بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

مشاهد من التفكك العائلي

زايد بن خليفة الشكيلي

مدرب معتمد في إدارة التغيير

 

سنتناول بعض المشاهد التي غدت معاناة نفسية وإجتماعية تنخر كبد المجتمعات بشكل عام وللأسف قد يعولها البعض الى تأثير السوشيال ميديا والبعض الآخر يعيلها على قلة التواصل بين مختلف الأنسجة العائئليه واقصد هنا بالتفكك العائلي اي بين العوائل ليس الأسرة وحدها والتي ستتأثر حتماً بويلات التفكك العائلي بحكم ان هذه الأنسجه إذا ما تمزق أحدها أدى إلى التأثير على باقي الأنسجه الإجتماعية منها والعملية وحتى النفسيه ، واخترت أن أطرحها على هيئة مشاهد ليسهل فهمها وإدراكها لمعالجة ما يجب علاجه.

المشهد الأول : الكثير لا يكترث الى زيارة اخيه او ابن عمه او حتى اهله وصلة الأرحام من وصايا ديننا الحنيف وفي الحديث الشريف عن خير خلق الله سيدنا محمد الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى حيث قال: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ) ، وعندما نتمعن في أهم الأسباب نجدها أسباب واخنه فكثيراً ما تتكرر مقولة “والله أشغال الدنيا ما تخلص” ، “مدارس ومذاكرة للأولاد” ، “إنتوا ما زرتونا ابداً” والكثير من الأعذار التي لا تسمن ولا تغني من جوع وعليه فإن المبادره بالزيارة هي بركه وغفران وتطبيق لدحض أسباب القطع والبعد.

المشهد الثاني : من اهم اسباب هذا التفكك العائلي هي أساليب التربية التي تنجست بأطباع لا تمت للدين بصله ومن اهمها معاملة الوالدين بحجة الصداقة المفرطه بينهم وبين الأبناء وينظرون للإبن او البنت بأنه ناضجين وانهم لهم رأيهم ، نعم يمكنكم ايها الأباء بناء هذا التوافق الأسري بينكم والأبناء ولكن يجب عليكم مراقبة سلوك الأبناء مع اهليهم ومن يكبرهم سننا حتى وإن كان سيء في بعض خلقه ولكن هذا يعود اليه وأنتم ليس لكم سبب في ذلك ولكن الإحترام واجب ، ونلاحظ حتى اساليب السلام المترجسة ببعض الحركات السيئه فيما بين الشباب وحتى بينهم وبين كبار السن ، ونتابع احيانا بكل أسف من فرط الرغبه في الشهرة بأن يقوم بعض الأبناء بإستغلال حنية الأبوين او حتى الأجداد في مشاهد لا تليق بوقارهم ومكانتهم فقد غزا هذا الشعور بحب الشهرة عقول بعض شبابنا للأسف ولم يعد يبالي ما هي مهية المحتوى الذي سيقوم بنشره معتمدا على مستوى فكر متابعينه ويجهل بأن هذا النشر لهذا المحتوى سيجوب العالم والكثير من هؤلاء المشاهير وقعوا بين فكي المطرقة والسندان للأسف فالشهرة كما يقال سلاح ذو حدين.

المشهد الثالث : يقول ﷺ: الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم – صدقت يا سيدي يا رسول الله ، فالدين هو النصيحة في جميع ما أوجب الله، وفي ترك ما حرم الله، وهذا عام يعم حق الله، وحق الرسول، وحق القرآن، وحق الأئمة، وحق العامة ، ولكن للأسف في زماننا اصبحت اهمية النصيحه مغيبه وأحيانا تكون مشوهه وفي كثير من الأحيان لا تتقبل ناهيك عن انعدامها لأسباب كثيرة ويمكن إيجازها في نقاط بسيطة مثل عدم تقبلها ، مخافة نشوب اختلاف عائلي كبير وعلي من اولادي ، اهله لا يتقبلون نصيحته وبالتالي يبقى افراد المحتمع في تفكك وتغييب للحمة التي يجب ان تكون وقد عشنا طفولتنا بكل الحب فالأب يؤدب وينصح والعم كذلك والخال والجار والمعلم وقد انتج ذلك مجتمعا متماسكا متحليا بفضائل الأمانة والصدق والشفافيه التي اصبحت مغيبة في زماننا وكم نتمناها من بعض ممن حولنا الذي غزت عقولهم شراذيم الغرور والتكبر والعجب الذات وليس ذلك بخسارة على مستوى الفرد بقدر خسارة هادمه لأصول المجتمع.

المشهد الرابع : “لم يعد المظهر كالجوهر” وهي من أهم واعمق لبنات بناء الذات ، فأصبح الأغلبيه يتباهون بالملبس والمظهر البراق والكثير من ملامح البريسيج الراقي حسب إعتقادهم الفاشل ، فحتما وعند ابسط مواقف ابراز الثقافة والخلق التي ستحدد ردة فعل الشخص تجاه اي حدث نجد ونكتشف حجم الفجوة الفكرية والأخلاقية فيما يظهر به وبين الدينونية التي تغزوا فكره وخلقه ، وللاسف لعلك عزيزي القاريء تكتشف مثل هذه المواقف سواء كنت طالباً او موظفا او حتى متسوقا في احد الأسواق ، فالكثير اصبح يعاني مما يسمى بالإنفصام الفكري فما يظهره عكس ما يكون بباطنه من خلق وفكر ، وهذا اعده من اخطر الأمور التي تفتك بالمجتمع فهي اقلها ستؤدي الى ابراز اسلوب المقارنه فيما بينه وبين الأشخاص من حوله وقد يستنزف الكثير من ميزانتيته من اجل ابراز داء البريستيج المصاب به وهو لا يشعر بذلك ، وهناك الكثير من القصص التي تشاهدها من قبل هؤلاء المرضى وامثالهم ، حتى انهم لم يغدوا قادرين بأن لكل مقام مقال وأن البريستيج في مكان العمل مختلف عن البريستيج في حفلات الأعراس عنه كذلك في قاعات الإجتماعات والأسواق وهذا دليل واضح على جهله وعلى انه مقلد اعمى بتصرفاته.

المشهد الخامس : الغيبة والنميمه ، تكمن خطورة الغيبة والنميمة في كونهما من الكبائر التي تهدم العلاقات، وتؤدي إلى عذاب القبر وعقاب شديد يوم القيامة، وتُدخل صاحبهما في دائرة الخسارة العظيمة في حسناته وإفلاسه منها يوم القيامة، وهي سبب في تفكك المجتمع وزيادة الحقد والكراهية بين الناس ، وللأسف فإن بعض مرضى النفوس يلجأون بهذه الصفات القبيحه لإثبات مواقفهم ويغتابون حتى والديهم واخوانهم واصحابهم غير مكترثين بأن هذا السلوك مميت لقلوبهم والتي خلقها الله على الفطره بل ويعتبرونه سلاحا فتاكا للتميز والسمو النفسي وهنا تكمن خطورة الأمر فدعك عن حجم الخراج والتفكك الإجتماعي الذي يتسببون به هم في نفس الوقت يميتون طراوة وحلاوة الأمل في قلبوهم يحرقون لذة الإستبشار في خلق الله وبأننا لسنا خالدون فالنهتم بجني الحسنات التي ينفقونها بمثل هذه السلوكيات وتجعلهم فقراء لله وتنتظرهم شآبيب العذاب في القبر ويوم الحساب ، وثد توعد الله الهمازون اللمازون بالويل الشديد والهلاك لكل “همّاز لمّاز” هو عذاب وعيد لكل عيّاب طعّان في الناس بالقول والفعل. فالهماز هو من يعيب الناس ويحقرهم بالإشارة والفعل، واللّماز هو الذي يعيبهم بقوله. و”ويل” هي كلمة وعيد وعذاب وشدة ونار في جهنم لمن يفعل ذلك.

هناك الكثير من المشاهد التي تعتبر من أساليب هدم المجتمع ويجب ان نلتفت لأنفسنا ونسال الله الصلاح ونعوم الى انفسنا بكل رضى متصالحين معها حتى نستطيع ان نكون متصالحين مع من حولنا من بشر بإختلاف علاقتنا الإجتماعيه بهم ، يجب ان نستشعر حجم الجمال بأرواحن حتى نستطيع ان نستشعره في ارواحهم ، يجب ان ندرك بأن وجودهم نعمة من الله يتوجب علينا ادراكها وإستغلالها بسلام ووءام وان نحافظ على وجودها بكل حرص نكسب منه رضى الله ومن ثم رضى عباده.

لعل بعض الأسباب التي ذكرناها تعود كأسباب للتفكك العائلي الذي بات الأغلبيه من الأسر تعاني منه ولكني كل هذا وذلك اراها مجرد أسباب ثانويه والسبب الرئيسي في هذا هو “الإبتعاد عن ذكر الله والخوف منه ومراجعة كتابه المبين الجوهر والذي يفك رموز الحياة ويمنحها الكثير من السلام والسعادة” نعم فالبعض غدى لا يفتح كتاب الله ولا يتدارس معانيه وبالتالي هنا يأتي قوله تعالى عز وجل في محكم كتابه فس سورة طه ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾ – طه: 124 ، ولك ان تختار عزيزي القاريء وما هذه السطور إلا تذكير لنفسي اولاً ولك ونسال الله العفو والعافية من كل إثم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى