تحقيقات وتقارير وحواراتتصريح

جريمة تداول العملات الرقمية الوهمية والترويج لها..

العميد مدير عام التحريات والبحث الجنائي:

 

* الشباب هم الأكثر عرضة للاحتيال عبر منصات التداول الوهمية..

 

* ضرورة تقييم أي فكرة معروضة للاستثمار عبر برامج التواصل الاجتماعي من خلال موثوقية جهة الاستثمار..

 

كتبت : النقيب/ ثرياء الكلبانية

 

تشكل جريمة تداول العملات الرقمية الوهمية والترويج لها إحدى الظواهر الجرمية الحديثة التي انتشرت في الفترة الأخيرة نتيجة التطور في تقنية المعلومات ووسائل الدفع الإلكتروني فتعددت الأساليب للإيقاع بالضحايا ودفعهم نحو التداول بالعملات عبر منصات وهمية تدار من خارج سلطنة عمان بهدف الاستيلاء على أموالهم.

وتحدث العميد جمال بن حبيب القريشي مدير عام التحريات والبحث الجنائي قائلاً : تتداول وتخزن العملات الرقمية الوهمية إلكترونياً وفق آلية تشفير محددة فهي غير موجودة في الواقع بل تدار عبر شبكات مجهولة الهوية. وأكد بأن جرائم الاحتيال انتشرت بشكل كبير على المستوى المحلي خلال العام الجاري  مقارنة بالسنوات الماضية مما يستوجب تعزيز التوعية المجتمعية في هذا الجانب من خلال بعض الإجراءات البسيطة التي يقوم بها الشخص لحمايته من الوقوع ضحية لهذا الأسلوب الجرمي.

وأوضح مدير عام التحريات والبحث الجنائي بأنه لا يمكن حصر المنصات المخصصة لتداول العملات الرقمية لأنها تدار من خارج سلطنة عمان ومعظمها لا يمكن الوثوق بها إذ تستخدم من قبل الجناة لارتكاب جرائم متعددة متصلة بالاحتيال الإلكتروني وسجلت الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي خلال الفترة الأخيرة عدة بلاغات لضحايا الاحتيال الإلكتروني نتيجة التعامل المباشر مع منصات وهمية لتداول عملات رقمية رُوج لها بأساليب متعددة وشعارات زائفة عبر قنوات مختلفة كبرامج التواصل الاجتماعي واللقاءات الشخصية المباشرة.

وأضاف : تعد الإعلانات الزائفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الأبرز والأكثر انتشارا للترويج للمنصات الوهمية لتداول العملات الرقمية بسبب تصميمها الاحترافي بهدف جذب وإقناع الضحايا للمشاركة في هذه المنصات لينتهي بهم الحال إلى دفع مبالغ مالية طائلة تحول لاحقا إلى خارج سلطنة عمان، وتركز تلك الإعلانات والحملات الدعائية على التأثير العاطفي في المستهدفين باستخدام عبارات براقة وشعارات جذابة زائفة تخلو من المصداقية كظهور أحد الأشخاص في مقطع مرئي يُبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي يحكي فيه قصته بين الماضي والحاضر مستعرضاً نجاحه في تكوين ثروة مالية هائلة في فترة زمنية وجيزة وبجهد أقل عبر تداول العملات الرقمية.

وأشار العميد جمال القريشي إلى أن هذه الأساليب الجرمية لا تستثني فئة دون الأخرى ولكن فئة الشباب هي الأكثر عرضة لسعيهم الحثيث والمستمر لبناء مستقبل زاهر يتناغم مع تطلعاتهم وطموحاتهم مما يجعلهم مندفعين نحو إيجاد مصادر دخل متنوعة تحقق لهم الربح المالي السريع.

وأوضح العميد مدير عام التحريات والبحث الجنائي أن مصدر العملات الرقمية الوهمية غير اقتصادي ولذا ليس لها  قيمة حقيقية مما قد يسبب خسائر فادحة للمتعاملين بها أو مالكيها. ويسهل غياب الرقابة والشفافية في مسألة حصر وضبط الأموال المنقولة باستخدام العملات الرقمية ارتكاب تعاملات مالية مشبوهة مثل غسل الأموال وتجارة المخدرات وتمويل الإرهاب.

وأضاف العميد جمال القريشي، أن الشخص الذي يقوم بإنشاء منصات لتداول عملات رقمية وهمية بهدف الاستيلاء على أموال الغير يُعَدُّ مرتكباً لجريمة الاحتيال الإلكتروني، وقد نصت المادة (11) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات على تجريم استخدام وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو إتاحة برامج أو أدوات أو أجهزة مصممة أو مكيفة لأغراض ارتكاب جرائم تقنية المعلومات منها إنشاء منصات وهمية لتداول العملات الرقمية، وتشير المادة (28) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات إلى تهمة تزوير البطاقات المالية أو الاستيلاء على بياناتها أو استعمالها أو تقديمها للغير للاستعمال أو تسهيل ذلك له أو تمكينه من الوصول إلى أرقام هذه البطاقات المالية بدون وجه حق أو قبول الشخص المتداول بطاقة مالية مزورة وهو يعلم بذلك، كما أن المتداول يقع في دائرة التجريم بموجب المادة (21) من القانون نفسه، إذا ثبت قيامه بتحويل الأموال غير المشروعة (الناتجة عن تعديه على البطاقات المالية أو غيرها من الطرق) أو نقلها أو إخفاء أو تمويه مصدرها أو في اكتساب الأموال أو الممتلكات أو حيازتها مع علمه بمصدرها غير المشروع، ومن جانب آخر فإن الشخص المتداول الذي يستخدم البطاقات المالية للغير بدون وجه حق في تداول العملات الرقمية يعد مرتكباً لجريمة غسل الأموال المؤثمة بنص المادة (6) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إذا ما ثبت قيامه باستبدال وإخفاء طبيعة ومصدر الأموال التي تحصل عليها بطريقة غير مشروعة من البطاقات المالية للغير من خلال التعامل بها في تداول العملات الرقمية.

وأكد مدير عام التحريات والبحث الجنائي بأن جهوداً دولية تبذل للتصدي لهذه الظاهرة الجرمية والتنسيق قائم ومستمر بين الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول” لرصد الأنشطة الإجرامية الدولية في هذا الجانب والإيقاع بها تمهيدا لتقديمها للعدالة بما في ذلك العصابات المتخصصة في تعدين وترويج العملات الرقمية الوهمية إضافة إلى التعاون الدولي في رصد الأساليب الجرمية الحديثة المستخدمة في هذا الشأن ودراستها وتعميم تلك الدراسات والنشرات على الدول الأعضاء لمساعدتها على التصدي لها والتقليل من خطورتها.

وختم العميد جمال القريشي حديثه قائلاً : يجب التثبت من مدى صحة المعلومات التي تُنشر عبر الإعلانات المختلفة وتقييم أي فكرة معروضة للاستثمار عبر برامج التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الآخرى من خلال عدة معايير أهمها موثوقية جهة الاستثمار وتناسب حجم مبلغ الاستثمار مع الأرباح المتوقعة منه إذ لا يصح أن يندفع الشخص بدون تثبت وروية فقط لأنه استمع لعبارات تحفيزية حول الربح السريع من أحد الأشخاص المشتغلين بالترويج الشبكي لمنصات التداول الوهمية ، وبمجرد اشتراكه في تلك المنصات يدرك بعد فوات الأوان أنه وقع ضحية احتيال إلكتروني فيصاب بالحسرة لفقدانه جميع الأموال التي كان يحلم بمضاعفتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى