
هامش الحكاية
ياسمين عبدالمحسن إبراهيم
المدير التنفيذي لشركة رواق الابتكار
مدربة في مجال اكتشاف وتطوير المهارات
مهتمة بمجال تطوير الأعمال
في زقاقٍ من الحياة .. التقى بنفسه.
لم يكن لقاءً عاديًا.
كان أشبه بأن يصحو صباحًا ليجد مرآته لا تعكس صورته فقط، بل تتكلم.
قالت له نفسه :
“كم مرة أسقطتني لأنك ظننت أن الصمت صلابة؟”.
“كم مرة تجاهلتني لأنك اعتقدت أن الانشغال بالركض أهم من الاستماع لما يؤلمك؟”.
سكت قليلاً…
ثم ابتسم بتلك الابتسامة المتعبة التي لا يراها أحد،
همس : “كنت أظن أن القسوة تحميني”.
فردّت النفس بهدوءٍ يشبه العتاب الحنون:
“القسوة لا تحمي، بل تُتعب. اللطف .. هو ما يرمّم كل شيء داخلك.”
منذ ذلك اليوم، تغيّر شيء.
لم يكن تحولًا فجائيًا ولا نورًا إلهيًا.
فقط جلس وحده، ووضع يده على صدره كأنما يحتضن طفلًا نسيه طويلاً بداخله.
قال له : “أنا آسف .. تأخرت عنك كثيرًا”.
ومن هناك، بدأ يتعلّم كيف يعيش بلطف.
لا ليُدلّل نفسه، بل ليُرمِّمَها.
صار يكتب لنفسه كل مساء : “أنا فخور لأنني ما زلت أحاول”.
يمشي وحيدًا حين يحتاج للسكينة، لا للهروب.
يغسل وجهه في الصباح كأنه يغسل تعب الليالي عن روحه، لا عن بشرته فقط.
كلّما تعثر؛ قال :
“لا بأس .. كل شيء يحتاج وقتًا، وأنا هنا”.
اللطف بالنفس، أدركه متأخرًا،
لكنه فهم أخيرًا أنه لا يعني التهاون،
بل الاعتراف بأن داخله إنسان يستحق أن يُصغى إليه، لا أن يُؤنَّب.
في نهاية الحكاية، لم يُصبح كاملًا،
لكنه صار أكثر صدقًا مع نفسه،
وصارت خطواته أهدأ .. وروحه أخف.