تقريرقضايا أصداء

ظهير الدين محمد بابر .. حفيد تيمور لنك صاحب أكبر الممالك الإسلامية فى الهند..

تـقـريـر : أصـــداء

 

مرت يوم الثلاثاء الذكرى الـ540 على ميلاد ظهير الدين بابر، مؤسس سلطنة بابريي الهند، وذلك فى 14 فبراير عام 1483م، وهو السلطان ظهير الدين محمد بابر بادشاه غازى بن عمر شيخ بن أبى سعيد بن محمد بن ميران شاه بن تيمور الكوركاني، ولد عام 1433م، فى مدينة أنديجان، هو الحفيد الرابع لتيمورلنك (مؤسس السلالة التيمورية فى وسط آسيا وأول حكام العائلة التيمورية الحاكمة) وقد أطلق عليه الولي منير مرغيانى اسم “ظهير الدين محمد”، لكن هذا الاسم كان صعب النطق على عشيرته من الأتراك والمغول، فلذلك أطلقوا عليه اسم “بابر” الذي اشتهر به في التاريخ.

و”كان قد تولى الحكم فى سن صغيرة جدا، وقد غزا بابر شمال الهند وأسس إمبراطورية بابريي الهند (أو الإمبراطورية التيمورية)، وترجع نشأته إلى فرغانة فى آسيا الوسطى، وينحدر من تيمور (تيمورلنك) عن طريق والده ومن سلالة جنكيز خان عن طريق أمه”، وفقا لما جاء على موقع المكتبة الرقمية العالمية، وكتاب (الإعلام بمن فى تاريخ الهند من الأعلام المسمى بنزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر) لعبدالحي بن فخرالدين الحسيني.

ويتميز ظهير الدين بابر بأنه كتب سيرته مفصلة فى كتاب (بابر نامه) أو (مذكرات بابر) أو (واقعات بابري)، فيعتبر هذا المصدر الرئيسي لتفاصيل حياته، حيث قام بنفسه بكتابة مذكراته باللغة الجغتائية التركية، وتمت ترجمته بعد ذلك إلى اللغة الفارسية على يد “عبدالرحيم خان”، وقد تكرر نسخه وإضافة الرسومات التوضيحية إليه فى عهد خلفائه من البابريين.

وكان بابر قد افتتح الفصل الأول من كتابه قائلاً : “فى شهر رمضان من سنة 899 هـ وفى الثانية عشرة من عمري صرت ملكاً على فرغانة وهي من الإقليم الخامس من طرف المعمورة تحدها كشغر من الشرق وسمرقند من الغرب وجبال تبرخشان من الجنوب، وكان فى شمالها مدن عظيمة”.

بداية، يعتبر حكم البابريين هو الفترة الذهبية لحكم المسلمين فى الهند، حيث امتدت العلوم والثقافة ومختلف مظاهر الحياة الإسلامية، مع امتداد رقعة ومساحة الدولة المسلمة، وفقا لما ذكره الدكتور سيد بن حسين العفاني فى كتابه (صلاح الأمة فى علو الهمة).

وفى يوم 26 ديسمبر من عام 1530 م، توفى ظهير الدين محمد بابر، وكان قد وصية سرية لابنه وخليفته همايون يوصيه فيها بِالعدل فى الحكم بين الناس ويعلمه كيفية استمالة قلوب الهنود غير المسلمين.

شخصية ظهير الدين بابر جديرة بالدراسة والتأمل، وظهير الدين بابر يعتبر في نظر التاريخ أحد العظماء الذين يندر وجودهم لا في الناحية العسكرية فحسب، بل في كل ناحية من نواحي حياته، وهذا سر عظمته النادرة؛ فقد تغلب على جيوش اللودهي باثني عشر ألفًا من الجنود، برغم خيانة حاكم لاهور له بعد أن استدعاه، ثم تغلب على الجيوش الكثيرة الجرارة التي جمعها ملوك الهندوس الخائفين على ملكهم من الضياع، حتى استطاع أن يؤسس ملكًا إسلاميًّا، استمرَّ ثلاثة قرون.

وكان مع نبوغه العسكري نابغةً في مختلف العلوم، حتى ذكر المؤرِّخون عنه أنَّه كان حنفي المذهب مجتهدًا، ألف عدَّة كتب في علوم مختلفة : في العروض وفي الفقه، وكتابه فيه يُسمَّى “المبين”، كما اخترع خطًّا سُمِّي باسمه كتب به مصحفًا وأهداه إلى مكَّة. وكان مع ذلك أديبًا رقيقًا، يُقْرِض الشعر بالتركية والفارسية.

ومن أهم آثاره التي تركها مذكراته التي كتبها بنفسه عن حياته، وقد كتبها في صراحة تتجلى فيها شجاعته النفسية أمام كثير من الحقائق التي ذكرها عن نفسه وقد كتبها باللغة التركية، ثم ترجمت إلى الفارسية، ترجمها “عبدالرحيم ميرزا خان” في عهد حفيده جلال الدين أكبر، ومن الفارسية إلى عدة لغات أوربية.

ويذكر المؤرِّخون عن بابر قوَّته الجسمية، حتى كان يستطيع حمل رجلين كل رجل بذراع، والسير بهما مسافات طويلة، وأنه عبر كل نهر صادفه، وعبر نهر الجانج في ثلاث وثلاثين ضربة بذراع، وكان مشهورًا بطول ذراعه، وكان يتسلق الجبال العالية، ويستمر على ظهر حصانه لمسافة ثمانين ميلًا، دون أن يدركه التعب.

وقد مات ظهير الدين بابر سنة 935 هـ وهو في الخمسين من العمر قضى منها 38 سنة في الحكم والإمارة والتنقل من طور إلى طور وحال إلى حال، استطاع خلالها بعزمه وقوة إرادته وصبره وجلده وحلمه أن يتحول من أمير مطارد ليس له إلا ثلاثمائة من الرجال إلى سلطان من أعظم سلاطين العالم الإسلامي في زمانه وزمان الهند كله.

أهم الدروس المستفادة من حياة ظهير الدين :

– خطورة التنازع بين المسلمين والذي أضاع كثيرًا من دولهم وممالكهم وإنجازاتهم الحضارية (تشتت مسلمي الهند إلى ملوك الطوائف).

– الصبر والجلد والإصرار على الوصول إلى الهدف وعدم الاستسلام للخطوب، كلها صفات لابد أن تقود إلى النجاح.

– التوبة هي عنوان الانتصار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى