بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

العلاقات العمانية القطرية.. تاريخ مشترك وروابط راسخة

الدكتور محمد السيد يوسف لاشين

أستاذ علم النقد الاجتماعي والتفكير الناقد

 

تتميز العلاقات العمانية القطرية بمتانتها ورسوخها على أسس من الأخوة والاحترام المتبادل، مما يجعلها نموذجًا فريدًا في المنطقة، وقد تعززت هذه الروابط عبر عقود من التعاون المستمر، حتى باتت العلاقات بين البلدين تتجاوز الأطر التقليدية إلى شراكة استراتيجية تشمل مختلف المجالات.

اليوم، تمضي عمان وقطر بخطى واثقة نحو مستقبل مشترك يحقق المصالح المتبادلة لشعبيهما، في ظل قيادة حكيمة حريصة على تعزيز هذا التعاون وتعميقه.

ويعد التعاون الاقتصادي بين عمان وقطر أحد أبرز أوجه العلاقات بين البلدين، حيث شهدت السنوات الأخيرة نموًا كبيرًا في حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، وقد عززت قطر استثماراتها في عمان في قطاعات مثل البنية الأساسية والطاقة والخدمات اللوجستية، كما تلعب الشركات العمانية والقطرية دورًا محوريًا في تعزيز هذا التعاون من خلال مشاريع طموحة تحقق الفائدة المشتركة.

وتتمتع عُمان وقطر بعلاقات دبلوماسية قائمة على الحكمة والتوازن، حيث تتبنى الدولتان نهجًا مشتركًا يقوم على الحوار والتفاهم في معالجة القضايا الإقليمية والدولية، وتحرص قيادتا البلدين على التشاور المستمر والتنسيق في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، مما يعزز استقرار منطقة الخليج العربي، بينما تمثل الروابط الثقافية والتعليمية بين البلدين عنصرًا أساسيًا في العلاقة، حيث يجمعهما إرث حضاري غني وتاريخ مشترك. وقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا في التعاون الأكاديمي من خلال الشراكات بين الجامعات والمؤسسات التعليمية، مما يوفر فرصًا واسعة للطلاب والباحثين من البلدين لتعزيز معارفهم وتبادل الخبرات، كما تحظى الفعاليات الثقافية المشتركة باهتمام واسع، ما يعكس حرص البلدين على الحفاظ على هويتهما الثقافية وتعزيز التواصل بين شعبيهما، كما تعملان على تعزيز التعاون في مجالات الغاز والطاقة المتجددة، وتسعيان إلى تحقيق الاستدامة من خلال تبني مشاريع صديقة للبيئة واستراتيجيات مبتكرة في مجالات الطاقة النظيفة، ما يساهم في تحقيق رؤية مستقبلية مستدامة لكلا البلدين.

اليوم، العلاقات العمانية القطرية نموذجًا متميزًا للعلاقات العربية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، فمع استمرار التعاون الاقتصادي، والتنسيق السياسي، والتفاعل الثقافي، يبدو المستقبل واعدًا بمزيد من النجاحات التي تعود بالنفع على الشعبين الشقيقين. ووسط عالم يشهد تحولات متسارعة، تبقى عمان وقطر مثالًا للعلاقات التي تبنى على الثقة والعمل المشترك، فقد شهدت هذه العلاقات تطورًا ملحوظا في مختلف المجالات، لا سيما في الجانب الاقتصادي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 1.8 مليار دولار أمريكي خلال عام 2024، وفي الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، وصل حجم التبادل التجاري إلى 1.2 مليار دولار، مقارنة بـ1.4 مليار دولار في عام 2023.

وفي عام 2023، بلغت قيمة صادرات سلطنة عمان، بما في ذلك إعادة التصدير، إلى دولة قطر نحو 284 مليون ريال عماني، ووصلت إلى حوالي 205 ملايين ريال بنهاية سبتمبر 2024، كما توجد في السوق العمانية 15 شركة قطرية، بينما يعمل في السوق القطرية نحو 200 شركة عمانية برأس مال عماني 100%، بالإضافة إلى ذلك، هناك حوالي 200 شركة عمانية أخرى تعمل في قطر بشراكة مع شركات قطرية في قطاعات التجارة والمقاولات.

ومن أبرز نماذج التعاون الاستثماري بين البلدين تأسيس صندوق استثماري مشترك تحت مسمى “شركة الحصن للاستثمار” عام 2007، وهي شركة مساهمة مغلقة مقرها مسقط، تستثمر في مشروعات متنوعة تشمل القطاع المصرفي، الصناعة، الاتصالات والتكنولوجيا، الغذاء، الرعاية الصحية، التعليم، السياحة، والنفط والغاز.

وفي إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري، وقعت حكومتا البلدين مذكرة تفاهم بشأن الشراكة الاقتصادية والاستثمارية، تهدف إلى تعميق الروابط بين البلدين وتعزيز التعاون في مختلف المجالات، وتُعَدُّ هذه الأرقام والاتفاقيات دليلًا على عمق العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عمان وقطر وحرصهما على تعزيز التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى