بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

الخميس .. نغمة الفرح التي تعزفها الحياة

محمد بن علي الشعيلي

ما أجملك أيها الخميس!
ما أن تقترب حتى تسعد النفس، وتتهيأ الروح، وتُعدّ عدتها لاستقبال لحظة مختلفة عن بقية أيام الأسبوع.

لست مجرد نهاية أسبوع عابرة، بل حالة من البهجة المتجددة التي تنعش القلوب وتُوقظ فينا حنينًا إلى البساطة والراحة.

الخميس ليس يوماً عادياً في الروزنامة، بل هو مزاج جماعي تشترك فيه الأرواح قبل الأجساد. فمع اقترابه، يخفّ ثقل الأيام، وتبدأ ملامح الفرح تظهر في تفاصيل صغيرة : ابتسامة الموظف المنهك، ضحكات الطلبة في ممرات المدارس، أو كوب قهوة يُرتشف على مهل لأن الغد ليس كأي يوم.

إنه اليوم الذي تتبدد فيه الضغوط، وتتراجع فيه الهموم خطوة إلى الوراء.
تبدأ الأحاديث تخفّف من صرامة الجدول الأسبوعي، وتعلو نبرة التفاؤل في الوجوه. فهناك من ينتظر لقاء الأهل والأصدقاء، وهناك من يُخطط لرحلة قصيرة، وآخر يكتفي بساعات من السكون والراحة بعد صخب الأيام الطويلة.

الخميس هو المكافأة التي تمنحها الحياة بعد تعب، وهو الجسر الهادئ الذي يعبر بنا نحو الإجازة.
فيه نلتقط أنفاسنا، نُعيد ترتيب أفكارنا، ونجدد طاقتنا لنبدأ من جديد. ولذلك فهو ليس إيذاناً بقدوم إجازة فحسب، بل جرعة من الإيجابية والتميز، توقظ فينا روح الامتنان لكل ما أنجزناه، وتشجعنا على استقبال القادم بابتسامة.

وفي مساء الخميس، تتبدّل الأجواء كلياً؛ حيث تزدحم المقاهي بالضحكات، وتمتلئ الطرق بالناس الباحثين عن لحظة فرح، وكأن المدينة كلها تنبض بإيقاع مختلف… أكثر حيوية، أكثر دفئاً، وأكثر قرباً من القلب.

أيها الخميس الجميل، أنت لحظة التوازن التي نحتاجها بين الجهد والراحة، بين العطاء والتأمل.
أنت مساحة صغيرة من السعادة تمنحنا فرصة لنعيش بصدق، ونشكر النعمة، ونستعد لغدٍ جديد بقلوبٍ مطمئنة.
فابق كما أنت، رمزاً للفرح، وصوتاً خفيفاً يهمس في أذن الحياة قائلاً :
ما زال في العمر متّسع للابتسامة، وما زالت البدايات ممكنة.

الخميس .. يوم لا يُنتظر فحسب، بل يُحتفى به كما يُحتفى بضوء الفجر بعد ليل طويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى