بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

يومُ الشبابِ العُمانيّ.. وثيقةُ العهدِ وتجديدُ الإيمانِ بالمستقبل

الدكتور محمد السيد يوسف لاشين أستاذ علم النقد الاجتماعي والتفكير الناقد

 

 

في السادسِ والعشرين من أكتوبر، تتزيّنُ عُمانُ بثوبٍ من الفخرِ والعزمِ والعطاء، ويُصبحُ النهارُ نهارًا مضيئًا بالثقةِ، والمساءُ مكلّلًا بالإيمانِ والأمل.

إنّه يومُ الشبابِ العُمانيّ — اليومُ الذي لا يُعدّ مجرّدَ موعدٍ في الروزنامة الوطنية، بل سِفرًا متجددًا من الحبّ والولاء والوفاء بين الوطنِ وشبابِه، بين الحاضرِ والمستقبل، بين ما أُسِّس بالأمس وما يُبنى اليوم وما يُستشرفُ غدًا.

في هذا اليوم، لا يُكرَّم الشبابُ لِما أنجزوه فحسب، بل لِما يُؤمن بهم الوطنُ أن يُنجزوه، ولا تُقامُ الاحتفالاتُ لمجرّد الطقوسِ الرسمية، بل لتُوقِدَ في الأرواحِ شعلةَ الإلهامِ، وتقولَ لكلّ شابٍّ عُمانيٍّ: إنّ وطنَك يراكَ، ويؤمنُ بك، ويُراهنُ عليك.

منذ بزوغ فجر النهضة المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه –، كان الإيمانُ بالشبابِ ركناً من أركان الرؤية الجديدة، وكان العزمُ واضحًا على أن تكونَ الطاقةُ العُمانية الشابة هي الوقودُ الذي يُحرّك سفينة الوطن نحو الغد الواعد.

وفي ظلّ هذا الإيمان، جاء صاحبُ السموّ السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد، وزيرُ الثقافةِ والرياضةِ والشباب،حاملًا رايةَ الأمل، مترجمًا ثقةَ القائدِ في أبنائه إلى برامجٍ ومبادراتٍ،تُعزّز المشاركة، وتفتح أبوابَ الإبداع، وتمنحُ العقولَ الشابةَ فضاءاتٍ أرحب من الحلم.

وليس غريبًا أن تُستقبل كلمتُه في هذا اليوم بكلّ ما فيها من دفءٍ وعزمٍ وصدقٍ، حين قال: “إنّ يومَ الشبابِ العُمانيّ هو يومٌ تُجدّدُ فيه الثقةُ في شبابِ هذا الوطن العزيز، ونُعبّرُ فيه عن اعتزازنا بعطائِهم وإخلاصِهم، وما يجسّدونه من وعيٍ ومسؤوليةٍ تجاه حاضر عُمان ومستقبلها.”

كلماتٌ تُشبهُ العهدَ، وتُعيدُنا إلى جوهرِ العلاقة بين القيادةِ والشباب: علاقةُ ثقةٍ ومسؤوليةٍ وشراكةٍ في البناء، حين تحدّث سموّه عن “الامتداد الذي نحتفي به هذا العام”،لم يكن يقصدُ امتدادَ التاريخ فحسب، بل امتدادَ القيم والمبادئ والوعي، امتدادَ الحلمِ الذي بدأ مع الأوائل الذين غرسوا، ويمتدّ اليومَ في أيدي الشباب الذين يزرعونُ ويُثمِرون.

إنه امتدادُ الروح العُمانية التي لا تعرفُ الانكسار، ولا تخشى التحدي، ولا تستكينُ أمام العقبات،بل تجعلُ من كلّ صخرةٍ عثرةٍ سلّمًا جديدًا نحو القمّة.

إنّ الشبابَ العُمانيّ اليوم ليس مُجرّد فئةٍ عمرية،بل هو ضميرُ الوطنِ النابض، وصوتُهُ الحاضرُ في كلّ ميدان: في المختبراتِ والجامعات، في الملاعبِ والمسارح، في الشركاتِ والمبادراتِ التطوعية، هؤلاء الذين يكتبون اسمَ عُمان في دفاتر العالم، ويُحافظون على رايتها عاليةً في ميادين الإبداعِ والتميّز.

لقد صدقَ سموّ الوزير حين قال: “إنّ التمكينَ الحقيقي يأتي بالإيمانِ بالذاتِ، والعملِ المتواصلِ، والسعيِ الجادّ نحو الريادة.” فالإيمانُ بالذاتِ هو أولُ خطواتِ المجد،ومن يؤمنُ بنفسه يؤمنُ بوطنه، ومن يعملُ بإخلاصٍ يصنعُ المعجزات ولو بدأ بخطوةٍ صغيرة.

إنّ ما يميّزُ هذه المرحلة من تاريخِ عُمان هو أنّ القيادةَ لا تُوجّهُ الشبابَ من بعيد،بل تسيرُ معهم، وتستمعُ إليهم، وتفتحُ لهم الأبواب، ولذلك نرى في السنوات الأخيرة مبادراتٍ رائدة مثل: مراكز الشباب في المحافظات، وجائزة التميّز الشبابي، ومشاريع الابتكار وريادة الأعمال، كلّها ليست صدفةً ولا زينةَ مناسبات، بل هي مشاريع إيمانٍ ورؤيةٍ واستدامةٍ.

في كلّ عام، يأتي هذا اليوم ليذكّرنا أنّ النهضةَ لا تُبنى بالحديدِ والحجر فقط،بل تُبنى بالإنسان، وأنّ أجمل ما في عُمان هو شبابُها الذين يُضيئون دروبها، ويحملون في قلوبهم حبَّها كما يحملُ البحرُ موجه، ويحرسون مجدَها كما تحرسُ الجبالُ سماءَها، لذلك، فإنّ يومَ الشباب العُمانيّ ليس مجرّد مناسبةٍ للاحتفاء، بل هو وعدٌ متجددٌ بين القائدِ والشعب، بين الحلمِ والحقيقة، بأنّ هذا الوطنَ باقٍ ما بقيت فيه روحُ العمل والإخلاص، وأنّ عُمان ستظلُّ تمضي بثقةٍ نحو المجدِ المتجدّد.

فسلامٌ على شبابِ عُمان الذين جعلوا من الإيمانِ بالوطنِ رسالةً، ومن الإخلاصِ طريقًا، ومن العملِ عبادةً،، وسلامٌ على القيادةِ الرشيدةِ التي آمنتْ بهم فآمنوا بها، وعلى صاحبِ السموّ السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد الذي حملَ الأمانةَ بصدقٍ، فجعل من هذا اليومِ عُرسًا وطنيًا تتجدّدُ فيه الثقةُ، وتتألقُ فيه العزيمةُ، ويُكتبُ في ذاكرةِ التاريخ:”إنّ شبابَ عُمان ماضون بثقةٍ نحو مجدٍ متجدد.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى