مَصَـرْ عُـمانـي بخـيـوط ذهـبـية..
حـمــد الـنـاصــري
مَصَـرْ عُـمانـي بخـيـوط ذهـبـية..
انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى مَنصة مدونة تويتر ، مقطع مُصوراً لشاب عُماني تحدّث فيه، عن علامات بذخ وترف وتفاخر فيه من الحماقة الكثير.. مُعَبراً عن امتلاكه لِمَصرّ عُماني جديد به خيوط من ذهب اشتراه من مَصنع آسيوي يُنتج ويُصدّر مَصار عُمانية وعربية ، وعلّل لُبسه لِلمصرّ المُطرّز بالذهب يأتي من الذوق الرفيع وأنه يحثّ المجتمع إلى الكشخة في الحياة .. ومردّ ذوقه الرفيع هو الفشخرة كدليل على الترف المادي وعلى التبذير العالي والاسراف لنعيم الحياة المُترفة.
ولا تخلو مقاطع أخرى ظهرتْ في كثير من المناسبات الاجتماعية ، كسعر لمصرّ عُماني وصَل سِعر القطعة الواحدة 700 سبعمائة ريال عماني أو يزيد قليلاً؛ وتداول نُشطاء التواصل الاجتماعي على حساباتهم بأنّ “نعال” حذاء معروضة في محلات الأوبرا بسعر بلغ الـ 700 ريال أيضاً .. ولستُ هنا لتبيان مقاصد شرعية، لكنه الوقوف على انتشار مقطع مُصوّر يَتباهى فيه الناشر بالمصرّ المُذهب أو تم إدخال خيوط من ذهب خالص ، فتلك جديدة علينا في السلطنة ، وقد اعتدنا في عُمان حتى في طريقة البيع والشراء ، أنّ نلتزم بخواص من القيم في تعاملات الأسواق ، وأنْ نرتقي بخواص مُتميزة في البيع والشراء ، ومن ضمن تلك الخواص ، الأمانة والصدق ومُراعاة قيم البيع ومُداراة ظروف الشّاري ، تلك هي القِيَم العُمانية التي تحضّ على تحسين علاقة الناس ببعضهم ، وتحضّهم على مُداراة أحوال مَعايشهم .. وخلاف ذلك فقد تعدّه القيم العُمانية وأخلاق الرجال مُخالفة للمقاصد الانسانية ، شرعية او قيميّة .. وما رأيناهُ في ذلك المقطع ، وما عُرض فيه من أشياء ثمينة بغرض التباهي ، هيَ بحق بقصد استثارة مشاعر الاخرين وزيادة حنقهم وإثارة سَخطهم وغضبهم، ولذلك اعتبرها البعض ، عرض مُخلّ للآداب العامة ومُضرّة بالأخلاق ومُخالفة للسّمت ، ويُعرّف السَمت العُماني بـ “العُرف الاجتماعي” عند البعض الآخر، فذلك السّمت الجميل عُرف بأنه محلّ ثناء ومحبّة الناس وإعجابهم بالمجتمع ، كما يَنمّ عن احترام العُمانيين لبعضهم وإلى تقديرهم للزائرين ، وكل ذلك من مقاصد الاستقرار الاجتماعي.
ورسولنا الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم نهىَ عن لبس الرجال الذهب والحرير لحكمة بالغة في الدِّين .. ولأسباب يَعلمها الله من ذلك التحريم . ولكيْ لا يَنجر الرجال إلى استسهال المُنكرات فينتشر الفساد بين الناس ، وقد خصّ الله النساء بِلبس الحُليّ كافة لأنه زِيْنة لها .. ولكون الموبقات الحديثة أسرع من انتشار النار في الهشيم ، فقد انتشرت مَقاطع لصُور العيد لعام 2022 على وسائل التواصل الاجتماعي وظهر رجل وزوجه ؛ فيُغطي الرجل وجهه وتختفي صُورته كُلّياً إلا من أعلى الرأس وتظهر صُورة المرأة كاملة بلباسها المُتراصّ .. وتساءلت إحدى المغرّدات .. متى صارت صُور النساء حلالاً وصُور الرجال عورة ؟!! وقالت غاية بنت محمد الشعيلية في تغريدتها “مَصَرْ به خيوط من ذهب ؟!! متى صار لبس الذهب حلالاً للرجل ؟!” وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي وحلّ لإناثهم” ، ونفهم من الحديث أنّ الذهب حرام لأنّ فيه تَشبّه بالنساء وحُرّم لبسه للرجال خشية الوقوع في الفساد والإفساد وكلاهما محرّم قَطْعاً !!.
ولم يتوقّف الفساد الجديد بل تطوّرتْ مُوبقاته الحديثة إلى قلق غير مسبوق في مُجتمعنا المُحافظ.. فانتشرت مقاطع مُصورة لتكبيرات العيد على أنغام ودندنة العود .. بلحن ودندنة على شعائرنا الدينية وهو أمرٌ بالغ الخطورة ويُشكّل تعدّياً على الدين الإسلامي الذي يَعدّها تطاولاً جسيماً وجُرأة وحماقة اخلاقية واندحار للقيم العالية ، لذا فإنّ إعادة النظر لكل ما يُنتشر عبر هذه الوسائل الاجتماعية وتجريمها بمواد قانونية تتضمّن احترام القيم الاجتماعية، سوف تكفل احترامها وتُقلّل من سُلوكياتها السلبية وتُقيّم افعال اخلاقها ، وقد تعمل على التقليل والتخفيف من انغماسها في علاقات مُشينة.
الخـلاصـة..
نقول : إنْ لم تُسنّ قوانين مُجرِّمة فغداً سوف نجد من يُدندن بألحان موسيقية عند إقامة الصلاة ، ودندنة على شعائرها ايضاً.؛ وعليه ندعو الجهات المعنية بمنع الملبوسات المحرّمة شرعاً وكل ما يخرج عن القيم الإسلامية وأخلاقياتها .. ونقول بأنّ الحاجة باتتْ مُلحة جداً لتخصيص قسم للآداب العامة يتبع الشرطة ، كما أنّ وجود ضوابط اخلاقية لمعالجة قضايا الانحراف وتضمينها بمنظومة من القيم وبأخلاقنا العُمانية وبزيادة جرعة الرشاد للناشئة سوف تُحصنهم من الانجرار إليها .. كذلك فإنّ الحثّ على زيادة التوعية الدينية في الجامعات والمساجد والمدارس سوف تُقلّل من تلك الظواهر المُسيئة للأدب وتمنع انتشارها ، وأنْ نتبنّى القضايا التي تُؤرق المجتمع اعلامياً وإيقافها من خلال تَقييد ضررها بموجب القانون وبأحكام بالغة الاهمية.