بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

نقطة انطلاق..

✍️ ترياء البنا

 

بعد الخروج من الدور الأول لبطولة كأس العرب 2025، وقبله الخروج من ملحق التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026(المرحلة الرابعة)، أصبح اتحاد الكرة أمام مأزق كبير، ليس لأننا خسرنا التقدم في الاستحقاقين، لأننا كنا ندرك جيدا أن تغيير المدرب قبل لقاءي الملحق أمام قطر والإمارات، لن يأتي بجديد، لأن مدرب جديد وأجنبي لا يعلم شيئا عن إمكانيات وقدرات اللاعبين، بالإضافة إلى ضيق الوقت، وغيرها، معطيات تؤكد صعوبة النجاح.

وفي كأس العرب، كنا على يقين قبل الذهاب إلى الدوحة بأننا لن نتخطى دور المجموعات، لأننا ببساطة وقعنا في مجموعة تضم المغرب(مع هذا الألق الكروي الذي اصطبغ بالعالمية، حتى وإن كانت بالفريق الثالث)، والسعودية التي نجحت في التأهل للمونديال العالمي واستعاد منتخبها قوته مع عودة هيرفي رينارد التي صححت أوضاع الفريق سريعا بعد كأس آسيا، ورغم ذلك كان من الممكن الفوز على المغرب، عطفا على ظروف المباراة التي تهيأت على طبق من ذهب لمنتخبنا مع طرد عبدالرزاق حمدا الله بعد دقائق من انطلاق صافرة الشوط الثاني، ولكننا لم نستغل الفرصة، وحتى لقاء جزر القمر لم نكن مقنعين خلاله.

ربما كان قرار الاتحاد بتغيير المدرب خاطئا، ولكن لا ننكر أنه جاء بضغط من بعض الجماهير والإعلاميين الذين طالبوا بمدرب أجنبي صاحب خبرات(يعمل من الفسيخ شربات)، وبدوره الاتحاد مع بداية فترته، حاول أن يوفر ظروفا أفضل للفريق، ربما تغير الواقع وتحقق المأمول، وكانت النتائج واضحة.

الآن، وبعد الإخفاقين، أصبح اتحاد الكرة أمام منعرج جديد قبل فترة من انطلاق أقرب مشاركة خارجية، وهو مطالب ببدء العمل من الصفر، وقبل ذلك هو مطالب بإعلان رؤيته للفترة القادمة أمام الجماهير العمانية، ليوضح أمام الجميع منهج واستراتيجية عمله، ليس فقط على مستوى المنتخب الأول، لأن هذا المنتخب مع معدل العمر لبعض لاعبيه لا يمكن العمل عليه، ولأن اللاعب نفسه لم يشتغل على نفسه ولم يطور من لياقته البدنية وأدائه، وارتضى أن يكون حبيس دوري الهواة، حتى من احترف، لم ينضم إلى دوريات قوية، بل ولم يكمل مشواره الاحترافي.

في الوقت الحالي، آن أوان بداية العمل السليم على المراحل السنية للمنتخبات، يسبقها خطة عمل شاملة لتطوير لاعبي مراكز تكوين، وتطوير آلية عمل الأندية، حتى نستطيع مستقبلا تحقيق إنجاز ملموس، وهذا لن يتأتى إلا بالعمل على القاعدة التي تمثل الأساس القوي لأي بنيان، وفي كرة القدم لا يمكن أن يكون هنالك مكان لمصطلح الهرم المقلوب.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل وضع مجلس إدارة الاتحاد العماني لكرة القدم رؤية واستراتيجية للعمل خلال السنوات الأربع، قبل خوضه معترك الانتخابات؟.

كلنا نعلم أن الاتحاد في موقف لا يحسد عليه، لأنه تسلم تركة ثقيلة من أمور عدة، ولكن على الأقل، عليه أن يظهر رغبة عملية في تغيير الواقع الرياضي، فيما يخصه من مسؤولية، كما عليه أن يحدد اليوم وقبل الغد، هل سيستمر كارلوس كيروش على رأس الجهاز الفني للمنتخب، وحينها يخرج كيروش ويطلعنا على خطته للنهوض بكرتنا، ويحدد الفترات الزمنية وأهداف كل فترة، ليتسنى لنا محاسبة الرجل، حتى لا يكون المدرب(كما الفترات السابقة)، شماعة أي إخفاق، وهنا يحضرني تساؤل مهم: ماذا عن الرؤية التي قدمها المدرب السابق رشيد جابر، والتي كان هدفها بناء منتخب قادر على المنافسة على كأس آسيا(على حد قول الرجل نفسه في مؤتمر تقديمه للإعلام، بحضور الأمين العام للاتحاد)؟.

أم أن رؤية الاتحاد للمرحلة القادمة تتطلب مدربا بمواصفات أخرى، وهنا عليه أيضا الإسراع بتعيين المناسب ليتمكن من البدء بعمله قبل الدخول في الفترة الحرجة قبل الاستحقاق القادم، وقبل ذلك يعلن لنا خطته، كي نضعه أمام مسؤولياته. 

الخلاصة.. أيا كان الوضع السابق لواقعنا الرياضي، أصبح اتحاد الكرة(الذي خاض غمار معركة العمل الرياضي بإرادته واختياره)، أمام ضرورة اتخاذ القرار، إما ببداية العمل المدروس، وإعلان رؤية مجلس الإدارة للمرحلة القادمة، وعليه اختيار الكفاءات المناسبة، وعدم الإنصات للأصوات التي اعتادت الهجوم والمطالبة بالتغيير مع كل خسارة، أو نستسلم للعمل العشوائي الذي نعاني منه، ويخلف إخفاقا تلو الآخر، وصدمة تلو الأخرى للجماهير العمانية، والله من وراء القصد وعليه السبيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى