رواسـب فـكـريـة..
مـريـم الـشـكـيـلـيـة
رواسـب فـكـريـة..
الرواسب هي تلك الأشياء والفتات الصغيرة التي يسهل نقلها وتحريكها إلى أن تترسب في نهاية المطاف في بقعة ما….
ورواسب الفكر هي تلك الأفكار، والمعتقدات التي تربى عليها الإنسان وألفها ويعيش بها وبفكرها ثم ينتقل إلى غيرها حين لا تأتي على مقاس هواه ويصد عن البصيرة والفطرة لأنه ألِف غيرها.
إننا اليوم مع الأسف الشديد وفي مجتمعنا العماني المحافظ الذي عاش جل عمره متمسك بتلك القيم والأفكار الصحيحة والتي صقلت وجوده وهويته إلا أننا لم نسلم كغيرنا من غزو تلك الأفكار التي حملتها رياح التغيير أو بفعل تدفق المعتقدات المغلوطة التي وصلت إلينا من الخارج عن طريق الإنفتاح العالمي من خلال برامج التواصل الاجتماعي والذي يغذيها البعض مما يسمى (بالمحتوى) الذي يسعى من خلالها على الكسب السريع للمال والشهرة المسعورة حتى لو كان على حساب القيم التي هي أساس كل مجتمع في ثباته.
إنني في مقالي هذا لست ضد المحتويات أو نشر الفيديوهات الخاصة أو العامة التي وللأمانة البعض منها جيد وتساهم في نقل حقيقة حدث أو موقف أو حتى غرس قيمنا وأخلاقنا وتعلم ما ينفعنا وينفع أجيالنا ولكنني أتحدث عن تلك التي تثير الجدل وتهز كيان ثابت ولا أبالغ إن قلت إن هذه المحتويات التي لا تراعي حرمة دين أو قيم أو معتقد أصبحت تهدد فكر جيل بأكمله من خلال متغيرات تخدم مصالح شخصية.
قد يقول البعض إن هناك مبالغة في تخويف الناس والتحذير من محتوى قد لا يتعدى ثانية حتى وإنه ما ينشره أغلبها خاص لحياة ناشرة.
أقول نعم صحيح ولكن عندما تتخلل هذه المحتويات سلوكيات خاطئة تخدش الحياء أحيان وأحيان تكون فيها من الجرآة ما يقزز النفس وأخرى تدعم أفكار خاطئة ومعتقد وتنمر حتى وألفاظ، ويشاهدها الآلاف ويدمن على مشاهدتها حتى يتشرب منها بلا وعي تلك الأفكار الجديدة والدخيلة حتى يصبح المتابع لها قانط وغير راضٍ بما قسم الله تعالى له حتى يشاهد محتويات البذخ المعيشي.
وماذا عن ارتفاع حالات الطلاق في الآونة الأخيرة وبمعدلات غير مسبوقة مقارنة بالسنوات الماضية وهنا لا أقول إنها هي السبب الوحيد للطلاق وإنما لها جزء كبير من الأسباب الحقيقية التي تكمن وراءها.
من هذا المنطلق أقول إن التغيرات التي تطرأ على مجتمع ما والتي تؤثر على قيمه وثوابته إنما هي متغيرات العصر الحديث التي لا رسوخ فيه وإنما هي متغيرات دخيلة مهاجرة تحط في المجمعات كرواسب أتت بفعل هذا الإنفتاح الواسع والسريع.
ولا مناص من الوعي الذي يحجب ويلجم تلكم الأفكار الدخيلة والفكر الزائف فهو كفيل للحفاظ على هوية المجتمعات وقيمها …والتمسك بالثوابت الإسلامية السمحة والراسخة التي شرعها الله تعالى لكل زمان ومكان حتى قيام الساعة.