أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

حمـلة مُريـبة في الاعـلام الهـنـدي !!..

حـمــد الـنـاصــري

كـاتـب و قـاص

 

حمـلة مُريـبة في الاعـلام الهـنـدي !!..

 

بداية نُذكّر أنّ علاقات السلطنة بجمهورية الهند الصديقة هي علاقة قديمة وعميقة لطالما كانت مثالاً حسناً في العلاقات الودية بين الدول وتمتد جذورها لأكثر من 3 آلاف سنة قبل الميلاد.

وقد مرت تلك العلاقة بمنحنيات وأزمات لم تُؤثر عليها بل العكس زادتها قوة وترابط .. وفي الآونة الأخيرة ومِن المُؤسف شَهدنا حملة خبيثة في بعض أهمّ صحف الهند ، تُحاول أنْ تُسئ إلى تلك العلاقة التاريخية ومُحاولة بثّ السُم في الدسم لأغراض قد تكون منها الشُهرة والبحث عن الاثارة الاعلامية وقد تكون لأسباب دعائية لبعص الافراد المارقين.

فعلى سبيل المثال قرأت في صحيفة أخبار تريبيون الهندية مقالاً اخبارياً لكاتب اسمه بول أمريتسار في 23 مايو 2023 حول احتجاز خمس نساء هنديات بشكل غير قانوني في عُمان.. وقد لعب النائب راجيا سابها دوراً رئيسياً في انقاذهن بعد دفع الغرامات المطلوبة!!.

وتصوير النائب المُنقذ على طريقة الافلام الهندية هو بلا شك حملة دعائية وراءها ما وراءها لكن عرض الحالة بهذه الطريقة مرفوض جُملة وتفصيلاً ، ومن الواضح أنه مُوجّه ضِد السلطنة كمحور مُهم لسياسة التسامح والتعاون بين الدول ، فهل كل مخالفة قانونية ، يُمكن أن نشنّ عليها حملة دعائية للوصول لمغزى التحريض الذي نريد؟!!

وأشارت صحيفة تايمز اوف انديا في تساؤل مُريب عن دور شخص عُماني في المراقبة في عملية مومباي الارهابية!!.

وذكر موقع غريتر كشمير خبرا عن اعتقال ارهابي هندي هارب كان يتخذ سلطنة عمان ملاذا له!!.

وفي تقرير آخر لوكالة أنباء الهند أنّ السلطنة ستقوم باعتقال الداعية الاسلامي الهندي الدكتور ذاكر نايك وترحيله الى الهند رغم أنه مُتواجد بناءً على دعوة رسمية من وزارة الاوقاف فهل فعلتها الهند وسَلّمت ضيوفها وهل هذا مقبول في علاقات الدول؟؟؟

هذه التقارير ليست مجرد تقارير صحفية بل إشارات رسمية ومن مصادر حكومية وفيها تجاوز كبير على البروتوكولات التي تنظم العلاقات بين الدول وتجاهل لاستقلالية القرار العُماني.

وفي أمْثلة تأريخية نقلها مؤرخون عرب عن عُمق العلاقة وعراقتها بين الهند والعرب بشكل عام وعُمان بشكل خاص يذكر المؤرخ العربي المسعودي أن “عشرة آلاف مسلم، بياسيري (باكستان) وعُماني وبَصراوي “العراق” كانوا يعيشون على الساحل الغربي للهند.

وكذلك ذكر الكاتب العماني اسماعيل بن أحمد الزدجالي ، أن العلاقات العُمانيَّة الهنديَّة نشطت بعد ظهور الإسلام؛ حيث كان للتجَّار العُمانيِّين الذين ارتادوا الموانئ الهنديَّة الفضل الأوَّل في نشر أخبار البعثة المحمديَّة في تلك الأصقاع، مِمَّا دفع أهل الهند للرغبة في التعرُّف على الدين الجديد الذي ظهر في الجزيرة العربيَّة والتواصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أرسل أحد ملوك ساحل المليبار هديَّةً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، عبارة عن جرَّةٍ فيها زنجبيل، فأكل منها صلى الله عليه وسلم، ووزَّع بعضًا منها على صحابته.

وقال أيضاً ” اضطلع العمانيُّون بدورٍ رياديٍّ في حركة الفتوحات الإسلامية ونشر الإسلام في بلاد الهند، فمن عُمان انطلقت الحملات البحريَّة لفتح إقليم السند في سنة (15هـ=636م)، حيث أرسل عثمان بن أبي العاص -الذي ولَّاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عُمان والبحرين- أخاه الحكم بن أبي العاص على رأس حملة بحريَّة انطلقت من عُمان.

وسجّل التاريخ أنه كان لآل المهلَّب العُمانيُّين إسهامٌ واضحٌ في حركة الفتوحات الإسلاميَّة في بلاد الهند.

لذلك ولأسباب أخرى كثيرة أرى أنّ ما تقوم به وسائل الاعلام ومُنظمات هندية وأحزاب مُتطرفة من تأليب وتحريض واضحين ضِد كل من لا يسير وفق مشروعها المُعادي للإسلام تحت مُسميات الارهاب والتطرف مُتناسين ما تقوم به تلك الاحزاب من أعمال قتل وخطف وحرق مساجد وعلناً ، مُحاولين دقّ اسْفين بين الشعوب وبجذور دينية وعنصرية.

وقد وصفت صحيفة الغارديان البريطانية الحزب الحاكم في الهند أنه يسعى لتصدير ما وصفته بـ”الفاشية الهندوسية” إلى دول أخرى.

خلاصة القول..

إنّ التطرف الديني مرفوض مهما كان مَصدره ومهما كانت أدواته ودُعاته وأنّ بثّ مثل تلك التقارير الهدامة والتي تتجرد من أبسط أخلاقيات المهنة الصحفية ويُؤثر سلباً على المجتمعات والشعوب.

إنّ الإعلام السلبي الذي يهدف إلى إلحاق تشويه مُعتقدات الآخرين لصالح أجندات سياسية خبيثة وضارة هو إعلام فاسد.!

وختاماً أقول : إنّ مثل تلك السلوكيات لم ولن تُؤثّر على نقاء العلاقات بين الشعوب وأنّ دُعاة التطرف في النهاية سيحصدون الخيبة والفشل وستنبذهم شُعوبهم إلى الأبد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى