“الكُرْه” بين الأزواج وأسبابه…!!
الدكتـور/ محـمـد المـعـمـوري
كاتـب وباحـث عـراقـي
“الكُرْه” بين الأزواج وأسبابه…!!
في أحد معاهد تعلم اللغة الانكليزية في بريطانيا اشتركت مع طلاب عرب ببرنامج مكثف للغة الإنكليزية .. وكان معي في هذا البرنامج طالِبَيْن من دولة عربية، وكانت مدرسة الإنكليزية “هيلين” تتعامل معنا بكل لطف…، تفاجأنا في صباح أحد الأيام ونحن داخل قاعة الدرس التي تضم ثلاثة طلاب من ضمنهم أنا، أن زميلاً لنا بدون أي مقدمة يقول للمدرسة (هيلين إني أحبك)، تبسمت بكل ثقة، وقالت له شكراً، اندهشنا من تصرفهما فكان اعتقادنا أنه ارتكب خطأً لأنه يصارحها بشيء غير مسموح لطالب أن يفعله مع مدرسته، وهي فهمت أنه يحمل اتجاهها مشاعر نبيلة فتقبلت الموضوع، وقبل أن ينتهي برنامجنا التعليمي سألتها وكنت أحمل كل الفضول لأعلم كيف تقبلت كلمت زميلنا لها .. قلت لها أنا تفاجأت عندما لم يبدر منك رد فعل على صاحبنا وهو يصارحك بحبه، تبسمت وقالت : ماذا لو قال لي أكرهك ؟؟!!.
حقيقة كلمة الحب لها معان لا يعلمها إلا من تحسس بها أو دخل في أعماقها؛ فهي تعني الأمان، والأمان وحده يكفي لكي يخلق أجمل حياة بين البشر، أما الكره فهي كلمة تعطي لمن يتلقاها ألف تفسير، وما يهمني هنا هو الكره بين الأزواج؛ لأنني من خلال دراستي لحالات التفكك الاجتماعي في الأسرة العربية تبين لي أن فقدان الحب وزواله هو الكارثة التي حلت بالمجتمع فتناغمت مع مسببات كثيرة جعلت من النسيج الأسري هشاً لا يقوى على تحمل الصعاب أو مواجهة المشاكل مهما كانت بسيطة.
ولو تمعنا جيداً في الأسرة لوجدنا أن الأسرة تستند في تكوينها على الأب والأم، وما يجمع نسيج تلك الأسرة الأطفال، ولم تكن أي أسرة تحمل كل مقومات النجاح إلا بعد أن يكون الحب هو العامل الأساس في تكوينها، فلا غنى يغني عن الحب في الأسرة، والأسرة المحبة تتحطم عندها كل المشاكل، فنجد الأسر متماسكة بحب الزوجة لزوجها والزوج لزوجته، ومن خلال هذا الحب ينعم الأطفال بدفء العاطفة؛ فيتكون في تلك الأسرة الرضا عن كل شيء.
ومن الجانب الآخر فإننا نرى بيت العنكبوت تكونه أسرة بتشظي أواصرها وانغماسها في تشتتها؛ لربما لأن الزوجة قد وضعت حاجزاً ليكون مع الأيام جدار كره لزوجها، وربما لم يكن الزوج قادراً على تفهم مزاجيات وتقلبات زوجته، وهنا عليَّ التوقف لأوضح سبباً مهماً في تهالك هذا النوع من الأسر، ويمكن أن أجمله بتدخل أهل الزوجة في حياة تلك العائلة، ومحاولة تشويه صورة الزوج، وعدم رضاهم عن كل ما يقدمه لزوجته أو يحاول المحافظة على كيان عائلته .. ولكن!!.
أعتقد مصارحة الزوجة لزوجها بكراهيته هي أقسى حالات التفكك الاسري خاصة إذا ما قورنت تلك الكلمة مع تصرفات تؤكد معناها، أما صراحة الزوج لزوجته أنه يكرهها فاعتقد أنها تعتبر مزحة بالنسبة للمرأة؛ لأن المرأة تعلم أن الرجل الذي يكره المرأة لا يحتاج لأن يعترف لها؛ خاصة زوجته فإنه سيسلك سلوكاً يناقض مع ماهو معروف عنه في تصرفاته اتجاه بيته، ونادراً ما تصارح المرأه زوجها بكراهيته لأنها تعلم أنه ستؤول إلى عدة أمور تقتل كل شيء؛ لذلك فإن نطق المرأة بكلمة أكرهك مع تصرفات تدل عليها؛ أعتقد بعدها علي الرجل حينها أن يذهب إلى “أبغض الحلال” دون تردد لأن بعدها ستحصل الكارثة.
ولماذا المرأة مهمة في الاسرة ؟ لأن الأم في الأسرة هي الأصر الأكثر قوة بين أواصر الأسرة، ولو تفتت تلك اأصرة فلا يمكن أن تجمع حلقاتها؛ كون الأم هي مفتاح السعادة للبيت، وهي منهل العطاء وينبوع الحب الذي يبعث الأمان؛ فما بال الأسرة التي تفقد الأمان إلا أن تتجه نحو قاع من التشتت والانهيار .. والله المستعان.
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))
الموده والرحمة أساس البيت السعيد
بوركت دكتورنا الغالي وجزاك الله خيرا