
حين يُلام المُصلِح !!
أحمد الفقيه العجيلي
كلما حاول أحدهم تسليط الضوء على ظواهر دخيلة بدأت تنتشر في بعض المواقع السياحية أو الفعاليات العامة،
ظواهر تمسّ قيم المجتمع الدينية والعادات المتوارثة،
فإذا بالردود تتقافز :
“لا تنشروا، لا تفضحوا، لا تشيعوا الفاحشة!”.
وكأن السكوت أصبح هو الحل، وكأن التنبيه على الخلل هو الجريمة!.
لقد اختلطت عند بعض الناس نية الستر بواجب الإصلاح، فظنّوا أن الإنكار يعني التشهير، مع أن الغاية من النشر هي إيصال الظاهرة إلى الجهات المختصة لمعالجتها،
لا بثّها للناس أو جعلها حديث المجالس.
لقد ورثنا عن أسلافنا أمانة الدعوة والإصلاح.
هؤلاء الصحابة الذين ذهبوا إلى الحبشة قِلّةً،
ما تركوها حتى صار للإسلام فيها أثر ووجود.
وأولئك التجار اليمنيون الذين مرّوا على آسيا الوثنية، فتركوها مسلمةً محمدية.
فكيف نعجز نحن عن كلمة صادقة أو موقف شجاع يحمي أخلاق أجيالنا؟!.
ليس المطلوب من كلٍّ منا أن يكون داعية أو مسؤولًا،
لكن المربي يُربي ولو ربع طفل، والمصلح يُصلح ولو معشار نفس، والكاتب، والإعلامي، والناشط،
كلٌّ يمكنه أن يحمل لواءه بقدر طاقته، وإلا فكلّنا آثمون بصمتنا وتقاعسنا.
إن أوجع ما في هذا الزمان أن ترى جلد الفاجر، وعجز الثقة!.
قال سفيان الثوري رحمه الله :
“كنتُ أرى المنكر فلا أستطيع تغييره فأبول دمًا”!.
فكيف لو رأى حالنا اليوم؟.
إن الصمت عن الخطأ ليس سترًا، بل خذلان.
وإشاعة الفاحشة ليست في كشف المنكر لمعالجته،
بل في التغاضي عنه حتى يستفحل.
فلْيقم كلٌّ إلى لوائه،
يعمل في مجاله، ينصح، يربّي، يكتب، يذكّر،
ولا ينتظر إذنًا من المتثاقلين الذين يكرهون الحركة ويقدّسون السكون.
اعملوا يرحمكم الله،
فما أسهل التنظير من خلف الشاشة، وما أصعب البذل الصادق لإصلاح ما يمكن إصلاحه.