بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

مرباط..

مسلم بن سهيل العمري

 

عاهدت نفسي ومرباط ؛ بان اكتب مقالًا سرديا مطولًا يعطي مكانة طبيعية لتلك المدينة التاريخية ، في ظل تواري واستدارة من حولها ، رغم ذلك يقينا لن اوفي مناقبها لكن قد يكون افتداء يذهب جزء مما حملته على عاتقي.

من شواطئها السيرة العطرة للنبي الهادي المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام ، يقف مرقد الصحابي الجليل زهير بن قرضم ، لقد اضفى هذا الشاهد التاريخي الذي لا يزال حاضرا الى يومنا هذا ثقافية دينية ، وتأصل ذلك في طبيعة مرباط الالتزام بطقوس الصيام والقيام وقراءة القرآن وتعليمة وتوارثه للاجيال ومنارة علمية لم ينطفئ نورها.

لم تستكن يومًا عن المولد النبوي ، ولا النصف من شعبان ورمضان ولا عاشوراء ولا ايام الحج العشر ، ويتجلى ذلك في مساجدها للزائرين عندما تشاهد موائد الافطار قبيل صلاة المغرب.

ان الهوية الاسلامية لمرباط طيلة القرون الماضية ؛ لا يقدّر لها انسلاخًا وضمورًا مهما تعاقبت الأجيال ، بل هو اعتزازا بإرث حضيت به الجغرافيا وتراب مرباط.

امتدادًا للإرث الاسلامي التاريخي ، فهي محط العلماء من كافة الأقطار الاسلامية ، فالباحث في التاريخ ، سوف يجد من الشواهد والمقتنيات والمصنفات ، الكثير من المصادر والمراجع ؛ التى يستدل بها وتؤكد مكانتها كعاصمة ومركزا دينيًا واقتصاديًا واجتماعيا وسياسيا لظفار.

عندما تتلاطم امواج بحر العرب على فرضة مرباط ،يتبادر الى ذهن الزائر أن هناك عائق يحول دون ركوب البحر ! لا لم تثنِ تلكم الأمواج الانفتاح والتواصل مع العالم ، فقد كان اللبان الحوجري المجلوب من اودية جبل سمحان ، هو بمثابة مفتاح العبور الى مواطن الحضارات القديمة.

لقد ظل جبل سمحان الشامخ ، الظهير الحامي والحاني لمرباط عبر الزمان ، فمزن سمحان وخيراته المختلفة ،جعلت من سكان مرباط لا يلتفتون او يكترثون يوما باحتياجاتهم اليومية ؛ هناك نظام اقتصادي مبني على التبادل التجاري بمختلف السلع. ومن المؤكد أن الرفاه كان حاضرا ، ومقصدا لكل من صعب عليه العيش يلجأ الى مرباط.

لقد كانت السلع المختلفة من الجلود والأخشاب والسمن العربي بالاضافة الى اللبان الظفاري والخيول العربية ، ما تشتهر به موانئها.

لقد كان اللبان الحوجري ، وعبق رائحته وعطره الساحر ،يفوح في بيوت مرباط وازقتها ؛ ومعطرا للمحيط الهندي والفلك الناقله له لكنائس الرومان ومعابد الفراعنة. وكان بمثابة الذهب أو أغلى من ذلك ، هل فقدان قيمة اللبان واستخراجه يصعب على أبنائه.

مرباط المدينة الجميلة ، وحاضرة ظفار التى تتلألأ أنوارها في العهد الجديد والمنعكسة ليلًا عبر مياهها الدافئة شتاءً لمن اراد الهدوء والسكنية.

روائح زهورها المزهرة في فصل الصرب تشفي العليل وتلهم التوقد واليقظة لمن سكن تلالها.

لقد كان سكان مرباط ومجتمعها ولايزلون يتمتعون باحترام ومحبة سكان المحافظة لحسن اخلاقهم المحمودة ، مما جعل الحمد لكل من لقيهم ، فطبيعتهم السلم وكل من عاش معهم عاش سالما.

ومن طبيعه سكانها الرحمة بالغرباء ، ولقد يجد الغريب نفسه يسكنها السلام والتعايش والألفة. ومن خصائص سكانها العزة والأنفة كعلو جبل سمحان ؛ ليس تكبرا ولا غرورا ، لكنهم لا يقبلون الذل والهوان ، بل الترفع عن صغائر الأمور.

الفيصل والخاتمة وهي مدينة الفصل والأعراف لا يمكن أن نوفي مرباط قدرها ومكانتها التاريخية ، كانت ذو مكانه عالية رفيعه ، ونسال الله أن تبقى كما كانت ، وأن يعم الخير على كل ساكنيها ، وأن تكون على مر الزمان في تقدم وازدهار ورقي وتطور.

تعليق واحد

  1. مقال جميل للغاية يستحضر التاريخ لبقعة فريدة من البسيطة شاء الله أن تكون هي مرباط من أرض ظفار جنوب سلطنة عمان.

    ونسأل الله أن يهتدي أبناء تلك الجغرافيا لأمر يرشد يستثمرون فيها مقومات أرضهم ويجددون تاريخ الآباء ويصنعون تاريخ يفخر به الأحفاد.

    الشكر للاستاذ مسلم سهيل العمري على ما خطته أنامله الكريمة.

اترك رداً على محمد دريبي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى