
ظاهرة ترك عبوات الماء غير مكتملة الشرب في المساجد والمناسبات المختلفة
الكاتب أ. عصام بن محمود الرئيسي
مدرب ومؤلف سلسلة كتاب مختارات من البروتوكول والإتيكيت
من نعم الله علينا في هذا العصر الحديث أن هيأ لنا وسائل متقدمة لتوفير الماء النقي، ومن أبرزها تطور تعليب المياه. فقد أصبح بإمكاننا الحصول على عبوة ماء نقية في أي وقت ومكان. وأن توفرها بهذا الشكل الصحي النقي بين أيدينا هو نعمة من نعم الله، تستوجب منا الشكر والامتنان. فهي ليست مجرد وسيلة لإرواء العطش، بل رمز للتقدم والتطور الذي يسهم في تحسين جودة حياتنا. فلنحافظ على هذه النعمة، ولنستخدمها بحكمة ووعي.
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ” [الأنبياء: 30]. هذه الآية الكريمة تُبرز أن الماء هو العنصر الأساسي في خلق الحياة واستمرارها. ففي كل قطرة ماء تحمل في طياتها حياةً لا تُقدّر بثمن. خاصةً في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها المجتمعات.
وما يلاحظه الجميع في العديد من المساجد والمناسبات الاجتماعية، كالأعراس، ومجالس العزاء ظاهرة متكررة تتمثل في ترك علب الماء غير مكتملة الشرب، من قبل البعض سواء كانت نصف ممتلئة أو أقل من ذلك، دون إتمام شربها أو التخلص منها بشكل مناسب. هذه السلوكيات، رغم بساطتها الظاهرة، تحمل في طياتها أبعادًا بيئية واقتصادية وأخلاقية تستحق التأمل والمعالجة.
أسباب الظاهرة
· عدم الإدراك الكافي لقيمة الماء: قد يفتقر البعض إلى الوعي بأهمية الحفاظ على الموارد المائية، مما يؤدي إلى سلوكيات غير مسؤولة مثل ترك علب الماء غير مكتملة.
· الاعتقاد بوفرة الماء: يعتقد البعض أن توفر الماء في المساجد والمناسبات يعني إمكانية استخدامه بلا حدود، متناسين أن الإسراف مرفوض دينيًا وأخلاقيًا.
· الانشغال أو النسيان: قد يترك البعض علب الماء دون قصد، بسبب الانشغال بالحديث أو أداء الصلاة أو غيرها من الأنشطة.
· الاعتقاد بوجود بركة في الماء المتبقي: يعتقد بعض الأفراد أن ترك علب الماء مفتوحة في أماكن معينة، مثل المساجد، قد يجلب البركة أو الشفاء، وهو ما لا يستند إلى دليل شرعي.
التداعيات السلبية
· هدر الموارد: ترك علب الماء غير مكتملة يؤدي إلى هدر كميات كبيرة من الماء، وهو ما يتنافى مع مبادئ الترشيد والحفاظ على النعم.
· زيادة النفايات: تتراكم العلب غير المكتملة، مما يزيد من حجم النفايات ويؤثر سلبًا على نظافة المكان.
· تكاليف إضافية: يتحمل القائمون على المساجد والمناسبات تكاليف إضافية للتخلص من العلب المتروكة وتنظيف الأماكن.
· نقل الأمراض: قد تصبح العلب المتروكة بيئة مناسبة لتكاثر الجراثيم، مما يزيد من احتمالية نقل الأمراض.
الحلول المقترحة
· التوعية المجتمعية: إطلاق حملات توعوية في المساجد والمناسبات لتثقيف الناس حول أهمية ترشيد استهلاك الماء وعدم هدره.
· وضع لافتات إرشادية: تثبيت لافتات توضح أهمية استهلاك الماء بشكل مسؤول وتشجع على إتمام شرب العلب أو التخلص منها بشكل مناسب.
· تشجيع استخدام الكؤوس القابلة لإعادة الاستخدام: بدلاً من العلب البلاستيكية، يمكن توفير كؤوس قابلة لإعادة الاستخدام، مما يقلل من الهدر والنفايات.
· توفير صناديق مخصصة للعلب غير المكتملة: وضع صناديق مخصصة لجمع العلب غير المكتملة، ليتم إعادة استخدامها أو التخلص منها بشكل مناسب.
· التأكيد على القيم الدينية: تذكير الناس بالتعاليم الدينية التي تحث على عدم الإسراف والحفاظ على النعم، مثل قوله تعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا” (الأعراف: 31).
وأخيرا ظاهرة ترك علب الماء غير مكتملة في المساجد والمناسبات ليست مجرد سلوك عابر، بل تعكس مستوى الوعي المجتمعي بقيمة الموارد وأهمية الحفاظ عليها من خلال التوعية والتعاون بين أفراد المجتمع، يمكننا الحد من هذه الظاهرة وتعزيز سلوكيات أكثر مسؤولية تجاه النعم التي أنعم الله بها علينا. فكل قطرة ماء تُعد كنزًا ثمينًا يجب علينا الحفاظ عليه، ليس فقط من أجلنا، بل من أجل الأجيال القادمة. فالماء هو الحياة، وبدونه لا يمكن للبشرية أن تستمر.
وعلى الخير نلتقي والمحبة نرتقي ,,,,