بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

ملفات مفتوحة..

ياسمين عبدالمحسن إبراهيم

المدير التنفيذي لشركة رواق الابتكار
مدربة في مجال اكتشاف وتطوير المهارات
مهتمة بمجال تطوير الأعمال

 

في كل يومٍ يمر، نحمل داخل رؤوسنا عشرات “الملفات المفتوحة” التي لم نلتفت إليها بعد. قرارات مؤجلة، رسائل لم تُرسل، كلمات عالقة في الحلق، وأحلام مؤجلة إلى إشعارٍ غير معلوم. نظن أننا تجاوزناها، لكن الحقيقة أن أذهاننا لا تنسى، بل تظل تعمل في الخلفية بلا توقف.

العقل مثل الحاسوب — كل فكرة غير مكتملة تظل نافذة مفتوحة تستهلك من طاقته شيئًا فشيئًا. ننام منهكين دون أن نبذل جهدًا حقيقيًا، ونستيقظ مثقلين وكأننا ركضنا في سباق لم نشارك فيه أصلًا. ذلك لأن عقولنا لم تنطفئ طوال الليل، كانت تراجع كل ما لم نُنهِه بعد.

هذه الفوضى الصامتة هي أكثر ما يسرق طاقتنا.
تجعلنا أقل حضورًا، أكثر شرودًا، وأقل قدرة على الاستمتاع بما بين أيدينا.
فالعقل لا يستطيع أن يعيش اللحظة إذا كان مشغولًا بإغلاق ملفات الأمس.

ربما لا نستطيع إنهاء كل شيء دفعة واحدة، لكننا نستطيع أن نبدأ.
ابدأ بالأصغر: رسالة واحدة، مكالمة مؤجلة، مهمة بسيطة كنت تتفاداها.
كل ما تغلقه اليوم، يمنحك جزءًا من طاقتك المفقودة.
ومع كل خطوة، سيخفّ الضجيج قليلًا، وسيعود الصمت الجميل الذي يشبه الراحة بعد الفوضى.

إغلاق الملفات لا يعني إنهاء كل شيء، بل اتخاذ موقف — أن تعترف بما تستطيع فعله الآن، وتسامح نفسك على ما لا يمكنك تغييره.

عزيزي القارئ..

في نهاية اليوم، خذ خمس دقائق فقط قبل أن تنام.
اكتب في ورقة كل ما يشغلك، حتى الأشياء الصغيرة.
ثم ضع أمام كل فكرة خيارًا واحدًا: سأنهيها أو سأتركها بسلام.

ستندهش حين ترى أن أغلب ما يرهقك لا يحتاج جهدًا، بل قرارًا بسيطًا.
فالعقل لا يرتاح حين يرتبك العالم من حولك، بل حين يرتب هو نفسه من الداخل.

اغلق ملفًا اليوم، واكسب راحة غدك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى