بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

الانهزامية عنوان الإخفاق

كتبت/ ترياء البنا

 

يخوض منتخبنا الوطني اليوم ثالث وربما آخر مبارياته بكأس العرب 2025، بعد جولتين مخيبتين للآمال بخسارة أولى أمام الشقيق السعودي، وتعادل سلبي أمام المغرب الذي يشارك بالصف الثاني، ومنحنا فرصة ثمينة للتقدم حينما طرد مهاجمه عبدالرزاق حمدا الله بعد 13 دقيقة من بداية الشوط الثاني، ولكننا فرطنا في فوز كان مهما جدا للإبقاء على حظوظنا في التأهل إلى الدور الثاني، قبل لقاء اليوم أمام منتخب جزر القمر.

قبل انطلاق البطولة ومع معرفتنا بمنتخبات المجموعة، كان الجميع يدرك صعوبة التأهل من مجموعة تضم المغرب والسعودية، وربما هذا الشعور بحد ذاته سببا رئيسا في الانهزامية التي ظهر ويظهر عليها اللاعبون مع كل استحقاق خارجي، بصراحة نحن لا نثق في اللاعبين ولا الجهاز الفني، وليس هذا الجهاز فقط، بل جميع الأجهزة الفنية التي مرت على منتخبنا، وهذا أمر غير صحي أبدا، لأنه يهدم أي بناء قبل حتى انطلاق صافرة المباراة الأولى لنا بأية بطولة، حتى إذا ردد البعض على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بأنه يثق في قدرات وإمكانيات لاعبينا.

ومع كل مشاركة وخيبة أمل، يظهر لنا العمل الجاد للآخرين، أننا مخطئون، لأنه في الوقت الذي يقول فيه البعض إن فلسطين وسوريا حققا المستحيل بالتأهل إلى الدور الثاني من كأس العرب الحالية على حساب قطر( بطل كأس آسيا الأخيرة والمتأهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026، وتونس وصيف البطولة الماضية للكأس العربية والمتأهلة أيضا إلى المونديال العالمي( رغم أنها تشارك بالصف الثاني، بسبب بطولة الأمم الأفريقية)، فقد نسي أن منتخبي سوريا وفلسطين لم يطفوا على السطح فجأة، ولكن المتابع لهما يدرك أن هذا نتاج عمل تراكمي، فقد ظهر المنتخبان في كأس آسيا بالدوحة بشكل متميز وقدما مباريات جيدة، ولولا مواجهة الفدائي لقطر لكان وصل إلى قبل نهائي البطولة وربما النهائي، ولا ننسى أن هذا المنتخب قلب حسابات مجموعته في المرحلة الثالثة والحاسمة للتصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم بنتائجه وأدائه الذي أبهر الجميع.

كذلك لولا تراجع هيكتور كوبر المبالغ فيه أمام إيران المنتقص لاعبا لربما أخرجت سوريا إيران ووصلت إلى نقطة أبعد في الكأس القارية.

العمل في كرة القدم تراكمي، تصل في بطولة إلى نقطة، وفي البطولة التالية تصل إلى نقطة أبعد وتواصل التطور المتسلسل حتى تصل إلى تحقيق إنجاز، أما وأن تصطبغ بالانهزامية قبل أية مشاركة فهذا يهدم أي أساس قد تبني عليه.

خضنا تحت قيادة كارلوس كيروش مباريات مفصلية في ملحق التصفيات وكأس العرب، ولكننا قبل كل لقاء كنا نوقن أننا سنخذل، ليس بسبب المدرب( فإحقاقا للحق ظهرنا مع كيروش بالتزام خططي جيد خاصة على مستوى الدفاع)، بل بسبب الجميع، وفي مقدمتهم اللاعبون، وهذا يعني أننا لم نصل بعد إلى نقطة الصفر التي نبدأ معها العمل السليم والممنهج، فالاجتهادات في كرة القدم لا تحقق الإنجازات.

وبالعودة إلى لقاء اليوم المرتقب أمام جزر القمر في الجولة الثالثة من دور المجموعات، فأجزم أن معظم الجماهير والمختصين بالشأن الكروي العماني، لا يثق في قدرتنا على تحقيق فوز يحفظ ماء الوجه، لأن تعادل المغرب والسعودية يصعد بهما إلى الدور الثاني، ذلك لأننا نفتقد لأمور كثيرة أهمها العزيمة والإصرار والقتالية في الأداء.

معظم لاعبي المنتخبات الضعيفة في أية بطولة، يقدم أفضل ما لديه، فإذا ما حقق منتخبه نتيجة إيجابية، يكون قد حظي هو بفرصة احتراف جيدة في أحد الدوريات الكبيرة، أما معنا فالأمر مختلف تماما، لذلك لا تتاح للاعبينا فرص احترافية على مستوى كبير، وحتى التي أتيحت وليست على قدر المستوى، لا يواصل فيها لاعبونا بمستوى جيد وتنتهي مبكرا.

أخيرا.. أظهرت بطولة كأس العرب الحالية شكلا مختلفا لمنتخبنا مع كيروش رغم غياب عناصر مهمة على رأسها عبدالرحمن المشيفري ومحسن الغساني، فهل سيجدد اتحاد الكرة الثقة في المدرب ليبدأ العمل من الآن لكأس آسيا 2027، أم سيستجيب لبعض الأصوات التي تنادي برحيله؟، وهي ذات الأصوات التي تنادي دائما برحيل المدربين مع كل إخفاق متناسين أن المدير الفني أحد أفراد منظومة العمل وأنه ليس العنصر الأهم، لأن بعض المدربين الذين لا يمتلكون الخبرات الكبيرة يستطيعون تحقيق الإنجازات إذا توفرت لديهم أدوات النجاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى