه وزارة الثقافة والرياضة والشباب بمسقط حتى الـ18 من الشهر الجاري، جاءت الأسئلة أكثر انفتاحًا مع الشعراء المشاركين، لكن بدورهم كانوا أكثر اتساقًا مع توجهاتها.

فالشاعر ماجد بن حمدان الندابي يقترب من واقع حقيقة القصيدة الحديثة واتهامها أحيانًا بالغموض والانفصال عن المتلقي، وكيف للشاعر العُماني أن يوازن بين العمق الدلالي والتجريب من جهة، وقربه من حساسية القارئ العُماني والعربي من جهة أخرى، ويقول: في البداية ينبغي أن ندرك أن قضية الغموض في الشعر لم تكن غائبة عن اهتمام النقاد القدماء، فقد تناولها القدماء بالبحث والدراسة، ومنهم ابن رشيق القيرواني الذي أورد في كتابه العمدة قولًا دقيقًا يبين فيه طبيعة الغموض المقبول والمرفوض في الشعر، فيقول: “وليس كلُّ ما غَمُض مذمومًا، لأنّ من الشعر ما يزداد حسنه بغموضه، ويكون ذلك إذا كان المعنى رفيعًا لا تُدرَك دقّته إلا بالفِكر، فيكون الطِّلاب له أعذبَ، والوقوف عليه أشهى. وإنما المذموم من الغموض ما كان لفسادِ النَّظم، وسوء التأليف، وتعقيد اللفظ، حتى يَستبهم على السامع ويَعيا به المتفهم”.

ويضيف: هذا القول يفتح لنا بابًا واسعًا لفهم الفارق بين الغموض الفني والغموض المصطنع. وإذا تأملنا الشعر العُماني الحديث نجد أن الغالب عليه هو الغموض الإيجابي، ذلك الغموض الذي يمنح المتلقي مفاتيح دلالية تضيء له الطريق إلى فهم النص وتذوق معانيه. فحين يسمع القارئ القصيدة أول مرة تبرز له بعض الظلال الدلالية، ثم تتعمق هذه الظلال وتزداد وضوحًا كلما أعاد القراءة، حتى يتجلى النص أمامه بكامل طبقاته القريبة والبعيدة، وهذا النوع من الغموض يمنح القصيدة حياة متجددة، ويجعلها ممتعة عند القراءة، تلامس القلب قبل أن يفككها العقل.

ويشير إلى أن هناك من يتعمد الفوضى اللفظية ويظنها غموضًا، بينما هي في حقيقتها تراكيب غير متجانسة، خالية من الإيقاع الداخلي، ولا تحمل أي دلالة واضحة. وهذا النوع يمكن للقارئ أن يميّزه من الوهلة الأولى، لأنه يفتقر إلى الانسجام وإلى البناء الشعري السليم. ويقول “الندابي”: على الشاعر أن يراوح بين الدلالات العميقة التي تقترب من الغموض وبين الدلالات المباشرة الواضحة التي تمنح النص إشراقه، فالإفراط في الإيحاء قد يرهق المتلقي، والإفراط في الوضوح قد يجعل النص أقرب إلى النظم منه إلى الشعر، ومن هنا تأتي الحاجة إلى الموازنة بين العمق الدلالي والقدرة على الارتقاء بذائقة القارئ عبر صور مشرقة وتراكيب محكمة.

وأكد أنه ينبغي على الشاعر أن يراعي غرض القصيدة، فكتابة قصيدة في حب الوطن مثلًا تختلف في مستوى غموضها عن قصيدة وجدانية ذاتية، لأن لكل موضوع طبيعته وميدانه، وهذا لا يعني أن يسقط الشاعر في فخ الوضوح التام الذي يقدّم معنى واحدًا مقيدًا لا يتجاوز حرفيته، فالشعر، في جوهره، يحوم حول المعنى ولا يقدّم الفكرة بشكل مباشر، بل يحيط بها ويصوغها في صور وخيالات تنتقل باللغة من التقريرية إلى التأملية، ومن المعنى الظاهر إلى المعنى الذي يُكتشف شيئًا فشيئًا.

أما الشاعر عبدالعزيز بن حمد العميري فكان أكثر قربًا من المكان العُماني (القرية، البحر، الصحراء، الجبل) في القصيدة وما يمكن أن يكون له من دور في تشكيل صوت الشاعر وصوره، وما إذا كان من الممكن أن يستطيع الشاعر اليوم أن يكتب من خارج المكان دون أن يفقد ارتباطه به. ويوضح: من وجهة نظري، يمكن القول إن الشاعر العُماني اليوم يقف أمام تحدٍّ مهم يتمثل في إيجاد توازن واعٍ بين الموروث الشعبي الذي يشكّل ذاكرة المجتمع وثقافته، وبين الحداثة التي تفرض على الشعر رؤى وأساليب جديدة. ونستطيع القول أيضًا إن الشاعر العُماني بالفعل حاول أن يوازن بين هذين البعدين، وقد نجح عدد من الشعراء في كثير من الأحيان في تقديم تجارب تجمع بين الأصالة وروح العصر، وهذا النجاح لا يأتي صدفة، بل نتيجة إدراك أن التجديد لا يعني القطيعة، بل إعادة قراءة التراث وتفعيله في سياق معاصر، مع ضرورة أن يكون التجديد بحذر ووعي كي لا يفقد النص هويته.

وأضاف: أرى أن اللغة عنصر محوري في هذا التحول، فهي كائن حي يتطور مع الزمن. ولذلك باتت لغة القصيدة الشعبية العُمانية اليوم مختلفة عمّا كانت عليه سابقًا؛ تغيّر إيقاعها، واتسعت صورها، ودخلت إليها مفردات جديدة تعكس تحولات المجتمع وذائقة الجيل. ومع ذلك، تبقى الروح الشعبية حاضرة في نبرة النص وفي بنيته العميقة، وهذا ما يجعل القصيدة قادرة على التطور دون أن تنفصل عن جذورها، بل تستوعب تحولات الشاعر الداخلية ورؤيته للواقع المتغير من حوله.

وأكد العميري أن المكان العُماني يبرز بوصفه ركيزة أساسية في تشكيل الحس الشعري؛ فالقرية بسواقيها وأفلاجها ونخيلها وطينها، والبحر بأهازيجه ونوارسه، والصحراء باتساعها وأغاني حاديها، ليست مجرد صور محلية، بل ذاكرة حيّة تشكّل وجدان الشاعر. فالمكان هنا لا يظهر بوصفه خلفية، بل بوصفه جزءًا من التكوين الداخلي للشاعر، ينفذ إلى لغته وإيقاعه ويمنحه نبرة خاصة تعكس هوية المكان وتفاصيله. ولذلك ينعكس المكان في الصوت الشعري بمظاهر وأساليب كتابية متنوعة، تمتد أحيانًا لتكشف عمق التجربة الإنسانية ذاتها، لا حدود الجغرافيا فقط.

وأوضح: أعتقد أن الشاعر يستطيع الكتابة عن مكانه حتى وهو بعيد عنه؛ فالمكان ليس ثابتًا، بل متحوّل، لأنه يسكن الذاكرة ويسري في روح الإنسان. فالمسافات لا تقلل من حضوره في النص، بل تزيده عمقًا ورمزية، خصوصًا حين يتحوّل المكان في البعد إلى حنين ورمز وهوية. وهناك أمثلة لنصوص كثيرة في الشعر الشعبي العُماني حضر فيها المكان بشكل متفرد، كانت تحمل هذه الثيمة وتستثمرها لخلق شاعرية أكثر اتساعًا. كما أرى أن الشاعر يكتب من الخارج لكنه يكتب من الداخل فعليًا؛ من تجاربه الأولى، من طفولته ولغته وصوره الراسخة. وما دام يحمل هذا الرصيد معه، فإنه قادر على استعادة المكان شعريًا مهما ابتعد عنه، لأن المكان في الشعر يُعاد خلقه بالوجدان قبل أن يُستدعى على الورق.

فيما يتعرض الشاعر ناصر بن الغساني لوظيفة الشعر وما إذا كانت قد تغيّرت في سلطنة عُمان خلال العقدين الأخيرين، وما إذا كان الشعر أيضًا لا يزال فنًّا للتعبير الوجداني والجمالي، أم أصبح أيضًا مساحة للمساءلة والنقد وبناء الوعي. ويؤكد: الحياة في عمومها محليًا قد شهدت خلال العقدين الأخيرين تحولات اجتماعية وثقافية عميقة، انعكست بوضوح على الممارسات الفنية والأدبية، وفي مقدمتها الشعر. وإذا كان الشعر العُماني عبر تاريخه الطويل يميل إلى التعبير الوجداني وتمجيد القيم التراثية، فقد بات اليوم أكثر ارتباطًا بقضايا الإنسان المعاصر، وأكثر حضورًا في النقاشات الثقافية والاجتماعية.

وأضاف: هنا يمكن القول إن وظيفة الشعر قد تغيّرت، لا بمعنى فقدانه لجوهره الجمالي، بل من خلال اتساع فضائه ودخوله في منطقة جديدة من الوعي. وتمثل ذلك في تنوع الأصوات الشعرية؛ فلم يبقَ الشعر كما كان، لقد تبدّلت أشكاله كما تتبدّل الريح حين تعبر صحراء واسعة فتغيّر شكل الكثبان دون أن تغيّر جوهر الرمل. ففي العقدين الأخيرين، لم يعد الشاعر العُماني يكتفي بأن يكون راوياً لنبض القلب أو مؤرخاً لبهجة القبيلة، بل صار يمشي في الأزقة الجديدة للوعي، مستضيئًا بوهج الأسئلة التي خلّفها العصر.

وأشار إلى أن الشعر قد تحوّل من مرآة للوجد إلى مرآة للوجود، ومن غناء فردي إلى ساحة يتواجه فيها الحلم مع الواقع، والرغبة مع التحول. أصبح الشاعر، وهو يكتب، يُصغي إلى حركة المجتمع كما يُصغي إلى نبضه الداخلي، فيلتقط في القصيدة تناقضات الإنسان المعاصر: اتساع المدن، تبدل القيم، صمت الروح تحت زحمة التفاصيل اليومية. وهكذا أصبحت القصيدة العُمانية أشبه بحديقة تنمو فيها أزهارُ الوجد بجوار أشواك الأسئلة؛ فلا جمال بلا مساءلة، ولا مساءلة بلا لمسة جمال.

وأكد “الغساني” أنه في زمن الإعلام المتسارع، وجد الشعر نفسه محمولًا على أجنحة الضوء، يتداول بين المنصات، ويُقرأ بصوت جماعي لا بصوت واحد. ومع ذلك، لم يفقد سرّه القديم؛ لأن الشعر، مهما غيّرت التكنولوجيا هيئته، يبقى تلك الشرارة التي تحوّل التجربة إلى معنى، والمعنى إلى خلاص مؤقت. لكنّ هذا الخلاص لم يعد هروبًا من الواقع، بل مواجهة له؛ مواجهة تتجلى في نقد هادئ، في تعبير رمزي، في انقلاب اللغة على مألوفها كي تكشف ما خفي وتقول ما لا يُقال مباشرة.

وأوضح أن الشاعر العُماني اليوم لا يحمل فقط همّ عاطفته، بل يحمل أيضًا همّ وطنه، همّ هوية تتشكل من جديد، همّ أجيال تبحث عن نافذة تُطل منها على مستقبل أكثر اتساعًا. لذلك أصبحت القصيدة مكانًا للوعي، صوتًا يتساءل: من نحن؟ ماذا نفعل بهذا التغيير الذي يطرق أبوابنا؟ كيف نُعيد ترتيب علاقتنا بأنفسنا وبالعالم؟ ومن خلال هذه الأسئلة يولد الشعر ثانية: طفلًا وحكيمًا في آن، بريئًا ونافذًا، منسابًا في لغته، عميقًا في أثره. ومع ذلك، يظل الشعر في جوهره احتفالًا بالإنسان، ومساحة للدهشة ومرآة للروح، وممرًا بين الجمال والحقيقة. وهكذا، في ظل التحولات، لم يتغير الشعر بقدر ما اتسع؛ صار أفقًا يسع القلب والفكرة، العاطفة والوعي، الماضي الذي يلوّح من بعيد، والمستقبل الذي يفتح أبوابه على احتمالات لا تنتهي.

أما نبهان بن مسعود الصلتي فيقف عند سؤال: أين يقف الشعر العُماني اليوم في خريطة الشعر العربي؟ وما إذا استطاع هذا الشعر أن يقدم “نبرة” خاصة وملامح جمالية مميزة، مرورًا بالعناصر التي يراها الشاعر ضرورية لصناعة هذا الفضاء الشعري العُماني الأصيل والمتجدد. وقال: لا شك في أن سلطنة عُمان بلد ثقافي على مر العصور، وقد أخرجت الثقافة العُمانية الكثير من المبدعين في شتى أركان الثقافة والأدب. وما يعزز ذلك هو تاريخها العظيم الممتد عبر آلاف السنين، وعلاقاتها الثقافية في مختلف حضارات العالم، كونها مركزًا تجاريًا يمتلك جغرافية متميزة وطبيعة هي الأخرى مميزة، حيث تجمع أشكالًا متنوعة من المجتمعات الإنسانية التي شكلتها طبيعة المكان، متمثلة بأهل البحر وأهل البر وأهل الجبال وغيرهم، مما جعلها بيئة خصبة ومتنوعة من الثقافات والمؤثرات الفكرية والعاطفية.

وأضاف: من الطبيعي أن يبرز منها العديد من الأدباء والمثقفين على مر التاريخ. وبطبيعة الحال، فسلطنة عُمان كحال أي مجتمع إنساني، يتفاعل أفراده مع الحياة والطبيعة، فيولد من رحم المحيط الاجتماعي الأدباء والمفكرين المبدعين. وكوننا جزءًا أصيلًا من القومية العربية، يأتي الشعر كواحد من أهم نماذج التفاعل الإنساني وسبل التعبير عن الذات وسماء يطلق فيها الإنسان العُماني إبداعه.

وبيّن “الصلتي” أنه، في شأن المؤثرات السابقة، يتميز الشعر العُماني في الكثير من الزوايا والرؤى الثقافية، وأبرزها المفردة التي يعتمد عليها الشاعر العُماني لنقل الصورة الشعرية المرادة. كما أن هناك الثقافة الموروثة وخصوصيتها. ولهذا، تظل المدرسة العُمانية متميزة بخصوصيتها المرتبطة بسياقات المكان والتاريخ والوضع الاجتماعي المعاصر.

وأكد أن الأهم من ذلك هو أن الشعر العُماني اليوم – وأقصد بذلك أننا لو تتبعنا الساحة خلال العشرين سنة الماضية حتى الآن – نجده تطوّر وخطى خطوات كبيرة للخروج من التقليدية البحتة الممثلة بالشعر الشعبي المُنتج والمنتمي للفنون التقليدية، والمحدود في بحور شعرية معدودة مقارنة بالمحيط المجاور. ولم يكن ذلك الخروج انسلاخًا من الأصل الثقافي، وإنما خطوات أكثر للضوء والرحاب الإبداعية. ونحن نرى الآن الكثير من الأقلام العُمانية البارزة على المستوى العربي عمومًا والخليجي خاصة، والذي يتجلّى بعضه في النجاح في الفوز بالمسابقات الشعرية المختلفة، واختيار أسماء عُمانية لتحكيم أبرز المسابقات الشعرية. ويترافق ذلك مع بروز أسماء عُمانية كثيرة على المستوى العربي إعلاميًا، وأصبحت لهم جماهيرية تؤكد عبور القصيدة العُمانية للحدود ووصولها إلى ذائقة القارئ العربي، وذلك دون أن يتخلى الشاعر العُماني عن حمل إرثه الثقافي والاجتماعي، ودون تغريب للمفردة العُمانية أو التنازل عن الهوية الفكرية الخاصة، إنما تمسكًا بالإرث الثقافي واستخدام أنماط كتابة متجددة ومنسجمة مع اللغات الشعرية والأساليب الكتابية الدارجة، في مسار متناغم مع سيرورة القصيدة الشعبية الخليجية بالأخص.

وأكد قائلًا: من الملاحظ أنه في الفترة الأخيرة، للأسف، شحّت الساحة الشعرية بالمواهب، ولم نعد نسمع أو نقرأ أقلامًا جديدة تلفت الانتباه، أو على الأقل تعطينا ذلك الأمل بأن قطار السنوات الماضية لن يتوقف، بل سيواصل بسرعات وأمان أكثر. وعلينا أن نراجع أسباب ذلك ونبحث عمّا قد تكون المشكلة، ونسعى للبحث عن حلول تعيد الاهتمام بالأدب والشعر، خاصة في مجموعات الفئات العمرية التي في العادة تكون مركز انطلاق الموهبة. وعلى عاتقنا التركيز على المدارس والكليات والجامعات، وإعطاء الجانب الثقافي اهتمامًا ورعاية أكثر، لأن المجتمع المثقف مجتمع واعٍ ومبدع، والمجتمع المبدع مجتمع خالد.

ويتحدث الشاعر علي بن عبدالله الراسبي عن إمكانية الشاعر العُماني في الحفاظ على الموروث الشعري دون أن يتحول إلى مجرد صدى لأساليب شعرية قديمة، مع الإشارة إلى العودة إلى الذاكرة الشفوية والمخزون التراثي، وما إذا كان يشكّل ذلك ضرورة فنية أم عائقًا أمام حداثة القول. ويقول: الشعر كائن متجدّد بطبيعته، لا شك في ذلك. ومع كل هذا، فإن التجديد الذي يمر به الشعر لا ينفصل عن الموروث، فهو بلا شك يستمد من التاريخ كل ما هو جميل. وبالنسبة للشعر العُماني أو المدرسة العُمانية في الشعر، فقد مرّت بهذا التجديد بشكل واضح وجليّ على مستوى اللغة والصور الشعرية، وحتى على مستوى الشكل المتمثل في قصيدة التفعيلة.

وأضاف: لا أرى أن التجربة العُمانية انسلخت عن الموروث، حيث نجد المفردة العُمانية حاضرة، كما أن تأثير البيئة على الشاعر العُماني واضح؛ فالشاعر يستمد إبداعه من المحيط الذي يعيش فيه، وسلطنة عُمان بلد جميل وغني ثقافيًا وصاحب إرث تاريخي وحضاري كبير. كذلك أرى أن القصيدة العُمانية لا تزال تحمل هويتها، مع قدرة الشاعر العُماني على الحفاظ على روح الموروث الشعري دون أن يتحول إلى مجرد أبواق تردد قوالب قديمة. ولابد أن نشير إلى أن هناك شعراء عُمانيين متمكنين أدخلوا أبياتًا من عدة فنون مثل الرزحة والميدان والعازي على القصيدة الحديثة، وغالبًا ما تكون هذه القصيدة غير عمودية بل تفعيلة. وهناك نصوص عديدة حملت على عاتقها التجديد والموروث معًا بشكل جميل. كما أرى أن العودة إلى الذاكرة الشفوية والمخزون التراثي ضرورة فنية وإبداعية إذا ما تم توظيفها بالشكل المناسب. وللأمانة، فإن كل ما يبقى في الذاكرة مميز وجميل، ولذلك نعتز بالموروث العُماني الأصيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى