
كيروش والحقيقة العارية
كتبت/ ترياء البنا
في مشهد انتظرناه كثيرا، وضعنا البرتغالي كارلوس كيروش أمام مرآة الحقيقة، مفندا الواقع الكروي الذي نعيشه منذ سنوات، حين فتح النار على منظومة العمل، في لقاء هو الأقوى لأي مدرب تولى قيادة منتخبنا الوطني، وإحقاقا للحق، فليس لها إلا كيروش الذي يجيد قلب الطاولة، ليس فقط خلال فترة تدريب الأحمر العماني، ولكن طيلة مسيرته التدريبية.
في حواره مع الإعلامي الكبير أحمد الكعبي، لتلفزيون سلطنة عمان، ضغط كيروش على الجرح المفتوح بقوة، ورغم قسوة الكلمات، إلا أن ما قاله الرجل هو الوصف الدقيق لحال كرتنا، بلى، ماذا كنا نتوقع منه ونحن نعيش سباتا طويلا( ليس لدينا أية خطط أو استراتيجيات عمل، نفتقر إلى الكفاءات في المراكز)، صدق الرجل بصراحته الفجة حين قال: لا تنتظروا نتائج خارقة من منظومة تعاني الركود، الأمر الذي أتفق فيه معه قلبا وقالبا، فكم من مرة رددت أننا لن نحقق أي إنجاز لأننا نسير في دائرة مفرغة، والقاعدة تقول: نفس العمل لا يؤدي إلى نتائج مختلفة.
وأشار الرجل بصراحة مفرطة- خلافا لكل من سبقوه- إلى أن الدوري العماني ضعيف( حين تشاهد مباريات الدوري العماني تشعر بالنعاس)، التعبير ليس قاسيا بقدر ما يوحي بأنه لا عمل يجري على أرض الواقع، ندرك جميعنا ذلك، وطرح هذا الكلام كثيرا، ولكن ربما صوت الإعلام لا يصل إلى المسؤولين، وبلى كيروش أتفق معك بأن اللاعب العماني غير مؤهل على المستوى الدولي، نعم لدينا مواهب، ولكن كرتنا لا زالت تعيش مرحلة الهواية.
وفي مشهد جديد- لم يتطرق إليه مدرب آخر- تحدث كيروش عن الجمهور العماني، مؤكدا أن الجمهور لا يحضر مباريات الدوري لأنه ببساطة ليس غبيا، لماذا يذهب الجمهور إلى ملعب لحضور مباراة لن يستمتع فيها بأية فنيات لكرة القدم، ذات الأمر الذي تحدثنا عنه سابقا بأن رصد جوائز كبيرة للحضور في المباريات ليس الحل الأمثل لاستقطاب الجماهير، ما الذي يدفعني لأن أذهب لحضور مباراة في الدوري العماني لا أعيش خلالها الإثارة والمتعة( وأترك مباراة في الدوري الإنجليزي أو الإسباني أو حتى دوري عربي آخر أشاهد خلاله أفضل اللاعبين). في الوقت الذي لا يبذل فيه اللاعب العماني أي جهد ليكون لاعبا محترفا، وهنا أتذكر ما قاله أكرم عبدالمجيد أمس في حواري معه، حين قال: اللاعب العماني لا يحبذ التدريب البدني، وساق الدلائل على ذلك بمواجهتي الإمارات في ملحق التصفيات الأخيرة، وقبلها نهائي كأس الخليج، بعد التقدم وخلال الأوقات الأخيرة يفقد اللاعب العماني المخزون البدني والتركيز فتأتي الخسارة.
وفي ختام حديثه، يؤكد الداهية البرتغالي: إذا استمر العمل بهذا الشكل، فأنتم لا تحتاجون إلى مدرب مثلي، وهنا أختلف مع هذا المتحدث المحنك، لأننا بالفعل نمتلك مواهب، ولكن ذلك وحده لا يكفي، نحتاج منظومة عمل متكاملة، لديها رؤية واضحة، وتستهدف مراحل محددة، يطبقها مدرب كبير، قد يكون كيروش أو غيره، فالاختيار للمسؤول، الذي آن الأوان أن يحاسب مع كل مرحلة زمنية، ماذا تحقق من تقدم أو تطور على أرض الواقع.
ختاما.. كيروش عرى حقيقة الكرة العمانية أمام الجميع، ربما لم تكن نواياه حسنة، لأنه أدار وجه الجميع عن عمله وعن سلبياته وفلسفته الدفاعية البحتة، التي انتهجها منذ بداية عمله التدريبي، وقد نسمي هذا استعراضا لقوة العضلات ليمنح الرجل فرصة بتعاقد طويل الأمد لتطبيق خطته التطويرية التي وضعها للكرة العمانية بطلب من الاتحاد العماني لكرة القدم، ولكن في كل الأحوال، هذا بالفعل واقع كرتنا المرير، وقد يكون حديث كيروش جرس إنذار لنبدأ العمل بشكل صحيح مع جيل جديد، فلا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب، ولكن بالعمل والإصرار والعزيمة يصحبهم نزعة وغيرة وطنية، نستطيع النجاح في المستقبل القريب.













