بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

أوزبكستان الجديدة عشية الذكرى الرابعة والثلاثين لاستقلالها

جميلة بوبونازاروفا

عضو مجلس الشيوخ المجلس الأعلى لجمهورية أوزبكستان

 

 

في ظل الإصلاحات الشاملة التي تم إطلاقها منذ استقلال بلدنا، ترسخت أسس الدولة الوطنية، وتُوِّق ضمان سيادتها وسلامة حدودها. واتُخذت خطوات كبيرة لترسيخ أجواء السلام والطمأنينة، وتعزيز التوافق بين مختلف القوميات، وتعزيز التسامح، وترسيخ سيادة القانون، فضلاً عن حماية حقوق الإنسان وحرياته ومصالحه الشرعية.

وفي عهد «أوزبكستان الجديدة»، شهد الاقتصاد نَموًا سريعًا، فقد تجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، 110 مليار دولار. وتم إطلاق برامج ومشاريع ضخمة للانتقال نحو اقتصاد «أخضر» وابتكاري، ولتطوير مصادر الطاقة البديلة — ما يضمن تنافسية الدولة ويؤسس لمستويات خيرية أعلى في حياة المواطنين.

اليوم، يشهد العالم حالة من القلق غير المسبوق. الحروب التجارية والصراعات المسلحة تُهدّد الاستقرار الاقتصادي العالمي. وفي ظل هذه التحديات، تسير الإصلاحات الديمقراطية في أوزبكستان بخطى واثقة عبر مختلف المجالات، إذ تُمارس البلاد، بصفة الفاعل المتساوي داخل العلاقات الدولية، سياسة خارجية عملية ومرنة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتقيم علاقات متبادلة المنفعة مع شركائها في الخارج.

حضارات آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي يمثلان شركاء تقليديين، وقد ارتقت العلاقات معهم إلى مستويات جديدة. ففي سمرقند نُظِّمَ أول قمة حول «آسيا الوسطى – الاتحاد الأوروبي». وخلال كلمته، أكّد رئيس أوزبكستان أن العلاقات القائمة على جذور تاريخية موغلة في القدم تتطور بسرعة في ظل ظروف اليوم. ولفت النظر إلى أننا نشهد تصاعد التوتر الجيوسياسي، وتعقيد التحديات الأمنية والنزاعات الإقليمية الكبرى، فضلاً عن العقبات الاجتماعية والاقتصادية في مسار التنمية المستدامة، مما يُبرز أهمية التعاون الدولي لبناء حلول فعّالة ومستدامة.

من زاوية أخرى، يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر تجمع للتكامل الإقليمي في العالم، يجمع 27 دولة، منها ثلاثة أعضاء من مجموعة السبع الكبرى (ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا)، ويُعمر أكثر من 500 مليون نسمة، بإجمالي ناتج محلي اسمي يفوق 19 تريليون يورو، ويصل إلى 26 تريليون يورو عند احتساب تعادل القدرة الشرائية.

وبصفته أكبر سوق تصدير في العالم، يسعى الاتحاد لتعزيز حركة تجارته العالمية وتنمية العلاقات الاقتصادية الخارجية. ولهذا، يصب في مصلحته تعميق التعاون مع دول آسيا الوسطى. إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين أوزبكستان ودول الاتحاد الأوروبي 6.4 مليار دولار في 2024، بزيادة 5.2% عن العام السابق. ويُشغّل البلد أكثر من ألف منشأة بمشاركة أوروبية، وتبلغ قيمة المشاريع الاستثمارية نحو 30 مليار يورو.

كما أُعزّزت علاقاتنا الاقتصادية والدبلوماسية مؤخرًا مع روسيا، والصين، والولايات المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وتركيا، وغيرها من القوى الآسيوية الكبرى، لا سيما مع جمهوريات آسيا الوسطى، في إطار شراكة استراتيجية مبنية على الصداقة وحسن الجوار.

وفي مكافحة الإرهاب والتهديدات الأخرى، وسعْنَا آفاق التعاون عبر العمل مع الأمم المتحدة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمات دولية أخرى. وفي شهادةٍ على المسار الكبير الذي قطعه بلدنا في تعزيز السلام والتعاون، منح رئيس أوزبكستان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وسام “الصداقة الرفيع المستوى” — أحد أرفع أوسمة الدولة — تقديرًا لدوره في تعزيز التضامن العالمي وكفاءة الأمم المتحدة، وإلى ترسيخ أواصر التعاون بين أوزبكستان والمنظمة.

من جهة أخرى، تشير التوقعات إلى أن النمو الاقتصادي في النصف الأول من 2025 سيبلغ بين 6.7 و6.8%، يشمل تحسّناً ملحوظاً في الإنتاج الصناعي (6.3%)، والخدمات السوقية (13.5%)، والزراعة (4%)، وأعمال البناء (9.7%). وسجل حجم خدمات السوق نحو 459.7 تريليون سوم، بارتفاع 13.5% عن العام السابق، مع نمو خاص في الاتصالات والمعلومات (23.2%)، والمالية (18.2%)، والنقل (13.6%)، والتجارة (9.2%)، والتعليم (9.1%)، والخدمات الفندقية والغذائية (7.5%)، إضافة إلى زيادة 25.9% في العائدات من الخدمات المدفوعة. وسجل حجم الصادرات 16.9 مليار دولار، متوقعًا ارتفاعًا بنسبة 23% في الصادرات من السلع والخدمات (من دون التصدير الخاص) لتصل إلى 10.4 مليار.

وتؤكد هذه البيانات أن سياساتنا الاقتصادية أفضت إلى نتائج ملموسة. فقد أسهمت إجراءات تبسيط إجراءات التصدير، وتفعيل المنصات الإلكترونية، ودعم الدولة للمُصنعين المحليين، والدبلوماسية الاقتصادية في فتح أسواق جديدة. وقد وصلت الصادرات عبر 1,557 منشأة جديدة إلى نحو 650 مليون دولار خلال الأشهر الستة الأولى من العام.

ولعبت إصلاحات الزراعة، وتصنيع المواد الإنشائية، وتطوير السياحة وتكنولوجيا المعلومات دورًا بارزًا في هذا النجاح. وقد ارتفعت صادرات الفواكه والخضروات بنسبة 140% إلى 243 مليون، والصناعات التحويلية والمجوهرات 170 مليون (زيادة بمقدار 4.6 مرات)، والخدمات المعلوماتية 219 مليون (نمو 193%)، والسياحة 705 مليون (ارتفاع 154%). وحققت المناطق المحلية إنجازات لافتة: ففي طشقند بلغت الصادرات 493 مليون (131%)، وفي سمرقند 138%، وسرخانداريا 162%، وفي فرغانة، وخورزم، وناووي تجاوزت نسب النمو 100%.

كل هذا يدعم الاستقلال الوطني ويعزز مسيرة بناء «أوزبكستان الجديدة» التي تصبو إلى تحويل رفاهية الشعب إلى واقع ملموس اليوم، وليس غدًا.

كل شيء من أجل الوطن، ولأجل الأمة، وباسم الشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى