أصداء وآراء

همسةٌ راقية في أُذُن طبيبٍ حديثِ التّخرُّج !!..

الكاتب/ أ. عصام بن محمود الرئيسي

مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت الوظيفي

 

همسةٌ راقية في أُذُن طبيبٍ حديثِ التّخرُّج !!..

يُسعَد الوطن ونَسعد معه جميعاً عند تخرج  أبنائنا من جامعاتهم كل في تخصصه وتملئُ نفوس أبناء الأسرة الواحدة تحديدا بسعادة بالغة لا توصف، وخاصة عند تخرجهم من تلك التخصصات الإنسانية كالطب، وعندما يلتصق بالخريج لقب طبيب (دكتور) هو تشريف وتكليف في نفس الوقت وله دلالاته الانسانية والوظيفية المناطة بهذه المهنة، وهو بحد ذاته إنجاز رائع للأسرة كلها، بعد جهد جهيد أمتد الى سنين طويلة من العمل الجاد، وتحملت الأسرة من خلال هذه الرحلة العلمية الكثير من المعاناة وقدمت العديد من التضحيات في سبيل ذلك الإنجاز، ناهيك عن الرعاية التي قدمها الوطن لهذا الخريج.

ونحن في الصفوف الدنيا من مسيرتنا التعليمية  كنا ندرك أن مهنة الطب من المهن المميزة، وهي من أعظم وأنبل قيم الإنسانية، وأبلغها شأنا ومكانة، مقارنة ببقية المهن ..  وهذا ليس تقليلا من شأن المهن الأخرى بطبيعة الحال والتي نعتز بها في خدمة الوطن، ولكن هو طموح يراود كل أسرة بأن يصبح أحد أبناءها طبيبا في يوم ما، وكنا ننظر الى المعطف الأبيض الذي يرتديه الطبيب حلم وننظر إليه نظرة إعجاب واحترام وتقدير، وهو يضع سماعته الطبية في صدورنا بروية وهدوء ليشخص المرض.

سوف يرتجل بعض من اطبائنا الاعزاء صهوة وظائفهم الطبية وفقا لنظام التقاعد، وهي مرحلة واقعية من مراحل كل موظف، ونحن على يقين بأن هذا الأمر لن يعطل نشاط أطبائنا المتقاعدين ولن يقلل من همتهم، ولن يثبط من عزائمهم، بل سيتكيفون مع الوضع وسيكملون رحلة العطاء والجهد والنشاط لمرحلة لا تقل أهمية عن المرحلة السابقة، في مواقع أخرى من الوطن، كون أن مهنة الطب لا حدود لها من العطاء ونقول لهم (شكرا من القلب) على ما قدمتموه لهذا الوطن، وسيحل محلهم جيل قادم من الأطباء العمانيين ينتظرون درورهم لنيل  شرف خدمة الوطن بكل شغف .. وهنا أتشرف بأن أهمس في أذن أطبائنا حديثي التخرج بأنه يجب على الطبيب أن يستحضر رسالته الإنسانية كل يوم  يخرج من بيته متوجها الى عيادته وهي تغيير حياة  البشر الى الأفضل فلا إقتصاد ولا تعليم ولا تطور وتقدم بدون صحة وبيئة خالية من الأوبئة، فسلامة الأفراد من سلامة أمتهم ووطنهم.

في الماضي ومن شدة إحترامهم وتقديرهم للطبيب كانت بعض الشعوب تنادي الطبيب بالحكيم، فالحكمة هنا تشمل المعرفة التامة في تخصصه وإدراك أخلاقيات المهنة، والأمانة لها ولمنجزات الوطن الطبية، والتعامل الراقي، والذوقيات الجميلة التي يتحلى بها الإنسان عند تعامله مع الآخرين، وخاصة في الظروف الصعبة وهي فترة المرض،  وعلى الرغم من أن الطبيب في النهاية إنسان مثلنا يفرح ويحزن ويمر بظروف قاهرة إلا أن تحمله لهذه المسؤولية العظيمة يفرض عليه الصبر والتضحية.

ومن أهم هذه الذوقيات عزيزي الطبيب ما يلي :

  • هنالك مثل صيني يقول : (من لا يستطيع الابتسام يجب ألا يفتح دكان). فالطبيب عليه التعامل بابتسامة دائمة مع مرضاه وطاقمه الطبي المساعد.
  • الرحمة صفة جميلة وملتصقة بالكادر الطبي ولذلك فإن الطبيب بعلاجه للناس إنما هو ذو رحمة وإنسانية، وعليه أن يضع مفردات القسم الطبي بين عينيه وسيتذكره دائما، انها مهنة انسانية صرفة عزيزي الطبيب.
  • الحفاظ على ممتلكات المؤسسة الطبية من لوازم والمعدات المساندة، واحترام قوانين المؤسسة وتشريعاتها.
  • التعامل الراقي مع الطاقم الطبي المساعد من ممرضين ومضمدين وغيرهم.
  • يجب أن يتمتع الطبيب ببلاغة التعبير في وصفه للمرض من دون تهويل أو التقليل من نوع التشخيص.
  • مبدأ السرية من المبادئ الأساسية في مهنة الطب والتي تحفظ كرامة المريض و الطبيب ومهنته الانسانية.
  • استخدام المفردات الراقية وغير مباشرة من الجوانب المهمة التي لا بد وأن يدركها الطبيب (كأن يقول طبيب الأسنان لمريضه بأن اسنانك سيئة جداً !! بل عليه أن يمحور كلماته ويقول أن أسنانك جيدة ولكن بحاجة الى بعض العلاج .. فالرسالة الاولى تصف المريض بالسوء وهي جارحة وقد تؤثر في نفسيته معنوياً .. أما الرسالة الثانية فهي أكثر لطفا وتعطيه الحافز للاهتمام ومتابعة علاجه).
  • عدم التسرع في إطلاق الاحكام على نوع المرض الذي يعاني منه المريض.

وعلى الخير نلتقي وبالمحبة نرتقي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى