بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

سـيـاحـة فـي ربـوع بـلادي..

عبدالله بن عبدالرحيم البلوشي

 

سـيـاحـة فـي ربـوع بـلادي..

 

هي مدينة وصفي لها سيكون قاصرا .. ونعتي لها سيكون مبتورا .. درّة الشرقية ، وما أغلاها من درّة ومركز تجارتها ، وموطن ثقافة نهلت من معينها  الفهم والمعرفة ووطئت قدمي تربة بلادها الخضراء وفيها ولدت وفي شاطئها تعلمت السباحة والغوص لغرس البرمة في قاع مياه ذاك الشاطئ الزبرجدي لصيد اسماك الحاصون .. وترى القوارب الشراعية زرافات وهي تمخر عبابها لتأتي برزق وفير وكريم من أعماق بحرها غير البعيد ، والسفن منها الراسيات وأخرى مشرعة إلى وجهة ينشد الرزق ، وصوت البحار الشجي (عطيني بسرة خنيزي .. ما با زنجبار …) تسمعه وهو يودّع مدينته لعله يراها بعد أشهر .. مسافر وعينه على ذاك البرج المعلق على جبل غربي في ضاحية العيجة العلوية وفي مدخل خورها ومينائها ، الجالب لصنوف البضائع.

قلب معلق بأزقتها وطرقها ورائحة عودها في تلك الأزقة كلما زرتها .. وتذكرني الأيام بحوادث جمّة لأعصر الذاكرة وهي محفورة بها .. تذكرت ذلك الجبل المسطح المسمّى (صفاة) في أسفل حارة المخرمة (نعمة) ، لعله استوحى الاسم من صفائها ونعومة ملمسها .. محفل من محافل الأطفال الصغار ، منهم يرمي بسنارته لعلها تعلق بسمكة الصيمة ، وآخر يقفز من على سطحها ؛ فتتطاير قطرات المياه الى الأعلى لتشكل بلورات بيضاء لتعود إلى أصلها لتعانقها كالطفل العائد إلى أمه .. أيام مضت ولكن أبت أن تنقضي .. وأما تلك الرأس الجبلية المطلة إلى الناحية الشمالية منها المسماة (القاد) وبها سُمِّيَت الحارة الملاصقة لها بحارة القاد .. كان موقعا لإظهار مواهب من هم أكبر سنّاً في القفز منا إلى البحر متناسين خطورة القفز من ذلك العلو.

مدينة هي منبت الرجال ومجمع القبائل ولاية تضم الجبال الراسية العالية، السواحل البديعة الممتعة والوديان الخلابة المخضرّة .. لو ألفت في وصفها مجلدات لما كفتها .. هي الدانة بين اللآلئ المتناثرة .. وهي العنود بين غزلانها الشاردة .. نِعِمٌّ بها من مدينة .. ولنا في صفحاتها لقاء لعلّه يكون قريباً .. إن أحيانا الله ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى