بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

الموقف العظيم يوم القيامة مع صحيفة الأعمال!!..

الكاتب/ حبيب بن مبارك الحبسي

habibalhabsi1122@gmail.com

 

الموقف العظيم يوم القيامة مع صحيفة الأعمال!!..

 

المنتظر المخيف .. الغافلون عنه في هذه الدنيا ناسين لحظة وقوفنا يوم القيامة أمام الملك الديّان .. عندما تأتي كل الخلائق منذ خلق الله تعالى الأرض ومن عليها إلى أن ينفخ في الصور بين يدي الرحمن .. تنتظر الحساب مع هول الموقف العظيم لا حول ولا قوة لأحد إلا بالله .. ساعتها تكون كل أعمالنا حاضرة وموثقة والشهود ملائكة وأعضاء أجسامنا .. كل فرد على نفسه بصيرة لا ظلم هنالك ولا محامي ولا ينفع إنك من بيت فلان أو قبيلة فلان هناك تطمس الألقاب ولا شفاعة إلّا للحبيب محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وذلك بعد أن يأذن الرحمن.

الغفلة والانغماس في شهوات الدنيا ومتاعها وزينتها على ما نحن عليه في الحياة الدنيا، وهذا واقع لا نزكي أنفسنا فيه بمثالية التقوى والإصلاح .. واقعنا نصلي بلا روح في الصلاة، ونصوم فقط عن الأكل والشراب ولم يروض فينا الصيام الجوانب الروحية .. في أوقاتنا وخاصة وقت الفراغ تشهد أغلب مجالسنا أحاديث في أعراض الناس قذفنا هذا .. وأسأنا الظن في ذاك .. واغتبنا فلان وضحكنا بتعليقاتنا على البسطاء، واستذكرنا المواقف المحرجة التي قد يقع فيها غيرنا خطأ .. وأكلنا من مال هذا بلا استئذان واسقطنا عليه حلة أكل أموال المسلمين بمسوغات لا لها علاقة بالدين .. نعد فنخلف، ونكذب لتحقيق مصالح ولا نفي .. ونعاهد ونغدر، ونخاصم ونفجر .. نعمل عملا غير متقن .. نستأذن في أعمالنا أكثر من الأداء والإنجاز، ونغش في أعمالنا كالبناء والتجارة والمعاملات، عطلنا الزكاة والصدقات، فأصحاب المبالغ الكبيرة أكثر حرصا من البسطاء على الإنفاق، فتجدهم مع البخل والشح إلا ما رحم ربي، نقضي أوقاتا غير مباركه لأنها خالية من ذكر الله تعالى، قد نصرف مبلغاً كبيراً لعشاء في مكان فاخر .. أليس هذا بالعبث والفساد .. بينما أخ وجار مستور الحال يتناول كسرات من الخبز المبلل باللبن مع أطفاله حتى النوم بعدما هدأت بطونهم، ولا نراعي في حديثنا حينما نتكلم عن ما نملكه إحساس الفقير؛ فقد تأخذنا نشوة السعادة في الحديث عن ما نملكه من عقارات وأرصدة .. وأسفار .. ومقتنيات .. أليس هذا بقلة ذوووق وعدم احترام لمشاعر البسطاء وانعدام للإنسانية؟؟.

أمورنا بعضها عكس ما يأمرنا بها الدين الحنيف؛ ففي المجالس نفسح المكان لصاحب الشياكة والمكانة المالية والاجتماعية؛ بينما كبير السن يجلس في نهاية المجلس بلا تقدير .. أين العدالة في حسن التعامل وتوقير الكبير قربنا هذا وابعدنا ذاك.

هل يعقل أن تكون هذه أعمالنا وتصرفاتنا، مقارنة مع شخص متقي الله تعالى يخافه ويرجوا رحمته .. لا يستوون..

نحتاج فهم معنى وحقيقة وجودنا في الدنيا فالله سبحانه وتعالى أوجد لنا الصراط المستقيم الذي ينبغي أن نسلكه وحذرنا من اتباع طرق الغواية وسبل الشيطان .. فمن رحمة الله علينا إذا وقعنا في الذنوب والمعاصي والموبقات فباب التوبة مفتوح ، وما علينا  إلا أن ننتبه و سرعة الهروب واللجوء إلى الخالق الرازق .. قبل أن يصل إلينا ريب المنون والقدوم الى الله تعالى.

لا بد أن تلازمنا التوبة والاستغفار كل حين ونرجع كل الحقوق لأهلها ونطلب رضا الله علينا ورضا الوالدين ، وندعو بحسن الختام ، ونراجع صحيفة أعمالنا منذ سن التكليف ونستحضر كل مواقفنا وتصرفاتنا وتعاملاتنا .. نريد أن نقبل على لقاء الله تعالى ونحن مشفقين بين يدي رحمته لا لنا ولا علينا.

في خضم الحياة كلنا نسأل الله تعالى بأن يرزقنا الجنة .. الكل يريد ذلك .. لكن أغلبنا لا يعمل لها بما يرضي الله ورسوله .. وتجد سلوك البعض يستغفر أمام الناس وقلبه مشحون بالحسد، وهذا واقع إلا ما رحم ربي .. عليه أن يشخص واقعه بشكل صريح وشفاف ولا يكون بين الناس بثوب الإنسان العفيف ومع خلواته ومعارفه بشخصية متناقضة، هذا النوع من البشر يجعلك تعيد التعامل مرات عديدة ولا تقيّم الدين كتعامل سلوك فرد مختلف، فمعاملات الدين راقية وسامية، علينا أن نفهم ونطبق ذلك بعمق الدين وتعاليمه لأننا سنفد على الملك العزيز فكل ما نقوم به مدون في صحيفة أعمالنا (أحصاه الله ونسوه) ، “… ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها…”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى