
القلوب النقية ليست ضعفا..
زينب بنت حمود الحبسية
توجد في حياتنا اشياء مشتركة بين الأشخاص الطيبين أصحاب الأرواح الصادقة والقلوب النقية ونجدهم يمتلكون بوصلة ، أخلاقية داخلية دائما يسألون أنفسهم عن علاقاتهم بالآخرين، يراجعون تصرفاتهم ويحاسبون أنفسهم، ويقولون هل كنت معتدلا في تصرفاتي؟، وهل قدمت ما يكفي لأهلي واصحابي وعملي ومجتمعي الذي اعيش فيه؟، وهل ما أقدمه يعود بالنفع على ديني وعقيدتي ووطني الذي أحيا من أجله؟، وهل جرحت أشخاصاً في حياتي دون قصد؟، وإن حدث ذلك كيف يمكنني اصلاحه؟، وانا في قرارة نفسي اعتبر هذه المحاسبة الداخلية الذاتية ليست عدم ثقه، وإنما هي علامة على ضمير حي وشعور بالمسؤولية، لكن المدهش والغريب أن بعض من الأشخاص رغم صفاتهم وصلاحهم ونقاء سريرتهم؛ قد يقعون في فخ جلد الذات؛ حيث انهم يشعرون بالذنب اذا قصروا في شيء معين حتى لوكان ذلك دون قصد ويحملون انفسهم احيانا حتى مسؤولية مشاعر الآخرين وإحزانهم وتكون ردود أفعالهم هي القاضي ، والحكم الداخلي على أنفسهم يكون قاسيا جدا ولايتسامح مع نفسه بسهولة ، وينسى الحقيقة الأصلية البسيطة.
انهم بشر يحق لهم أن يخطئوا بحق غيرهم ويقصروا ويعتذروا ويصلحون مواقفهم ويتسامحون وهذه حكمة ربانية، وطبيعي في بني البشر وهو دليل على النضج والتجارب والرفق الذي يصاحبه اللين والمحبة وتصحيح الاخطاء ونلتمس الأعذار لبعضنا البعض ونصل للتغذية الراجعة المستمرة لأنفسنا واحترام أراء وافكار ووجهات نظر الآخرين وكل هذه مناهج ربانية حثنا إليها ديننا الاسلامي الحنيف من خلال التشاور والتسامح وقبول أراء واعذار الآخرين فنتعلم من الكبير والصغير والذكر والأنثى والقريب والبعيد واخطاؤنا لا تلغي طيبتنا بل هي جزء اساسي من رحلة الحياة والنموذج والانسانية وعن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كلُّ بني آدم خَطَّاءٌ، وخيرُ الخَطَّائِينَ التوابون».
حديث حسن – [رواه الترمذي وابن ماجه والدارمي وأحمد]، ولقد نهانا النبي المصطفى عليه افضل الصلاة وأتم التسليم عن هجر المسلم أخيه المسلم أكثر من ثلاث ليال، يلتقي كلٌّ منهما بالآخر ولا يسلم عليه ولا يكلمه، وأفضل هذين المتخاصمين مَن يُحاوِل إزالةَ الهجر، ويبدأ بالسلام، والمراد بالهجر هنا الهجر لحظ النفس، أما الهجر لحق الله تعالى كهجر العصاة والمبتدعة وقرناء السوء، فهذا لا يُؤقَّت بوقت، وإنما هو معلق بالمصلحة في الهجر، ويزول ويخلو الإنسان من الخطيئة، لما فُطر عليه من الضعف، وعدم الانقياد لمولاه سبحانه وتعالى في فعل ما دعاه إليه، وترك ما نهاه عنه، لكنه سبحانه وتعالى فتح باب التوبة لعباده.