بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

المشكلة الاقتصادية (الجزء 4) : “النظام المختلط”..

أ . صـلاح الشـيـخ

مستـشار إداري وجمركـي وخبيـر موارد بشرية

 

المشكلة الاقتصادية (الجزء 4) : النظام المختلط..

 

المشكلة الاقتصادية تتمثل في “ندرة الموارد”  ولا تختلف المشكلة الاقتصادية من نظام اقتصادي لآخر (رأسمالي ، اشتراكي ، مختلط) وإنما تختلف طرق العلاج.

وسبق أن تناولنا المشكلة الاقتصادية في النظام الرأسمالي ، والاشتراكي ومزايا وعيوب كلا منهما  وكيفية تلافي العيوب ، وفي هذا المقال نتناول المشكلة الاقتصادية في ظل النظام المختلط  والذي يجمع بين الرأسمالية والاشتراكية ، ولا يخفي علي أحد أن جميع الدول تتبع نظاما مختلطا يجمع بين القطاع العام والخاص بنسب مزج مختلفة ، للاستفادة من المزايا وتجنب العيوب ، فالنظام الرأسمالي يتميز بالكفاءة العالية في الانتاج ويعاب عليه عدم عدالة التوزيع ، والنظام الاشتراكي يتميز بعدالة التوزيع ويعاب عليه عدم الكفاءة في الإنتاج.

أما النظام المختلط فيجمع بين كفاءة النظام الرأسمالي وعدالة النظام الاشتراكي ، حيث يسمح بالملكية العامة والملكية الخاصة ، علما بأنه لا يوجد معيار يحدد نسب المزج بين القطاعين ، ولذلك فإنها تختلف من دولة لأخرى.

آلية العمل في ظل النظام المختلط :

1. يتقاسم كل من القطاع العام والخاص والجهاز الحكومي موارد المجتمع.

حيث يقوم القطاع العام بتخصيص الموارد المملوكة له في انتاج السلع والخدمات التي تخدم المصلحة العامة والتي لا يرغب / يقوي القطاع الخاص لإنتاجها ، مثل صناعات الحديد والصلب ومشروعات البنية التحتية (رصف طرق ، جسور ، صرف الصحي ، كهرباء ، مياه ، نقل عام ،التليفونات ،الصحة ،التعليم ،الدفاع ،الامن …الخ ،  ويتم تخصيص الموارد في هذه الحالة وفقا لخطة يضعها جهاز التخطيط بالدولة.

أما القطاع الخاص له الحرية في تخصيص موارده وفقا لقوى السوق الحرة ، وقد  تتدخل الحكومة أحيانا لتصحيح مسار القطاع الخاص إذا تعارض مع المصلحة العامة من خلال فرض ضرائب عالية على انتاج أو استهلاك سلع معينة  لتوفير  الموارد المستخدمة فيها ، أو دعم انتاج بعض السلع الضرورية للمواطنين لتشجيع انتاجها ، أو فرض غرامة على الشركات التي لا تلتزم بالحفاظ علي البيئة وتخفيض التلوث.

2. للقطاع الخاص الحرية في إختيار التكنولوجيا المناسبة له من وجهة نظره لخفض تكلفة الانتاج وتعظيم الأرباح ، وقد تتدخل الحكومة بفرض قيود على اختيار التكنولوجيا في الحالات التي تتعارض فيها المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة ، فقد تمنع الحكومة استخدام تكنولوجيا معينة إما لوجود بديل محلي أو لأنها ضارة بالبيئة.

فالقطاع العام يفضل فنون إنتاجية تراعي المصلحة العامة ، مثل الفنون الانتاجية كثيفة العمالة بغرض تخفيض نسب البطالة أو استخدام فنون انتاجية تستخدم المنتجات المحلية لتوفير العملات الصعبة وتشجيع الصناعات المحلية.

3. القطاع الخاص يستخدم الموارد المتاحة له استخداما كاملا وفقا لنظام السوق الحر.

أما القطاع العام يهتم بتوظيف مالم يتم توظيفه في القطاع الخاص (التوظيف الكامل) من خلال خطة يضعها جهاز التخطيط ، وقد تتدخل الحكومة للحد من استغلال العمالة في القطاع الخاص من خلال فرض  حد أدنى للأجور والزام الشركات بالتأمين على العاملين ودفع معاشات لهم بعد سن التقاعد.

4. القطاع العام يوزع الدخل بناء على قواعد معينة تحدد وفقا لها المرتبات كالأقدمية ، وسنوات الخبرة ، والتعليم وغيرها أما القطاع الخاص فيهتم بالكفاءات والخبرات.

5. القطاع العام قد يبيع السلع الضرورية بأقل من التكلفة والتوزيع بالبطاقات لضمان حصول المحتاجين عليها.

6. استقرار الاسعار في ظل النظام المختلط يقوم على :

  • وضع حد أقصى لأسعار السلع الضرورية.
  • الحد من الإصدار النقدي ليتماشى مع الإنتاج الحقيقي لتجنب التضخم (انخفاض القوي الشرائية للنقود).
  • القطاع العام يقوم بإنتاج سلع وخدمات مماثلة لما ينتجها القطاع الخاص ويبيعها بأسعار أقل ليحد من ارتفاع أسعارها في السوق الحر ومنعا للاحتكار من قبل القطاع الخاص.

7. النمو الاقتصادي في النظام المختلط :

يقوم جهاز التخطيط بوضع خطة شاملة للمشروعات الجديدة التي يجب أن يقوم بها كلا من القطاع العام والخاص لتحقيق معدل النمو المطلوب ، وما يخص القطاع العام منها يتم تنفيذه بالأمر ، وما يخص القطاع الخاص تقوم الحكومة بحث المنتجين علي تنفيذه من خلال منحهم مزايا مثل قروض بأسعار فوائد منخفضة ، منحهم أراضي بأسعار مخفضة ، إعفاءات ضريبية … الخ ، وفي حالة الأنشطة التي لا ترغب الحكومة في إنشائها من قبل القطاع الخاص تقوم بوقف منح التراخيص لها أو تفرض عليها ضرائب مرتفعة أو غرامات.

الانتقادات الموجهة للنظام المختلط

  1. ليس في كل الحالات ينجح جهاز التخطيط في تحفيز القطاع الخاص لتنفيذ الجزء الخاص به في الخطة.
  2. في الدول النامية إتباع النظام المختلط قد يترتب عليه الجمع بين مساوئ النظامين بدلا من الجمع بين مزاياهما ، نظرا لآنها تعاني من :
  • عدم الكفاءة في الانتاج.
  • ظهور السوق السوداء لكثير من السلع.
  • البيروقراطية وسوء الإدارة ، وما يترتب عليه من اعاقة للعمل .
  • سوء توزيع الدخل.
  • تقلبات الأسعار.
  • نسب بطالة عالية.

ولذلك فإن نسب المزج بين النظامين تختلف من دولة لأخري وفقا لظروفها  ، حيث أنه لا يوجد نظاما اقتصاديا يحل المشكلة الاقتصادية حلا نهائيا ، فالهدف من أي نظام هو محاولة التقليل من حدة المشاكل الاقتصادية.

وإلى اللقاء في مقال آخر بحول الله وقوته..

تعليق واحد

اترك رداً على Ebtisam إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى