بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

بروتوكول الطاولة المستديرة في الاجتماعات الرسمية

أ. عصام بن محمود الرئيسي
مدرب ومؤلف سلسلة كتاب مختارات من البروتوكول والإتيكيت

 

 
الاجتماعات والمؤتمرات هي أنشطة غالبا ما يتم تنفيذها في قاعات خاصة أعدت لهذا الغرض وهي تهدف إلى تبادل الأفكار ومناقشة الاستراتيجيات واتخاذ القرارات المختلفة، ولكي يسير الاجتماع بسلاسة وبشكل مؤات، يجب اختيار شكل الطاولة المناسبة لهذا الاجتماع وعادة ما يتم اختيار نوعية طاولة الاجتماع حسب نوعية الاجتماع وعدد المشاركين فيه.

بشكل عام، هنالك عدة أنواع من الطاولات الخاصة بالاجتماعات الرسمية، يختلف ارتفاعها بحسب الغرض من استخدامها، فطاولات المائدة على سبيل المثال يتراوح ارتفاعها بين 70 و76 سنتيمتراً لتناسب المقاعد المخصصة لتناول الطعام. وتتراوح طاولات تناول القهوة والشاي منعزلة بين 40 و50 سنتيمتراً، لتكون منخفضة وسهلة الوصول وتوضع عادة في غرف الاستقبال، بينما يبلغ ارتفاع طاولات المكتب وقاعات الاجتماعات عادة بين 73 و80 سنتيمتراً لتناسب وضعية العمل المريحة.

أما من ناحية الشكل فتوجد هنالك عدة أنواع من الطاولات لاستخدامها في الاجتماعات المختلفة وحسب نوع الاجتماع وعدد المشاركين فهناك طاولة اجتماعات مربعة الشكل وتأتي بأحجام مختلفة يمكن تعديلها حسب مساحة الغرفة، وهي من المقاسات المناسبة لوضعها في غرف صغيرة وكبيرة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تدمج عدة طاولات اجتماعات مربعة في طاولة واحدة إذا تطلب الأمر ذلك وإذا كان هناك الكثير من المشاركين الذين سيحضرون في الاجتماع.

وهنالك أيضا طاولة اجتماعات مستطيلة الشكل وهي عادة أكثر ملاءمة لوضعها في غرفة كبيرة للاجتماعات الرسمية، ويمكن أن تستوعب طاولة الاجتماعات المستطيلة الأصغر حجما 6-8 أشخاص وتعتبر الطاولة مستطيلة الشكل مناسبة أكثر للمفاوضات أو لاجتماعات العمل من خلال مقابلة المجتمعين وجها لوجه.

ومن أشكال الطاولات أيضا طاولة الاجتماعات البيضاوية، ويمكن أن يسهل هذا النوع من الطاولات على المشاركين في الاجتماع المناقشة مع بعضهم البعض. ويمكن استخدام طاولات الاجتماعات البيضاوية لإنشاء غرف اجتماعات أكثر تميزا وحداثة وجمالية، وكذلك توجد أيضا طاولة اجتماعات مستديرة الشكل وهي أكثر ملاءمة لوضعها في غرفة صغيرة الحجم لأنها لا تشغل مساحة كبيرة، وتتمثل ميزة طاولة الاجتماعات المستديرة في أنه يمكن للجميع مقابلة بعضهم البعض وجها لوجه، مما يجعل عملية المناقشة أسهل وغالباً ما تكون أبعادها 70×70 سنتيمتراً، مع وضع الأرجل في المنتصف لتحقيق مرونة أكبر لحركة الأرجل والجلوس.

وسوف نركز حديثنا في مقالنا هذا على الطاولة المستديرة.
 
حيث تعرف الطاولة المستديرة بأنها دائرية الشكل وهي طاولة بدون «رأس» أو «جوانب»، للتعبير عن التساوي بين المجتمعين، لهذا كل من يجلس عليها له موقع مميز ويعامل معاملة متساوية وتقنيات “الطاولة المستديرة” غير معقدة، فأسلوبها مبسط وطريقة إدارة الحوار فيها تضمن مشاركة جميع الأطراف دون تمايز أو تفضيل، وقد أخذت فكرة الطاولة المستديرة من أسطورة طاولة الملك آرثر المستديرة  في قلعة كاميلوت، حيث كان آرثر ملكًا لبريطانيًا وحكم في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس، وقد اشتهر كمحارب ماهر وحاكم عادل بين شعبه حيث صمم تلك المائدة للجلوس عليها من قبل فرسانه الشجعان الذين كان لهم دور كبير في استتباب الأمن ونشر العدل في مملكته وقد ضمت الطاولة  12 فارسًا قيل إنهم كانوا أقرب مستشاري وأصدقاء الملك آرثر، وقد اختارهم كفرسان لشجاعتهم وحكمتهم، وكانت المائدة المستديرة عبارة عن طاولة كبيرة ، قيل إنها كانت مستديرة حتى لا يجلس أي فارس على رأس الطاولة، مما يرمز إلى مساواتهم بدون تمييز أمام الملك، في رواية أخرى يقال بأن فكرة الطاولة المستديرة ليست إنجليزية بل جاءت من بلاد ما بين النهرين وبالتحديد الحضارة السومرية منذ عدة قرون وذلك في القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد من خلال الملك التاريخي جلجامش، حيث يشير المؤرخون إلى أنه أول من أسس طاولة مستديرة يجلس إليها الحكماء لمناقشة شؤون المملكة واختار ذلك النوع من الطاولات حتى لا يفضل أحد عن آخر من حكمائه وعقلائه وإعطائهم الحرية في طرح الآراء حول مملكته.

اليوم، يتم استخدام الطاولة المستديرة في الاجتماعات التي تحوي العديد من الأطراف، بالإضافة إلى استخدام المصطلح «مائدة مستديرة» للتعبير عن حل وسط في أمر مختلف عليه بين أطراف معينين يجلسون في حلقة مستديرة، والهدف منها تساوي الجميع دون وجود تسلسل هرمي أو امتياز لأحد في موقع الجلوس، وتمتعهم بالتالي بنفس الحقوق والصلاحيات والحريات لإبداء الرأي والنقاش.

تستمد استراتيجية الطاولة المستديرة أهميتها من العديد من المميزات التي تتسم بها ولما لها من دور فاعل للأسباب التالية:
·      يتساوى الجميع في الجلوس عليها دون وجود امتياز لأحد في موقع الجلوس، وتمتعهم بالتالي بنفس الحقوق والصلاحيات والحريات لإبداء الرأي.
·      تفضّل الموائد المستديرة على بقية أشكال الطاولات وذلك لتعزيز فرص التواصل والمحادثة بين الجالسين.
·      تعزيز التعاون وحب العمل الجماعي والإيجابية وتنمية روح الفريق بين المجتمعين.
·      توفير إمكانية التعبير عن الرأي والإفصاح عن وجهات النظر بحرية.
·      تعزيز مبادئ احترام الوقت وكيفية قياسه وتقديره بشكل دقيق.
·      التدريب على تحمل المسؤولية والمشاركة الفعالة.
·      إدراك ماهية الأهداف المشتركة وتوحيد الجهود.
·      تحفيز المشاركين في الاجتماع على إعمال العقل وإنتاج أفكار إبداعية.
·      توليد القابلية لتوجيه نقد إيجابي بنّاء وغير لاذع لأطراف الحوار.
·      تحفيز الجرأة في طرح الأفكار ومناقشتها.
·      إتاحة فرص متساوية لجميع أفراد المجموعة للمشاركة والإنجاز.
·      غرس قواعد الديمقراطية والحرية في إبداء الرأي.
وأخيرا تعتبر “الطاولة المستديرة” أحد المناهج العلمية البحثية المعتمدة وكذلك اعتمد عليها رجال التربية في المؤسسات العلمية لإيجاد الحلول التربوية المختلفة لفتح أبواب للمستقبل، وكذلك رجال السياسة  يعتمدون عليها في اجتماعاتهم وتقوم في مبدأها الأساسي على إشراك المختصين من أصحاب الخبرة بكل شفافية بطرح القضايا المختلفة التي تهم المؤسسة والدولة بشكل عام.
 
وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى