
سلسلة التطوير المؤسسي الذكي (7): ريادة الأعمال في عصر التقنيات الذكية – كيف تبني مشروعًا متجددًا؟
المهندس/ عامر إبراهيم
استشاري إدارة وتطوير الأعمال وخبير استراتيجي في التحول الرقمي
ملاحظة: هذا المقال هو الجزء السابع من سلسلة “سلسلة التطوير المؤسسي الذكي”، التي تهدف إلى تقديم خطوات عملية وأفكار واقعية تساعد المؤسسات وروّاد الأعمال على مواكبة التحول الرقمي، استثمار التقنيات الحديثة، وتعزيز الابتكار والتنمية المستدامة.
في هذه السلسلة، نسير معًا خطوة بخطوة نحو مستقبل مؤسسي أكثر كفاءة ومرونة.
كما قال جلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه –: “تنمية الإنسان هي المهمة الأولى للتنمية الشاملة”، فإن تمكين الأفراد من بناء مشاريعهم بروح حديثة وإبداعية هو استمرار لهذا النهج الحكيم. كل واحد فينا يحمل فكرة في ذهنه، حلم صغير أو كبير، يتمنى في يوم من الأيام يتحول لواقع. لكن كثير من هذه الأحلام تموت إما لأنها لم تجد من يسمعها، أو لأنها لم تُبنى على أسس صحيحة. وريادة الأعمال اليوم ما عادت مجرد تجارة أو تجربة، بل أصبحت علم، وفكر، وأدوات ذكية تساعدك تمشي الطريق بخطى ثابتة.
ريادة الأعمال في عصر التكنولوجيا ليست كالسابق وفقًا لتقرير Harvard Business Review (2024)، أصبحت ريادة الأعمال الرقمية أسرع وسيلة لبناء شركات مستقرة في الدول النامية.
كما أشار تقرير Startup Genome لعام 2023 إلى أن 90% من الشركات الناشئة تفشل بسبب غياب التوافق بين المنتج والسوق. هذه الأرقام تبيّن أن الفكرة وحدها لا تكفي، بل فهم الواقع والسوق هو الأساس. زمان، كان التاجر يعتمد على رأس المال والمكان والعلاقات. اليوم، صاحب المشروع يحتاج يعرف كيف يستخدم البيانات، الذكاء الاصطناعي، أدوات التحليل، والتسويق الرقمي. اللي عنده فكرة ويفهم الأدوات، ممكن يسبق شركة قائمة منذ عشر سنين.
من أين أبدأ ؟ خطوات حقيقية لبناء مشروع متجدد..
1. إبدأ من المشكلة، لا من الفكرة :
السوق لا يهتم بأحلامك، يهتم بحلوله؛ كل مشروع ناجح بدأ من وجع حقيقي شعر به صاحبه أو غيره.
2. إفهم جمهورك :
مثال حقيقي على ذلك : رائدة أعمال عمانية بدأت بمنتج منزلي، ثم توسعت عبر إنستغرام، واليوم تدير متجرًا إلكترونيًا متكاملًا وشراكة مع متجر عالمي.
هذا النجاح لم يكن ليحدث لولا فهمها العميق لاحتياجات جمهورها.
من هم ؟ ماذا يريدون ؟ كيف يعيشون ؟ ما عاداتهم الرقمية ؟.
3. إستثمر في أدواتك قبل منتجك :
دراسة حديثة لـ McKinsey (2023) أظهرت أن 70% من رواد الأعمال الذين يستخدمون أدوات رقمية بشكل يومي يحققون نموًا أسرع بنسبة 30% مقارنةً بغيرهم.
إستخدم أدوات رقمية مثل Canva للتصميم، Notion للتنظيم، ChatGPT للفكرة والتخطيط، ووسائل التواصل لتسويقك.
4. إبنِ نموذج عمل قابل للتطور :
لا تضع نفسك في زاوية .. كُن مرناً وقابل للتعديل بناءً على بيانات السوق.
5. اختبر بسرعة، وعدّل بذكاء :
شاب عماني بدأ بمشروع توصيل منزلي باستخدام Google Forms وواتساب، وبعد 6 أشهر فقط طوّر تطبيقًا يخدم ثلاث ولايات.
التجربة السريعة وردود الفعل هي التي صنعت التحول؛ ليست هناك فكرة تولد كاملة.
أنزل السوق، خذ آراء، عدّل، وطوّر.
● “لا تنتظر الفرصة، بل اصنعها” – جورج برنارد شو.
● “النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد الحماس” – ونستون تشرشل.
● “ريادة الأعمال هي أن ترى الفرصة حيث لا يراها الآخرون، وأن تتحرك قبل الجميع” – قول مأثور في عالم الأعمال.
● “الأفكار الذكية لا تبحث عن تمويل، بل تبحث عن تنفيذ عاقل” – م. عامر إبراهيم
الخـلاصـة..
المشروع الناجح لا يحتاج رأس مال كبير، بل يحتاج إلى وعي، أدوات، ومرونة في التفكير.
إبدأ الآن، لا تنتظر توقيتًا مثاليًا. إختر نموذج عمل مرن يعتمد على منهجية الإدارة الرشيقة (Agile Management)، بحيث تكون قادرًا على التعديل والتطور مع كل مرحلة.
تذكّر؛ الفكرة الجيدة تتطور، والمشروع الناجح لا يتوقف عن التحديث.
ولا تنسَ أن الاستعانة بمستشار أعمال موثوق؛ يمكن أن يوفر لك وقتًا كبيرًا من التجربة والخطأ، ويقلل من تكاليف التطوير، ويساعدك في اتخاذ قرارات مدروسة تنقل فكرتك من فكرة على الورق إلى مشروع فعلي مؤثر.
والأهم : لا تشتغل وحدك؛ أطلب المشورة، شارك فكرتك، تعلم من الذين سبقوك، وتذكّر : كل فكرة عظيمة بدأت بخطوة صغيرة.










