
إصبع زياش ..نرجسية الضخ وتقنين التفاؤل !
حسين الذكر
في بداية انطلاقة البطولة الأفريقية ومن خلال جولتين فقط يتضح جليا أن كان المغرب 2025 ليست محسومة التتويج وما كان يشاع قبل البطولة من قبيل الإحصائيات والبطولات الثانوية والضخ الإعلامي والحماس الجماهيري ليس دليلا صارخا جادا يقود التوقعات.
فبعد مباراتي (الكونغو– السنغال) و(تونس –نيجيريا ) تغيرت النظرة وقلبت الطاولة سيما العربية منها وتلخبطت خارطة التوقعات، فالوحش الأفريقي غير العربي كشر عن أنياب مفترسة لا تتهاون معززة بقوة بدنية جسمانية مقاتلة معبئة بخبرة النجوم الاحترافية في أوروبا فضلا عن حسن التوظيف التكتيكي لكل مباراة.
هنا لا أتحدث عن النهاية وحسم ستار التتويج والإفصاح عن وجوه أبطال محتملين فذلك شيء آخر . لكن التباشير الوردية التي سادت من قبل وبعد جمال حفل الافتتاح وتأثيراته النفسية الإيجابية وقبلها أخبار بطولة كأس العرب والتتويج المغربي بفريق سميَّ ( بالثاني ) أعطى بعدا نفسيا مليئا بالثقة العربية لامتلاك كأس الوحوش السمراء ووضعه في خزانة عربية صرفة.
هذا الإحساس الوردي ينبغي أن يتغير ليس لحد اليأس والتسليم .. لكنه بمثابة إنذار بوجه التلكؤ والنوم العسلي التكتيكي وثمالة ما يشاع ويحتسى على المدرجات من أمنيات معسولة تعزف على وتر الأمنيات وترقص مبتهجة دون حسابات يقظة الوحوش الجائعة.
من وجهة نظر طريفة تعد جزءا معبرا عما يختلج نفوس الجماهير والإعلام في ردات فعل – وإن بدت متعجلة تكتيكيا – إلا أنها تمثل روح الامتثال للنقاش والتنافس الكروي المثير .. إذ نشر شقيق حكيم زياش النجم المغربي سابقا بعد التعادل المحبط أمام مالي نصا على انستغرام يحمل رسالة واضحة المعنى وتؤكد للضغوط الجماهيرية والإعلامية المغربية التي لن تتهاون بغير الحصول على الكأس .. إذ كتب مغردا مع مرفق لصورة النجم حكيم زياش بقميص المنتخب المغربي : ( لا يزال يمتلك في إصبع قدمه اليمنى، جودة تفوق جودة التشكيلة بأكملها) !.
ما يهمنا هنا إعادة السيطرة على الخطاب الإعلامي العربي عامة والمغربي خاصة وضرورة بث خطاب رسمي أكثر اتزانا وأقل وردية بشكل متسق مع عطاء يوميات أفريقيا 2025 .. فإن صناعة الأمل والاتشاح الوجداني المنفوخ المعبء بالوعود مع تجاهل تام للآخر قد يرسم لوحة غير دقيقة التعبير وتتفاوت فيها الحقائق مما يمهد لانكسارات نفسية مع أي وقائع جديدة سيما بعد أن جادت تفاصيل المشهد التكتيكي بمعطيات أخرى غير التي كانت تتداول عربيا من قبل .
الضخ الإعلامي وصناعة فحوى الخطاب أصبح ملفا محرجا وينبغي أن لا يفلت الزمام فيه من اليد المسؤولة في ظل حرية التعبير وتأثيرها المتلاطم بموج تواصلي عصي الكسر من قبل أفراد لا يعدون ولا يحصون سيما وهم غير مخالفين للقانون ولا يمكن إسكات ذواتهم العاطفية الموالية لبلادهم معتقدين تماما بأحقية التتويج بمعزل عن قوى الآخر .
هذا الاندفاع التحفيزي غير المرتكز على حصافة التحليل وجزيئيات تكتيكة أخذت تتجلى في المشهد الأفريقي للمختصين بما يثير تساؤلات جديرة بتغيير خارطة التوقعات أو بأقل تقدير البحث عن مركزية خطاب يمنع الفيضان النفسي والانفلات التقديري.








