أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

كُـسِـرَت يـداك !!..

الدكـتـور/ محـمـد المـعـمـوري

كاتـب وباحـث – العـراق

 

كُـسِـرَت يـداك !!..

 

عندما يبشر المرء بمولود جديد سواء كان (ولداً او بنتاً) فإنه يسجد شاكراً لرب العالمين ، والأجمل عندما يكون المولود بنتاً فإنها حقاً ستدور في محراب أبيها لتفتنه بأسعد اللحظات ، وكلما كبرت تلك الطفلة تضيف لأبيها وأمها حياةً جميلة؛ فهي تحرك سكون البيت لتخلق سعادة فيه تبدأ مع بداية يومها لتخلد بها عند المساء ، وهكذا تدور الأيام حتى تصبح تلك الطفلة ينبوعاً يرتوي منه والداها، وتمضي الأيام ليكون بعدها يوم “زواجها” هو جميلاً في ظاهره ، عسيراً في نفس الوالدين ، لتعلن تلك اللحظة فراغ البيت من تلك الجميلة الحانية ، لتنتقل إلى بيت زوجها ، ويبقى الأب والأم ينتظران قدومها مع كل طرقة باب ؛ فإما فرحة بلقائها أو ربما قد طرقه شخص غير ابنتهما !!.

ومع كل ما تعوّدت عليه تلك البنت من دلال واهتمام قد تتزوج شخصاً قليل الاحساس أو عديم الإحساس ليغير حياتها وتصبح من المدلّلة إلى ذات الهموم ؛ فهي تسعى لتكون ، وهو ربما ينام ليأكل ، وهي تثابر لتبني ، وهو ربما يتكاسل ليهدم ، فتنتهي عند تلك الفتاة ساعات الصبر لتفتش عن دقائقها فتنفذ هي الأخرى لتزول معها آمالها ؛ فتحاجج من كانت تعتقد أنه سندها ، فيصرخ بوجهها ليكسر حاجز الأمل ، وبدون أن يعلم – وهي سيدة في بيت أبيها وأمها – يرفع يده ليضربها على وجهها ، ذاك الوجه الذي كان رائحة الورد لأبيها وأمها !!.

وهكذا يجعل القدر بناتنا المدلّلات تحت سلطة من لا يعلم قيمتهن إلا ما رحم ربي ، فهو لديه اهتمامات أخرى أهم من زوجته وأبنائه ، كموعد مع أصدقائه لتناول الشاي في المقهى ، أو ربما يجتمع مع آخرين ليلعب معهم لعبة في تطبيق يتيح له قضاء الوقت الافتراضي للعب واللهو بعيداً عن مسؤولياته الأسرية ؛ ليكون بحق فاقداً كل مقومات رجولته ، وهو قد فقدها عندما رفع يده لضرب زوجته ، وهي الأمانة التي سلمها ذاك الرجل الذي ربّى ودَرّس وتابع وكبَّر ليأتي شخص يسلب سعادة والديها.

وهكذا فإنني أجد مئات الحالات التي أصبحت تؤرقني بعد أن درست حالات متعددة في مجتمعنا تزايدت في السنوات القليلة الماضية وأظنها ستتزايد مع مرور الوقت ، وأصبحت أخشى من أن تكون حالة ضرب بناتنا حالة طبيعية نتقبلها ونتعايش معها ؛ فنكون بذلك قد فرطنا بأمر كبير ألا وهو حقوق بناتنا وكرامتهن ، فهي تزوجت لتُسعَد لا لتُضرَب ، وإن التخلف الذي يتبناه بعض الرجال في اعتبار المرأة مجرد إنسانة خلقت لخدمته ، وتناسى أن المرأة في زماننا هذا قد تكون أحسن من بعض من يدّعون الرجولة ، لذا فإنني من هذا المنبر أدعو جمعيات حقوق الإنسان وحقوق المرأة في الوطن العربي لأخذ دورها الفعال في القضاء على هذه الحالة التي هي إرهاب لبناتنا ، وعلينا نحن الآباء أن نواجه بكل حزم وقوة ؛ لكي يعلم من يبني عضلاته ليجربها في ضرب بناتنا أن بنات الناس أكرم من (عنترياتهم).

أجمل مخلوق في الكون المرأة ، وأرق من نسيم الصباح تلك البنت التي تنادي بقلبها أبيها الذي يعلم قدرها.

والله المستعان…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى