بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

هل لديك صديق مقرب في العمل؟!

رحمة بنت مبارك السلمانية

 

بالطبع الصديق يختلف عن الزميل كلياً فعلاقة الصداقة أسمى وأقوى من الزمالة، كما أن الأصدقاء يختلفون تباعاً للظروف فهناك صديق الطفولة وصديق الدراسة وصديق النادي وصديق الجامعة، وكل تلك المحطات قد تنتهي وربما تنتهي معها الصداقة ولكن صديق العمل يبقى مختلف، ستعرف مدى أهمية وجود صديق في العمل وليس أي صديق بل صديق مقرّب، إذا كان لديك صديق مقرب في العمل فإن ذلك شيء جيد بالفعل ونعمة يجب أن تشكر الله عليها كل يوم؛ لأن الصديق الحقيقي أصبح عملة نادرة في الوقت الراهن، كما أنك في مرحلة عمرية ما ستكتشف مدى صعوبة اكتساب صديق ومدى أهمية وجود صديق مقرب في العمل وفي الحياة بصفة عامة في الوقت ذاته.

الصديق في الواقع هو قوة وأخوة وعون وسند وعطاء ممتد غير مشروط ومجرد من المصالح الشخصية والمقاصد الخفية، لأن الصداقة ليست مجرد مشاعر وأحاسيس وأقوال ولكن هي أفعال ومواقف تتحدث بصدق عما تكنّه من مشاعر صادقة تجاه صديقك، لتترجم المودة والأخوة بعمق وواقعية، ولأننا نقضي في العمل ساعات طوال يومياً وعلى مدى أعوام تمتد لأكثر من عقدين من الزمن في الأغلب، سيكون وجود صديق مقرب في العمل من أهم أسباب السعادة والنجاح، إذ أن لذلك أبعاد إيجابية على حياتك العملية والاجتماعية معاً، لأن علاقتكما ستمتد خارج الاطار الزماني والمكاني للعمل وستستمر إلى ما بعد التقاعد في الكثير من الأحيان.

في الحقيقة إن كان لديك صديق مقرب في العمل فإن ذلك كفيل بتقليل العزلة والشعور بالملل والوحدة، وسيجعل بيئة العمل أكثر دافعية وتحفيزاً وأماناً وتفاعلاً ستتشاركان الأحداث والانجازات والأهداف، وتتقاسمان حتى الفشل ربما أو الإخفاقات أحياناً، بما يعني أن كلاكما سيخفف عن الآخر همومه وخسائره ومصائبه، وستعملان سوية على إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهكما، وستبدعان في تطوير مهاراتكما العملية وتنمية هواياتكما وتعزيز مهاراتكما العقلية، وبذلك ستتمكنان من كسر الروتين الممل واستغلال وقت الفراغ في التفكير الإيجابي والتخلص من الطاقات السلبية والعمل على تحقيق المزيد من الطموحات والانجازات، إذ يؤكد علماء النفس أن العلاقات الاجتماعية بمثابة دعم عاطفي ومعنوي، حيث أنها علاقات صحية توفر العلاج الجسدي والنفسي والعقلي.

كما أن وجود علاقات اجتماعية جيدة بين الأصدقاء الذين يتبادلون مشاعر الود والألفة والاحترام والتقدير من شأنه أن يعزز الرضا الوظيفي لدى الموظفين والشعور بالانتماء والولاء للمؤسسة التي يعملون فيها مما يدفعهم إلى الاستمتاع بأداء مهام العمل ويصبحون أكثر إنتاجية من غيرهم، فوجود الصديق يوفر بيئة صحية تجعل الموظف يحب عمله ويقوم بمهامه وواجباته بحماس وشغف ودون كلل أو ملل وهو يشعر بالامتنان تجاه ذلك، كما يصبح العمل في وجود صديق مقرب أكثر متعة وأقل رتابة في ظل وجود بعض المرح بين الأصدقاء وتبادل أحاديث ودية أو دردشات شخصية أثناء تناول القهوة أو في وقت الاستراحة، مما يساعد في تخفيف ضغط العمل والاجهاد.

كما أن الصديق الحقيقي يكتم أسرارك ويتقبلك بمحاسنك وعيوبك ويُقوِّم اعوجاجك ويستر نقاط ضعفك ويعينك على تحويلها إلى نقاط قوة، ولن تؤثر خلافاتكما أو اختلافكما في الرأي في تعاملكما وعلاقتكما الاستثنائية، ولن تزعزع احترامكم ومحبتكم واخلاصكم لبعضكم بعضاً، كما أن الصديق الوفي لن يُصدِّق بسهولة أقاويل الحاقدين الذين يسعون إلى تشويه سمعتك وهدم علاقتكما الودية القوية، كما أنه لن يتوانى في تقديم الدعم المادي لصديقه في الظروف الطارئة أو الحرجة حسب استطاعته، ولن يتردد في تقديم أي خدمة أو مشورة أو نصيحة أو معلومة أو خطة لحل الأزمات وتقليل الخسائر، لأنه يحبك بصدق فلا يحسدك ولا يحقد عليك، بل يشعر بالفرح والفخر بنجاحك وإنجازاتك ويتمنى لك الأفضل دوماً بدون مصالح وبلا مجاملات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى