أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

أوسلو .. ثلاثون عاما من هدر الزمن والضياع والاستيطان!!..

نَــوّاف الــزَّرو

باحث في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي

 

أوسلو .. ثلاثون عاما من هدر الزمن والضياع والاستيطان!!..

 

بمناسبة مرور – 30 – عاما على اتفاق أوسلو، وبمناسبة الانهيار الرسمي العربي متمثلا بتهافت التطبيع واتفاقات الاستسلام مع الكيان، وبمناسبة صفقة القرن الترامبية التي هدفت بمنتهى الوضوح الى الإجهاز تماما على القضية الفلسطينية، وتصفية كامل الحقوق الوطنية الفلسطينية، لعلنا نستحضر العناوين قليلا، فقد كان من المفترض والمتفق عليه ان ينتهي أوسلو في أيار/ مايو 1999 بالتوصل إلى الحل الدائم لكافة القضايا الجوهرية : من الأرض الى الحدود الى المستعمرات الى القدس الى المياه الى قضية اللاجئين والتي كان من المبرمج أن تتوج بإقامة الدولة الفلسطينية المسقلة السيادية بعد أن يكون الاحتلال قد رحل بجيشه ومستعمريه وإداراته المدنية والعسكرية عن الأراضي المحتلة عام 1967، وفي مقدمتها المدينة المقدسة عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، غير أن حسابات الحقل لم تأت على قدر حسابات البيدر فلسطينيا وعربيا، وليس ذلك فحسب، بل إعادتنا العملية التفاوضية عمليا الى المربع الاول، وكأننا ما زلنا في مرحلة ما قبل مدريد وأوسلو، وكأنه لم تكن هناك مفاوضات استغرقت أكثر من عقدين من الزمن…!!.
فما الذي حدث إذن ؟، وما الذي جرى على امتداد سنوات المفاوضات والسلام العبثية الماضية…؟!.

وفق الشهادات والاعترافات حتى من قبل أهل أوسلو، فإن هذا الاتفاق مات وانتهى وشبع موتا، ووفق الوقائع وحقائق الأمر الواقع التي يقيمها الاحتلال على امتداد الجسم الفلسطيني في القدس والضفة، فإن أوسلو تفكك وتناثر أجزاء لا يمكن لملمتها، ووفق منطق الأشياء فقد تجاوزت الأحداث والمواقف والحقائق ما كان اتفق عليه قبل ثلاثة وعشرين عاما، وحسب إسحق شامير الذي كان تعهد منذ مدريد، بأن تستمر المفاوضات – العقيمة – عشرين عاما، فإن الأمور حصلت كذلك، فنحن أمام ثلاثين عاما من أوسلو التي لم يتمخض عنها سوى تكريس وتعميق الاحتلال والاستيطان والسيطرة الاستراتيجية الصهيونية على الضفة…!.

كبار مهندسي أوسلو جاءتهم الصحوة متأخرة جدا، فأخذوا يعترفون بخطأ أوسلو وموته، فهاهو يوسي بيلين مهندس أوسلو من الجانب الإسرائيلي يكتب في إسرائيل اليوم تحت عنوان “اتفاق أوسلو لم يعد ذا صلة” يقول : ”لا يجوز الاستمرار في تجميد استنتاجات أوسلو، فهذه هي اللحظة التي يجب فيها على أولئك الذين أيدوها ودافعوا عنها، أن يعلنوا نهايتها كي لا تصبح هي البديل العملي وإن يكن غير الرسمي أيضا، من اتفاق السلام”، وصحيفة “ذي غارديان“ البريطانية تقول في تقرير من مراسلتها في القدس هارييت شيروود : “إن الوزير الإسرائيلي السابق يوسي بيلين ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق أحمد قريع طعنا في جدوى خطة الدولتين التي وضعاها، ويقولان إنه ينبغي التطلع الى ما بعد اتفاقات أوسلو”.

وبينما أعلن وزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي أنه “بعد عشرين عاما من المفاوضات وجدنا أنفسنا اليوم في وضع أسوأ بكثير من الوضع الذي بدأنا فيه، حيث زاد الاستيطان على ارضنا المحتله، وتزايد معه عدد المستوطنين الإسرائيليين في خرق فاضح للقانون الدولي ولمعاهدات جنيف – صح النوم “، يعتبر رئيس “اسرائيل” الأسبق بيريز أن مرور أكثر من 20 عاما على ما يسمى بــ ”عملية السلام” ليس فترة زمنية طويلة من الناحية التاريخية”، في حين أعلن ياسر عبد ربه أحد أخطر أقطاب المفاوضات والتطبيع “أن المفاوضات كانت عقيمة”.

وعن موت أوسلو إسرائيليا، نستحضر في هذا الصدد بالضرورة، أنه منذ البدايات الأولى لظهوره وحضوره على صعيد الليكود واليمين الإسرائيلي، كان نتنياهو واضحاً وصريحاً وجريئاً إلى أبعد حدود الوقاحة والاستخفاف، في التعامل مع الفلسطينيين وعملية المفاوضات، واستوعب الجميع أن نتنياهو يمثل الخلاصة المكثفة جداً للآباء المؤسسين والمنظرين والزعماء التاريخيين لمعسكر الليكود واليمين الصهيوني، وأنه قادم لطربدة ونسف ”عملية السلام” و ”أوسلو” والطموحات الوطنية الفلسطينية.

ولم يخيب نتنياهو ظن أحد منذ ذلك الوقت، فانتهج كما كان متوقعاً منذ البداية سياسة هجومية كاسحة ضد أوسلو والفلسطينيين، فتحدث تباعاً عن ”فشل مفهوم أوسلو، وعن موت عملية السلام“، وكذلك عن ”أنه سيواصل عملية البناء الاستيطاني وعن أن شيئاً لن يوقف هذا البناء لا في جبل أبو غنيم ولا في أي موقع آخر” ، وبنى نتنياهو سياسته على افتراض ”أن الفلسطينيين سوف يتأقلمون ويتعودون على خفض مستوى طموحاتهم الوطنية“، في حين وجه غير مرة خطابات نارية ضد الفلسطينيين داعياً إياهم إلى” التكيف مع الواقع وإلى تقبل فكرة أن إسرائيل لن تنسحب إلى حدود الرابع من حزيران ولن تقلص نفسها ببناء حائط برلين داخل عاصمتها ”.

ولم يتورع نتنياهو عن أن يعلن ببالغ الوضوح عن ”أن الضفة الغربية يجب أن تكون جزءاً من إسرائيل –1997 “، بينما صرح وأكد في أكثر من مناسبة ”أن السلام قد انهار وتحطم، وأنه لم يكن هناك عملية سلام، وقد شاهدنا انهيار الصفقة الأساسية لأوسلو-1998 “، وطالب سابقا وهو وزير مالية في وزارة شارون بــ ”إبادة السلطة الفلسطينية من الوجود وطرد رئيسها ياسر عرفات من مدن الأراضي الفلسطينية”.

وخلاصة وصف فلسفة نتنياهو ومكوناتها”، أنها استندت إلى منطق القوة والعربدة والاستخفاف وفرض سياسة الأمر الواقع وإجبار الفلسطينيين والعرب على التأقلم معه”، وفرضت لغة القوة كما هو معروف سياسة افتعال الأزمات والمآزق والمماطلة والتأجيل والتعطيل والمواجهات، كما أنتجت جملة من الخرائط والمشاريع المتعلقة بقضايا التسوية النهائية وجوهرها تصفية تلك القضايا.

فلتتحمل القيادة الفلسطينية المسؤولة عن اوسلو اذ أهدرت ثلاثين عاما من زمن القضية الفلسطينية، ومن النهب والاستيطان والتهويد تحت مظلة أوسلو…؟!
والمفروض ان تبادر كل القيادات الفلسطينية الى إعادة ترتيب الأوراق والأولويات الوطنية الفلسطينية…!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى