
مبادرات أوزبكستان الإقليمية بشأن التغير المناخي وأمن المياه
خورشيد لاباسوف
مدير مركز إصلاح قطاع المياه
الماء هو الحياة، واليوم تتزايد قيمة وأهمية الماء، وكذلك الطلب على هذه المورد الحيوي، بشكل مطرد في جميع أنحاء العالم.
يوضح الخبراء أن هذا يرجع إلى عوامل مثل التغير المناخي، تراجع الأنهار الجليدية القديمة، النمو الصناعي، الزيادة السكانية، والارتفاع الناتج في طلب الغذاء.
أوزبكستان تروّج بنشاط لمبادرات مناخية مهمة تهدف إلى توحيد المنطقة في مكافحة التغير المناخي. هذه المبادرات التي يقودها الرئيس شوكت ميرزيوييف تلقى دعماً متواصلاً من دول المنطقة. على وجه الخصوص، في الاجتماع التشاوري الخامس لرؤساء دول آسيا الوسطى، الذي عُقد في 14 سبتمبر 2023، أعلنت أوزبكستان عن مبادرة لوضع استراتيجية إقليمية للتكيّف مع التغير المناخي.
علاوة على ذلك، في كلمته خلال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 سبتمبر 2023، اقترح رئيس الدولة اعتماد قرار بعنوان “آسيا الوسطى في مواجهة التحديات المناخية العالمية : التضامن من أجل الازدهار المشترك”.
تهدف هذه المبادرة بالأساس إلى معالجة التهديدات التي يفرضها التغير المناخي العالمي في آسيا الوسطى وتمثّل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الإقليمي والدولي على حد سواء.
استنادًا إلى مبادئ التضامن، تؤكد المبادرة على ضرورة أن تعمل دول آسيا الوسطى معًا في التصدي للتحديات الملحّة مثل التصحر وأمن المياه، والتي لها تأثير مباشر على التنمية المستدامة ورفاهية شعوب المنطقة.
في 4 أبريل 2025، عُقد منتدى مناخي دولي في سمرقند، حيث نوقشت التحديات المناخية الملحة التي تواجه آسيا الوسطى، وتم تناول قضايا الاستدامة البيئية، التنمية الاقتصادية “الخضراء”، والتعاون الإقليمي في مكافحة التغير المناخي.
وقد وافقت دول المنطقة بالإجماع على استراتيجية التكيّف مع التغير المناخي في آسيا الوسطى. جميع دول آسيا الوسطى الواقعة ضمن أحواض نهري أمو داريا وسير داريا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً عبر المجاري المائية ومصادر المياه. في السياق الراهن، أصبح الماء واحدًا من أهم العوامل لضمان السلام والازدهار لشعوب آسيا الوسطى.
وفقًا للخبراء، في ظل ظروف ندرة المياه، يُعتبر الانتقال إلى تقنيات ترشيد استهلاك المياه هو الحل الأكثر فاعلية للمشكلة. هناك أسباب محددة تجعل المتخصين يركّزون حالياً على إدخال تقنيات ترشيد المياه. هذا النهج لا يشكّل عبئًا ثقيلًا على الميزانية الحكومية، لأنه يُنفّذ إلى حد كبير من أموال مستخدمي المياه أنفسهم. إنه جذّاب ليس فقط لأنه يوفر الماء، بل أيضًا لأنه يقلل التكاليف المتعلقة بالأسمدة المعدنية، والوقود ومواد التشحيم، والقوى العاملة، وفي الوقت ذاته يزيد من محصول الزراعة.
حالياً؛ تأخذ أوزبكستان دورًا قياديًّا بين دول آسيا الوسطى في الحد من ندرة المياه عن طريق إدخال تقنيات الترشيد الموسعة واستخدام التقنيات الحديثة في إدارة المياه.
في كلمته في الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، اقترح رئيس بلدنا، شوكت ميرزيوييف، أيضًا إنشاء منصة لتقنيات ترشيد المياه في آسيا الوسطى. وقد أكد هذه المسألة مرة أخرى في كلمته خلال المنتدى المناخي الدولي في سمرقند في 4 أبريل 2025.
قال الرئيس : “نقوم بدلفنة أنظمة الريّ بالخرسانة لتوفير الماء. لقد أنشأنا قاعدة صناعية لإنتاج تقنيات ترشيد المياه وطبّقنا تلك التقنيات تقريباً على نصف الأراضي المروية (وهي ما يقارب مليوني هكتار). نتيجة لهذه الإجراءات، تمكنا العام الماضي من توفير 8 مليارات متر مكعب من الماء”. في الوقت نفسه، يطرح رئيس الدولة أيضًا عددًا من المبادرات ضمن السياسة الداخلية لمواجهة التحديات المتعلقة بالمياه.
مفهوم تطوير قطاع المياه في جمهورية أوزبكستان للفترة 2020–2030 واستراتيجية “أوزبكستان – 2030” وضعت أهدافًا طموحة لتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية.
ومن أجل ضمان تنفيذ متّسق لهذه المهام وتحقيق المؤشرات الهدف الرئيسية، في 15 أغسطس 2025، تم اعتماد برنامج لتطوير إدارة الموارد المائية وقطاع الري في جمهورية أوزبكستان للفترة 2025–2028.
* نتيجة لتنفيذ المهام المنصوص عليها في هذا البرنامج :
# ستزداد نسبة القنوات الرئيسية ذات البطانة الخرسانية من 39٪ إلى 47٪، وسيبلغ الطول الإجمالي لهذه القنوات المبطنة حوالي 13.5 ألف كيلومتر.
# سيرتفع معامل كفاءة أنظمة وشبكات الري من 0.67 إلى 0.75
# من خلال تنفيذ تدابير استصلاح الأراضي، سيتم تخفيض المساحة الإجمالية للأراضي المالحة من 1,898 ألف هكتار إلى 1,732 ألف هكتار، بما في ذلك انخفاض في الأراضي ذات الملوحة المتوسطة والعالية من 578 ألف هكتار إلى 460 ألف هكتار.
# نتيجة للإجراءات المتخذة، في هذا العام سيتم توفير حوالي 10 مليارات متر مكعب من المياه على مستوى الجمهورية، وفي عام 2026 – 12 مليار، 2027 – 13 مليار، 2028 – 14 مليار متر مكعب.
يهدف البرنامج إلى توسيع المساحة المُغطّاة بتقنيات ترشيد المياه من 2.1 مليون هكتار إلى 3.5 مليون هكتار بحلول عام 2028، بما في ذلك زيادة المساحة التي تستخدم تقنية الري بالتنقيط من 560 ألف هكتار إلى 853 ألف هكتار.
حتى 1 سبتمبر من هذا العام، أُدخلت تقنيات ترشيد المياه على إجمالي 2.6 مليون هكتار في كافة أنحاء البلاد، مما رفع حصتها الإجمالية إلى 60٪ من الأراضي المروية كلها.
بالمقابل؛ قبل عام 2017، كانت المساحة الإجمالية تحت تقنيات ترشيد المياه فقط 28 ألف هكتار، أي حوالي 1٪ من الأراضي المروية. بين عامي 2017 و2025، تم إدخال التقنيات التالية :
* 664.3 ألف هكتار تحت الري بالتنقيط.
* 121.3 ألف هكتار تحت الري بالرشّ.
* 73 ألف هكتار تحت الري المتقطّع.
* 106.4 ألف هكتار باستخدام أنواع أخرى من تقنيات الري.
بالإضافة إلى ذلك، تم تسوية 1.6 مليون هكتار من الأراضي باستخدام معدات الليزر.
ليس سرًا أن المعدات والمكوّنات لتقنيات الري الموفّرة للمياه كانت تُستورد في الأساس من الدول الأجنبية. حتى 2019، كان هناك ثلاث مؤسسات فقط في البلاد تُنتج أنابيب البولي إيثيلين وخراطيم التنقيط، وكان مستوى التوطين فقط 10٪ (بينما يُستورد 90٪)، في حين أن قدرتها الإنتاجية السنوية كانت تغطي فقط 5.5 ألف هكتار.
في ذلك الوقت، كان على المزارع أن تدفع 100٪ من التكلفة مقدمًا لتطبيق أنظمة التنقيط وتنتظر بعدها 70–80 يومًا لوصول التقنية.
لكن اليوم، وصل عدد المؤسسات الصناعية إلى حوالي 60، وقد ارتفع مستوى التوطين إلى 80٪، وتضاعفت القدرة الإنتاجية السنوية لتغطي 250–300 ألف هكتار.
على وجه التحديد :
* 44 مؤسسسة تُنتج خراطيم التنقيط، وأنواعًا مختلفة من أنابيب البولي إيثيلين، والوصلات.
* 10 مؤسسات تُنتج أجهزة التصفية ووحدات الضخ.
* 6 مؤسسات تُنتج منتجات من الجيوممبرين والجيوتكس تيل.
بفضل مبادرة رئيس أوزبكستان، تم تحديد هدف لإدخال تقنيات توفير المياه بالكامل في جميع الأراضي الزراعية بحلول عام 2030 — والدولة لديها قدرة كافية لتحقيق هذا الهدف.
أوزبكستان بلد يقع في منطقة جافة، بعيدًا عن المحيطات والبحار الكبيرة. وفقًا للتنبؤات، نتيجة لتأثير التغير المناخي العالمي، ستستمر الموارد المائية في المنطقة بالانخفاض، بينما سيستمر الطلب على الماء في الازدياد كنتيجة للنمو السكاني والتطور الصناعي.
في مثل هذه الظروف، المبادرات التي طرحها رئيس أوزبكستان لضمان أمن وازدهار المنطقة ذات أهمية حاسمة، وفعاليتها يتم تأكيدها من خلال نتائج واقعية على أرض الواقع.