فن الدبلوماسية .. إتيكيت (المشي والجلوس)..
الدكتور/ سعـدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق – كلية عُمان للإدارة والتكنولوجيا
فن الدبلوماسية .. إتيكيت (المشي والجلوس)..
يعتبر المشي والجلوس من سمات كاريزما الشخص سواء للمرأة أو الرجل، ولمختلف المناصب والوظائف ، وكثيراً ما يتسألون عن وضعية الأرجل في الجلوس بالمناسبات الرسمية والاجتماعية وهل توضع الرجل الواحدة فوق الاخرى أو أن تكون متلاصقة وإيهما أفضل، وهنا تلعب مدارس علم النفس الاجتماعي دوراً اساسياً في وضع مفاهيم وعلامات لغة الجسد ( المشي والجلوس )والتي تعتمدها المدارس الدبلوماسية كثيراً لأنها تعطي انطباعا على الشخص المتسلط أو الشخص العادي الهادئ وسوف نتطرق بمقالنا هذا الى أهم النقاط التي تعكس كاريزما المواطن بحياته اليومية بإتيكيت المشي والجلوس، وغالباً ما نلاحظ على شاشات التلفاز أغلب الضيوف الأجانب عدم اكتراثهم بعادات وتقاليد المجتمع العربي أو الاسلامي وهو عدم وضع الرجَل الواحدة فوق الأخرى بالمقابلات الرسمية مع هرم الدولة رغم أخبارهم بذلك ، وهذا من سلبيات المقابلات لكبار الشخصيات مع هرم الدولة، بينما في بلدهم يعتبر من العادات والممارسات الاعتيادية.
تطرق القرآن الكريم إلى مفردة المشي باعتبارها من أهم مفردات لغة الجسد قال تعالى في محكم كتابه: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا) سورة الآسراء37 ، وقال تعالى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) ٢٥ سورة القصص.
والتي لها أهمية كبيرة في علم الفراسة وانعكاس للشخصية، وتعتبر هذه الآيات الكريمة نظريات ومراجع للغة الجسد في إتيكيت المشي لما تعكسه من شخصية الإنسان، ونلاحظ في الآيات الكريمة أنها تعطي صورة واضحة لا تقبل الشك حول صفة المتكبر والمختال والمتجبر من خلال المشي ورفع الرأس إلى الأعلى وكذلك الخجل والهدوء والمشي البطيء.
تعتبر نظريات علم النفس الاجتماعي بأن هيئة المشي لا تكشف أسرار شخصيتك فقط بل في الواقع تعكس صورة حياتك اليومية ، أحياناً ترتبط وضعية المشي بالمزاج فقد تكون عادة تسير برأس مرتفع لكنك حين تشعر بالإحباط والاكتئاب تميل لإحناء الرأس والكتفين. الوضعيات المؤقتة ليست من المؤشرات التي تقاس عليها الشخصية، بل هي حالات عابرة، ما نتحدث عنه هو الوضعية الدائمة التي يعتمدها إتيكيت المشي حيث يختلف الناس والأجناس في مشيهم وإشاراتهم وهذا الاختلاف قد يكون له أسباب متصلة بقواهم ومواهبهم وهناك وسائل استدلال قد لا تكون 100% صحيحة ولكن تعطي انطباعا، قد يكون له الأثر الكبير في إظهار بعض معالم الشخصية.
تركز المدارس الدبلوماسية الأجنبية وخاصة الغربية منها على تعليم أفراد الكادر الدبلوماسي وكذلك كبار الشخصيات حديثي العهد كالرؤساء المنتخبين الذين تربعوا على هرم الدولة بأن عليهم إتباع تعليمات لغة الجسد فيما يخص إتيكيت وأنماط المشي والذي له أهمية كبيرة في انعكاس لهوية الإنسان ، وبالتالي فإن الخطوات تكون محسوبة بكل دقة. تستند خطوات السير أو المشي بالأساس على ما يلي؛ ( الرأس هل يكون منتصباً أم مائلاً إلى الأمام؟ الكتف هل يكون محدباً إلى الأمام أم منفتحاً ومستقيماً؟ الجذع والظهر هل يكون مستقيماً أم مائلاً إلى الأمام؟ والأرجل هل تكون متلاصقة أثناء المسير أم متباعدة؟ وكذلك الأقدام فأجزاؤها هي (كعب القدم، راحة القدم، والأصابع).
وهناك عدة أنماط من المشي لها بعض الدلالات التي يمكن أن نستفيد منها في تحليل شخصية الإنسان وأهم هذه الأنماط :
المشي الملكي : أن تكون الخطوات بطيئة جدًا والمسافة بين خطوة وأخرى متقاربة لا تزيد على 10سم بين الأقدام ويكون منتصب القامة ويكون كعب القدم هو المسند الرئيسي للمشي لما له دلالة على الاحترام والثبات والحزم وحب المستقبل وهو النموذج الراقي والمستحسن أتباعه.
عارضات الأزياء : حيث تكون الخطوات واسعة وكبيرة ومتباعدة لإظهار معالم الفستان وطبيعة الألوان حيث يكون المشي مستنداً على كعب القدم وليس على الأصابع فهذا دليل الثقة بالنفس والثبات والعزيمة.
سرعة المشي : حيث يرافقها اندفاع الجسد ورأس منتصب يدل على أنه يملك شخصية إيجابية، متزن في عمله، كما أنه من النوع المنتج. يعتمد المنطق والذكاء ، يملك الكثير من المشاعر، يحب التنافس والوصول لهدف.
متوسط السرعة أو الاعتيادي : تسير وصدرك مدفوع إلى الأمام وكتفاك إلى الخلف وترفع رأسك عالياً في سيرك و تتفاعل كثيراً مع الآخرين وتميل للابتسام لمن تعرفه ولمن لا تعرفه ، شخصية محبوبة ومنفتحة تحب العلاقات العامة والاجتماعية.
المشي البطيء : يرافقه ارتخاء اليدين وتحريك الكتفين ويدل على إتمام العمل والإحساس بالرقة والرحمة وحب التظاهر، تسير بخطوات قصيرة وبطيئة، شخصية هادئة لا يحب الاستعجال أو التعدي على مساحة الآخرين الخاصة، لذلك فإن الذراعين عادة ما تكون متلاصقة بالجسد.
أما إتيكيت الجلوس فنحن ليس بصدد معناها اللغوي البحت ولكن نتكلم بخصوص أنماط الجلوس في مختلف المناسبات والاوقات لمختلف الشخصيات فهناك عدة أنماط علينا الانتباه والاقتداء بما هو إيجابي وأغلبها هي:
يفضل الجلوس بأن تكون الارجل متلاصقة مع بعضها البعض.
الجلوس مع يدين مفتوحتين إشارة إلى الصدق والصراحة والبراءة، تحريك أو اهتزاز الساقين فهذا يدل على نفاذ الصبر/ الجلوس مع وضع الأرجل واحدة فوق الاخرى يدل على الشعور بالملل وكثرة الأفكار المشوهة وحب الظهور وفرض الرأي على الآخر/ الجلوس والأرجل متباعدة دليل استرخاء وراحة والاستماع الى الآخرين/ الجلوس على حافة الكرسي وخاصة عندما تهتز الأرجل يدل على التوتر والقلق ، وربما الغضب أيضاً / الجلوس والظهر مستقيم والأرجل والأقدام متقاربة دليل على دقة الملاحظة وحب الاستماع/ الجلوس والظهر مستقيم مع ثبات القدمين، دليل استقلال الشخصية وحب الإصغاء والاستماع للآخرين.