بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

الشباب المعاصر في أوزبكستان هو القوة الاستراتيجية التي تحدد مستقبل البلاد

تورصونبوي زيكييروف

باحث رئيسي في معهد الدراسات الاستراتيجية والإقليمية – رئاسة جمهورية أوزبكستان

 

وفقًا لبيانات اليونسكو، بحلول عام 2030، سيعيش في العالم 1.3 مليار شاب، وهذا يدل على أهمية الدور الذي سيلعبه الشباب في ضمان التنمية الديناميكية، وخاصة في البلدان النامية حيث يشكلون 90% من إجمالي السكان في العالم.

ومن الضروري الاعتراف بأن الشباب الحالي يعيش في ظروف غير سهلة؛ فكما يشير الخبراء، يمر الشباب المعاصر بمراحل تطورهم في ظروف معقدة للغاية، حيث تم كسر القيم القديمة ولم تتشكل القيم الجديدة بعد أو لم تصبح معترفاً بها على نطاق واسع؛ عليهم أن يتعاملوا في الواقع ليس فقط مع مشاكل شخصية، ولكن مع قضايا اجتماعية هامة كانت غير مطروحة على جدول أعمال الأجيال السابقة (الأزمات المناخية، ضغوط الفضاء الرقمي، إلخ).

من المهم الإشارة إلى أن هذه الاتجاهات تنطبق أيضًا على شباب أوزبكستان، الذين يشكلون حوالي ثلث سكان البلاد، ويصل هذا الرقم إلى 60% لمن هم دون 30 عامًا.
ويجب التأكيد على أن أجندة الشباب هي إحدى المهام الأولوية لتنفيذ الاستراتيجية التنموية للدولة.

يولي رئيس أوزبكستان اهتمامًا خاصًا بالشباب، مشيرًا إلى ضرورة مشاركتهم النشطة في تطوير وازدهار البلاد، والدليل على ذلك هو إعلان عام 2021 “عام دعم الشباب وتعزيز صحة السكان”.

وبعد ثلاث سنوات، أعلن رئيس أوزبكستان، شوكت ميرضيائيف عام 2024 “عام دعم الشباب والأعمال التجارية”، مؤكدا بذلك رغبة البلاد في تعزيز دور الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

على الرغم من ذلك، تغيرت السياسات المتعلقة بالشباب بشكل جذري في السنوات الثماني الماضية؛ حيث تم تطوير استراتيجية شاملة للنهوض بالشباب، وإنشاء قاعدة تشريعية قوية تلبي المتطلبات الحديثة وروح العصر، وتعزيز الأسس القانونية والمؤسسية للسياسة الشبابية الوطنية.

كما يوجد في البلاد نظام إداري عمودي فريد للعمل مع الشباب؛ يتيح هذا النظام حل العديد من القضايا المتعلقة بالشباب في المجتمعات المحلية من خلال قادة الشباب على المستوى القاعدي، مثل تعليمهم المهن المختلفة، وتأمين فرص العمل والدعم الاجتماعي، وتنظيم أنشطتهم الترفيهية.

بفضل تطبيق النظام الجديد، الذي يساهم في زيادة دخل الشباب من خلال تخصيص الأراضي، تم في عام 2024 تأجير 60 ألف هكتار من الأراضي لمدة 30 عامًا لـ 156 ألف شاب وشابة بناءً على توصيات “السباعية المحلية”، وهو خطوة هامة في هذا الاتجاه.

تولي استراتيجية “أوزبكستان 2030” أهمية خاصة لتوفير التعليم الجيد للأجيال القادمة، مما يساهم في زيادة القدرة العلمية لشباب البلاد، وهذا يبرز الدور الحاسم للشباب في عملية تحديث المجتمع والدولة؛ على وجه الخصوص يتم إنشاء مدارس رئاسية ومدارس إبداعية ومدارس متخصصة في الرياضيات والكيمياء وعلم الأحياء لتدريب الشباب على العلوم والتكنولوجيا الحديثة، كما يزداد عدد المؤسسات التعليمية التي تركز على قطاع تكنولوجيا المعلومات.

نتيجة لذلك، ارتفع عدد الشباب الحاصلين على التعليم العالي أربع مرات من 9% إلى 38%، كما حصل 151 ألف طالب على قروض تعليمية ميسرة بقيمة 1.7 تريليون سوم.

لقد بدأت التحولات التي تم تنفيذها بالفعل في تحقيق نتائج ملموسة على مدار الثلاث سنوات الماضية، فاز شباب أوزبكستان بحوالي 5500 جائزة في المسابقات الدولية المرموقة.

وفي إطار الاستراتيجية، يتم تطبيق برامج تعليمية جديدة تهدف إلى تطوير مهارات ريادة الأعمال بين الشباب، والتي تعد ضرورية للاقتصاد المعاصر، ويتم إنشاء مناطق صناعية صغيرة للشباب تمثل منصة لتنفيذ المشاريع التجارية، وهذا لا يساهم فقط في تطوير ريادة الأعمال بين الشباب، بل يعزز أيضًا إنشاء فرص عمل جديدة، مما يعزز التنمية الاقتصادية للبلاد، علاوة على ذلك، تم تشكيل البرلمان الشبابي تحت إشراف المجلس الأعلى، وتم إنشاء وكالة شؤون الشباب، ومجلس متعدد الوزارات لشؤون الشباب.
وتعمل وكالة شؤون الشباب على تعزيز معهد دراسة مشاكل الشباب وإعداد الكوادر المستقبلية.

في الوقت نفسه، بالنظر إلى أن السياسة الوطنية الخاصة بالشباب يجب أن تستند في العصر الحديث إلى النظام الدولي لحقوق الإنسان، فضلاً عن المبادئ والمعايير التي أقرتها الوثائق الدولية الخاصة بحقوق الشباب، فإن أوزبكستان تلعب دورًا نشطًا في مختلف المنظمات الدولية من خلال مبادرات هامة؛ على سبيل المثال؛ اقترح رئيس أوزبكستان لأول مرة في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2017، وضع وتبني اتفاقية حقوق الشباب، وتم تكرار هذه المبادرة في الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

الهدف من الاتفاقية هو تعزيز الجهود المبذولة على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية لتلبية احتياجات الشباب وتعزيز قدراتهم وضمان حقوقهم وحرياتهم ومصالحهم في جميع أنحاء العالم.
وكانت خطوة عملية نحو تحقيق هذه الغاية عقد منتدى “سمرقند الإلكتروني” في أغسطس 2020 تحت عنوان “الشباب 2020 : التضامن العالمي، التنمية المستدامة وحقوق الإنسان”، وبنتيجة الفعالية، تم تبني قرار يبرز أهمية تبني اتفاقية دولية لحقوق الشباب.

وفي الوقت الراهن، ولتحقيق الاستفادة الفعالة من الخبرات الدولية وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، تم إقامة علاقات مع 13 منظمة شبابية دولية، ففي عام 2018، انضمت أوزبكستان إلى مجلس الشباب في منظمة شنغهاي للتعاون، وفي عام 2020 إنضمت إلى مجلس الشباب في رابطة الدول المستقلة كعضو كامل العضوية، كما تم إدراج أوزبكستان ضمن أفضل عشرة دول في العالم في تنفيذ “استراتيجية الشباب 2030” من قبل الأمم المتحدة.

يتمتع شباب أوزبكستان بإمكانات ضخمة لتطوير البلاد؛ إن عزيمتهم وتعليمهم، وإمكاناتهم الإبداعية وروح ريادة الأعمال لديهم، هي العوامل الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة في أوزبكستان؛ كما قال الرئيس شوكت ميرضيائيف : “سنجمع كل القوى والإمكانات لدولتنا ومجتمعنا لكي يمتلك شبابنا تفكيرًا مستقلًا، وقدرات فكرية وروحية عالية، ولا يقلون عن نظرائهم من الدول الأخرى في أي مجال، ليكونوا سعداء وواثقين في مستقبلهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى