بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

الرونق العذب شذرات من اللؤلؤ الرطب .. ( ١ )

ماجد بن محمد الوهيبي

• اسـتـهـلال •
هذه  شذرات  متنوعة  من كتاب اللؤلؤ الرطب لشيخي العلامة المؤرخ الفقيه سعيد بن حمد الحارثي رحمه الله أقدمها لكم كمقتطفات مقتفيًا لأثره سائرًا على نهجه وخطاه،
 وهي  تحوي أحداثًا من التاريخ العُماني الاجتماعي والشخصيات التي عاصرها الشيخ وأثرت فيه والقصص الرائعة التي تجمع بين الحكمة والفكاهة والعبرة والاستفادة، بأسلوب أدبي ممتع، وقد سبق لي التعريف بالكتاب في مقال سابق لي،  وهذه هي أول الشذرات بعون الله وتوفيقه حتى يكتمل عقد اللؤلؤ وتنتظم حباته . 
ذكر الشيخ رحمه الله في مقدمته للكتاب السبب في تأليفه وإخراجه لهذا الكتاب وهو إحياء التراث العُماني  وتثقيف الجيل الجديد في العصر الزاهي لجلالة السلطان قابوس طيب الله ثراه راجيًا أن يتقبل منه هذا العمل  الذي ما أراد به إلا الخير والله مع حسن القصد معين ، كما ذكر رحمه الله أن يبادر في إخراج ما يحفظه وما ينقله عن الجهابذة الثقات قبل دنو الأجل وحلول الممات ،وقد انتهى من تأليف هذا الكتاب وكتابته؛
ظهر الأربعاء ٢٠ جمادى الآخره   ١٤٠٥ للهجرة  – ١٣ مارس ١٩٨٥ للميلاد.
بدأ الشيخ  بمرويات يرويها عن الشيخ محمد بن سالم الرقيشي رحمه الله وفي هذه القصة درأً للفتنة وهذا هو شأن العلماء قال:- كان الشيخ سعيد بن أحمد الكندي : يسكن نزوى فقُتل له ولد، ولم يُعرف قاتله فهم جماعته بأخذ الثأر من قبيلة يتهمونها فمنعهم الشيخ قائلًا : إنه لم يتحقق القتل من أحد وما كان لنا أن نقتل بريئًا  فقالوا : لا يمكن أن نقضي على العار  فلا نأخذ بالثأر  قال لهم :- لكن إذا عرفتم القاتل  قالوا  :- لكن هذه عادة القبائل قال : لا أقبل ، إذا كان لابد لكم من ذلك بغير رضى مني، فدعوني أخرج من هذا البلد، فانتقل إلى العليا من وادي بني خروص ويقال أن كتبه  كانت حمل أربعمائة حمار.
وقال الشيخ الرقيشي : إن الشيخ سعيد بن أحمد هذا  ليس له شغل في الدنيا  إلا العلم والتعليم، جاءه يومًا في وقت القائلة من دق الباب عليه فخرج إليه فوجده رجلًا يبحث عن مسألة فقهية وقال له أنا حائر في تفسير شىء من القرآن فجئتك مسترشدًا قرأت في القرآن آية تقول( وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) سورة الحج الآية٤٧ وآية أخرى تقول ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) سورة المعارج الآية ٤ صدق الله العظيم، وهذا  فيما يظهر تناقض بين الآيات فقبض الشيخ قبضة من تراب رمى بها وجه السائل  وقال ياعدو الله انظر غيري  فتلاشى السائل من بين يديه ولم يره أحد  قال الشيخ إنه إبليس أراد أن يلبس عليّ ولكن خاب سعيه فأخزاه الله ومن مروياته رحمه الله قال : لما تم الاعتماد على بيعة الإمام سالم بن راشد الخروصي رحمه الله  طلب الشيخ نور الدين السالمي زعماء القبائل أن يحضروا  أمامه  فاصطفوا فضحك  فقيل :- مايضحكك  قال ؛-لما بتنا في بركة الموز  في طريقنا إلى هذا  الغرض  رأيتُ في النوم أني أصف أسطوانات أمامي فلما صففتم الآن ذكرت الرؤيا، فإذا أنتم الأساطين ثم قال : أنتم تقدمون على أمر عظيم لا يتم لكم إلا بالخضوع  لله عز وجل والتوبة إليه، وتعد عليكم سقطات، أنتم الأكابر وأريد أن أتوبكم منها، فتوبوا إلى الله من  جميع ذنوبكم فتابوا.
ثم طلبوا سالم بن راشد الخروصي فقال له الشيخ المسلمون رأوا  أن يبايعونك إمامًا لهم  فتلكأ عن البيعة لهيبة المقام وقال : أنا ما صاحبتكم لهذا ولا أصلح أن أكون إماما، ولحزم الشيخ على تمام الأمر  وخوف دخول الفشل في التريث  نادى في الحال أبا زيد عبدالله بن محمد الريامي فقال : أقطع رأسه فشهر أبو زيد سيفه  وجاء ممتثلًا أمر شيخه فلما سمع سالم ذلك قال: ما تكون منزلتي معكم إن قتلتموني قال نبرأ منك لأنك شققت عصى المسلمين، وفرقت ذات بينهم بعدما التأمت  قال : أعوذ بالله من أن أنزل هذه المنزلة رضيت بما يرضاه المسلمون؛ فبايعوه إمامًا وقام بالواجب خير قيام كما ذكرت سيرته في ( نهضة الأعيان ).
يتبع..….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى