
بين أطوار القمر..
ياسمين عبدالمحسن إبراهيم
المدير التنفيذي لشركة رواق الابتكار
مدربة في مجال اكتشاف وتطوير المهارات
مهتمة بمجال تطوير الأعمال
“ليس كل ما يضيء يُنير القلب…
وليس كل غيابٍ عتمة.
تتقلّب العلاقات كما يتقلّب القمر، بين وضوحٍ ناصع وظلٍّ متردد…
لكن القلوب لا تنمو في ضوءٍ ناقص… ولا في غيمٍ رماديّ.”
القمر، هذا الجسد السماوي الذي نُحدّق فيه كل ليلة، لا يملك ضوءه الخاصّ، بل يعكس نور الشمس. ومع ذلك، لا يظهر لنا دائمًا بدرًا كاملاً. أحيانًا يكون هلالًا نحيلًا، وأحيانًا محاقًا، وأحيانًا يختبئ خلف سُحبٍ رمادية، يطلّ علينا كظلٍّ متردد في السماء.
هكذا هي المنطقة الرمادية في العلاقات : لا هي حضورٌ كامل… ولا غيابٌ صريح. بين كلمة غير مكتملة وخطوة غير محسومة. بين اقترابٍ لا يُفصح… وابتعادٍ لا يُقال.
مثلما تُرهق العين محاولات رؤية القمر وسط الغيم، تُرهق الروح محاولات فهم علاقة عالقة في المنتصف. اللا وضوح يخلق وهماً: هل نمضي؟ هل ننتظر؟ هل نُراهن على اكتمالٍ قد لا يأتي؟
وهنا يكمن الأثر السلبي لهذه المنطقة: استنزاف مستمر للوجدان، قلق، تشتّت، وتوقّعٌ لا ينتهي.
لكن كما يحتاج القمر دورته ليعود بدرًا، نحن بحاجة إلى دورة وعي لنتعافى:
الاعتراف بأن بعض العلاقات لن تكتمل.
أن الغموض أشدّ وطأة من الرفض.
وأن إنهاء المعلّق أكرم للقلب من انتظاره.
“في آخر المطاف، القمر لا يختار أن يبقى هلالًا… ولا أن يظلّ خلف الغيم، بل يمضي في دورته حتى يكتمل أو يغيب بوضوح.
وكذلك القلوب : لا تُزهر في مناطق مُعلّقة. إمّا أن تنعم بضوءٍ صريح… أو تختار سكون العتمة.
فالوضوح، وإن كان مؤلماً، أرحم من البقاء في ظلالٍ لا تُشبه النور … ولا تُشبه الليل”.