
نساء خالدات.. (السيدة هاجر زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام)
زينب بنت حمود الحبسية
السيدة هاجر هي أم النبي إسماعيل أكبر اولاد النبي ابراهيم الذي من نسله النبي محمد بن عبدالله عليه افضل الصلاة والسلام ، وهي أول من ثقبت اذنها من النساء، وهي اميرة مصرية ثم أسرت فصارت جارية لسارة زوج النبي ابراهيم عليه السلام ثم اهدتها له فتزوجها، وولدت له سيدنا اسماعيل، ثم انتقل بها إلى مكة المكرمة ولقداتصفت السيدة هاجر بكرامات وصفات ومناقب و مآثر جملة منها :
* السيدة هاجر اول من سعى بين الصفا والمروة.
* السيدة هاجر اول من سكن في الحرم المكي.
* السيدة هاجر اول من شرب من ماء زمزم.
* السيدة هاجر تميزت بسرعة الاستجابة لأمر الله عز وجل بالخضوع والاستسلام والانقياد عندما أُمر سيدنا إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه اسماعيل عليه السلام. السيرة العطرة للسيدة هاجر ناصعة البياض، ولسنا هنا للإسهاب، ولكن نذكر بعضا من مناقبها باختصار.
قدمت السيدة هاجر مع النبي ابراهيم عليه السلام ومع ولدهما اسماعيل عليه السلام، وترك لهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء احضرها من مصر ثم إلى فلسطين، ثم إلى مكة المكرمة (وادي غير ذي زرع)، وهنا أقف قليلا لأحدثكم عن الفرق في تلك الحقبة من الزمن بين مصر وفلسطين ومكة المكرمة.
في مصر نهر النيل والخضرة والماء وغيرها من أساسيات الحياة وفي فلسطين يوجد الماء والخضرة والحياة اجمل للعيش فيها؛ أما جنوبا في مكة المكرمة فكانت هناك الجبال؛ فمكة المكرمة تقع بين الجبال أصلا؛ لذا سماها الله عز وجل واديا والوادي هو المكان المنخفض بين الجبال. هنا ترك سيدناابراهيم عليه السلام السيدة هاجر وولدها اسماعيل عليه السلام في هذا الوادي المقفر دون جليس ولا ونيس.
نظرت السيدة هاجر يُمنة ويسرة ولم تجد أحدا .. فقالت يا ابراهيم : إلى أين تذهب وتتركنا وحدنا انا وابنك، لا يوجد هنا إلا الرمال والتراب، لازرع ولا طير ولا شجر ولا ماء ولا بشر.
فسكت سيدنا إبراهيم عليه السلام، وواصل المسير ومضى. فقالت السيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل عليه السلام تلك التقية النقية : يا إبراهيم أالله أمرك بهذا ؟.
فلم يلتفت سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى زوجه السيدة هاجر. ولكن رد بقوله : نعم .. فقالت السيدة التقية الواثقة والمتيقنة بإعجاز الله عزوجل : إذن لن يضيعنا الله عزوجل، رجعت وجلست بجوار ولدها سيدنا إسماعيل عليه السلام.
ذهب سيدنا إبراهيم عليه السلام، واختبأ بالقرب من هضبة في الجبل، ورفع يديه وهو ينادي الله عز وجل : بيقين الواثق من قدرة الله عزوجل، وذُكِرَ دعاءه في سورة إبراهيم الآية (37) قال تعالى : {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.
فحقّق الله تعالى لسيدنا ابراهيم عليه السلام كل أمانيه العظيمة الى قيام الساعة، وهذه الكرامات والأماني يحققها الله عز وجل للمصطفين الأخيار من الأنبياء والصديقين والصحابة والتابعين والمهتدين بهديه الى يوم الدين؛ فالسيدة هاجر ام سيدنا اسماعيل عليه السلام بصبرها وثباتها وقوة يقينها بالله عزوجل؛ أصبحت مكة المكرمة عامرة إلى قيام الساعة؛ حيث جاءت القبائل إلى البلد الحرام ونبع الماء ماء زمزم من بين أصابع سيدنا اسماعيل عليه السلام، والرزق والثمرات، وهنا نشير ان البيت الحرام لم يكن مبنيّاً، وقال سيدنا ابراهيم عليه السلام عند بيتك فالقواعد كانت موجودة، وقواعد البيت الحرام اول من بناها هم الملائكة عليهم السلام، وعندما تهدم بناه اولاد سيدنا آدم عليه السلام، ثم انهدم فبناه سيدنا إبراهيم عليه السلام. وذُكِرَ في قول الله عز وجل : {إِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖإِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الآية (127) من سورة البقرة. وهذا يؤكد لنا أن الكعبة الشريفة كانت موجودة، قبل سيدنا إبراهيم عليه السلام.
ونواصل قصة السيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل عليه السلام..
إن أمر الله عز وجل هو استسلام وطاعة وحكم نافذ ليس به مجال للاختيار، ويجب أن يكون هذا دأبنا، والإقرار بالعبودية لله عزوجل، وهو الاستسلام والانقياد التام؛ لأن الله سبحانه وتعالى لايامر بأمر أو ينهى عنه إلّا لحكمة وصلاح للعباد؛ هذا غيض من فيض لقصة السيدة الكريمة أميرة من أرض الكنانة.