
طرد الوسواس يكسبك السعادة بين الناس
زينب بنت حمود الحبسية
الوسواس هو : أفكار أو صور أو دوافع غير منطقية تتكرر في الذهن بشكل لا إرادي وتسبب ضيقاً وقلقاً كبيراً، وتكون كفرطة تعيق الحياة اليومية.
كل البشر في هذه الحياة الدنيا مهما اختلفت لهجاتهم ولغاتهم وصفاتهم وجنسياتهم ينشدون شيئاً واحداً؛ هو السعادة؛ فنراهم يكدون ويكدحون ويجتهدون، ويسعون بكل حرص بالمال والعيال والصحة والسلطان والجاه والأهم من كل ذلك بالعلم، وأحيانا بالحرب والنزال، هنا نوجه أنفسنا والآخرين؛ أن سعادتنا بإذن الله الواحد الأحد، وليس بإذن البشر والناس، ولقد وهبنا الله عزوجل النعم العظيمة التي لا تعد ولا تحصى، وسخر لنا كل ما نتمناه لنعيش حياة طيبة، ولكن بسبب الوساوس والأفكار السلبية والأوهام الذهنية والتواكل والتخاذل والاستعجال؛ فلا تطيب الحياة بين هذه الصعوبات ممايؤدي الى :
الاضطراب : هو خلل في الوظائف الطبيعية للجسم أو العقل، ويسبب صعوبة في المهام الوظيفية الطبيعية، كما يسبب مشاكل في التفكير أو السلوك أو المشاعر ..
القلق : وهو احدالمشاعر الأساسية الطبيعية لدى الانسان، ويعني الإحساس بالخطر وعدم الاطمئنان.
الخوف : قلق نفسي لايخضع للعقل يساور الانسان على شكل رهبة تخرجه عن السيطرة والخروج عن المألوف.
التصرفات الغريبة : يعتبر السلوك غير طبيعي، عندما يكون غير نمطي أو خارج عن المألوف، ويتألف من سلوك غير مرغوب فيه ويؤدي إلى ضعف في أداء الفرد.
التخيلات والأوهام : هما مفاهيم مرتبطة بالارتباط النفسي؛ حيث تشمل الأوهام والاعتقادات بسبب الضغط النفسي.
الوسواس القهري : هو اضطراب نفسي يتسم بوجود أفكار ومخاوف متكررة وغير منطقية؛ هواجس تسبب قلقاً شديداً؛ مما يجعل الشخص يُقدِمُ على فعل سلوكيات متكررة.
الأرق : هو صعوبة في النوم أو البقاء نائماً بشكل كاف للحصول على راحة منعشة مما يؤدي إلى الشعور بالتعب وبعدم الرضا، وقد يكون لفترة قصيرة؛ أيام أو أشهر أو سنوات، ويؤدي ذلك الى ضعف في أداء المهام الوظيفية والإدراكية، كما يؤثر سلبا على الصحة الجسدية والنفسية.
مصادر الوسواس :
الذنوب والمعاصي :
المعاصي عكس الطاعات وهي الذنب والمخالفات، ومعصية الانسان لربه؛بمعنى مخالفة أمر الله عز وجل، وارتكاب النواهي والمعاصي والذنوب.
ولكي نبتعد عن هذا الوسواس لابد لنا أن نجود بالسعادة على من حولنا ونحن نبذلها للآخرين، والجزاء من جنس العمل. وهذا الإحسان يكون بالكلمة الطيبة؛ قال الله تعالى؛ (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) الاية 83 من سورة البقرة، وتفسيرها أن تتكلم مع الناس بالقول الطيب، واللين والخلق الحسن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و الصبر وإلقاء السلام وذكر الحق سبحانه “ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”… سورة البقرة؛ الآية : (195).
وذكر الحق سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية (177) : * ولقد أرشدنا الله عز وجل في كتابه الكريم على البر والتوزيعات في الطاعات والبعد عن الوسواس والإكثار من أعمال الخير؛ كمساعدة ابن السبيل والمسافر المنقطع عن أهله، وفي الرقاب أي تحريرها من الرق والأسر، والصابرين في البأساء والمرض والفقر والسقم والألم وفي قتال العدو؛
قال الله عز وجل : (لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ سورة البقرة الاية : (177)،
ونتعلم أيضا من الاية الكريمة أن الحياة ليست علاقة بالخالق بالعبادات والطاعات فقط، ولكن علاقة الإنسان بأخيه الإنسان بالزكاة والصدقة والإحسان وكفالة اليتيم وبر الوالدين وصلة الارحام، وهذه العلاقة يشملها التوازن الداخلي دون خلل حتى لايتخللها الضيق والهواجس والفساد ممايؤدي إلى الاختناق والوسواس.
في السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم : “أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا”، ويمكن إضافة تتمة الحديث وهي : “ولأنْ أَمْشِيَ مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ أَعْتَكِفَ في هذا المسجد – يعني : مسجدَ المدينةِ – شهرًا”، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كظمَ غَيْظَهُ ولو شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلْبَهُ رضًى يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخيهِ في حاجتهِ حَتَّى يُثْبِتَها لهُ أثبتَ اللهُ تَعالى قَدَمَهُ يومَ تزلُّ الأقدامُ”.
إن الشيطان يأتي لبني الانسان ويوسوس له بالفقر، ويجدد للإنسان الشح والبخل والظلم والتعالي والتكبر والعصبية. قال الله تعالى : (ٱلشَّيۡطَٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡرَ وَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغۡفِرَةٗ مِّنۡهُ وَفَضۡلٗاۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ) الآيات 269 – 270من سورة البقرة.
من الصعب أن يعيش الإنسان السعادة الحقيقة وهو يبخل بها على غيره مع قدرته على منحها لهم، وإن أسعدتهم أخلف الله عليك وأورثك راحة البال، وسعادة القلب، وطمأنينة النفس. قال الله عز وجل في كتابه الكريم : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). الآية 39) من سورة سبأ.
ولقد قال أحد الصالحين : إن الله عزوجل عودني الرزق والخير الوفير؛ فعودت نفسي الصدقة والزكاة لأطهر ما أعطاني الله عز وجل؛ وأخاف أن أقطع عادتي عن عباده ولا أوفي الحق الذي أعطاني الله عز وجل.
وفعل الخير والمعروف يكثر الحسنات، والصدقة تطفيء الغضب عند الناس الذين يستحقونها كما يطفي ء الماء النار.
جعلنا الله تعالى من المحافظين على شرع الله عز وجل، الواثقين بكرمه سبحانه وتعالى وعطاياه؛ آخذين بالأسباب لتحقيق السعادة مبتعدين عن الوسواس بأنواعه من خلال التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام، والاستعانة بالله عز وجل، البناء على اليقين والبعد عن الشك، وتجنب التكلف، وصلاة الجماعة، والتامل والتفكر في عظمة الله عز وجل، وطلب المساعدة، والثقة واليقين الدائم أن الفضل والكرم والجود والحياة والممات وكل حركاتنا وسكناتنا وأرزقنا بيد الله عز وجل وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.