بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

عُمان وطن المجد والنهضة والوفاء

د. محمد السيد يوسف لاشين

أستاذ علم النقد الاجتماعي والتفكير الناقد

 

في الثامن عشر من نوفمبر، لا يُحيي العُمانيون مجرد تاريخٍ في الروزنامة، بل يُحيون ذاكرة وطنٍ تنفّس المجد، وارتدى عباءة الحضارة، ومشى بثباتٍ في دروب النهضة. إنه العيد الوطني، يومٌ تتوشح فيه عُمانُ بثوب الفخر، وتُزهر القلوب كما تُزهر الجبال في صباحٍ ممطر، وتُرفع فيه الأعلام لا لتُعلن السيادة فقط، بل لتُعلن الحب والانتماء والامتنان.

في هذا اليوم، يُولد في الذاكرة رجلٌ ليس ككل الرجال، إنه السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – الذي جاء كنسمةٍ من رحمة، وبنى دولةً أصبحت مضربًا للمثل في الحكمة والرقي. لم يكن قابوس حاكمًا فحسب، بل كان أبًا ومعلّمًا، وكان صوته في المحافل صوت العقل، وفعله في الداخل فعل البناء، حتى غدت عمانُ في عهده وطنًا يُشار إليه بالبنان.

لقد قال في إحدى خطبه الخالدة: “إن بناء الإنسان هو الأساس الحقيقي لبناء الحضارة، وكل تنمية لا تقوم على الإنسان، لا يُعتد بها.” فكان الإنسان العُماني محور النهضة، وكان التعليم، والصحة، والبنية التحتية، والدبلوماسية، أعمدةً راسخة في مشروعه الوطني.

واليوم، إذ نُحيي ذكراه، لا نبكيه، بل نُكمل مسيرته، ونُبارك خطوات من حمل الأمانة من بعده، السلطان هيثم بن طارق، الذي سار على الدرب بثبات، وأعاد للنهضة روحها، وللوطن عزيمته، فكان خير خلفٍ لخير سلف. في عهده، تتجدد الرؤية، وتُصاغ الأحلام بلغة العصر، دون أن تُفرّط في الأصالة أو تُغفل الجذور.

عُمانُ ليست وطنًا جغرافيًا فحسب، بل هي وطنٌ في القلب، وطنٌ في السلوك، وطنٌ في الحلم. هي الأرض التي تُنبت الحكمة، وتُثمر الوفاء، وتُعلّم العالم أن الهدوء لا يعني الغياب، بل يعني الاتزان، وأن السلام لا يعني الضعف، بل يعني القوة النبيلة.

في عيدها الوطني، تُغني عُمانُ أغنية المجد، وتُهدي أبناءها قصيدةً من نور، وتقول لهم:
“كونوا كما أردتُكم، بناةً للحضارة، حراسًا للقيم، وسفراءَ للسلام.” فكل عامٍ وعُمانُ بخير، وكل عامٍ وهي تزداد بهاءً، وكل عامٍ ونحن نُحبها أكثر مما نُحب أنفسنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى