مقالات وآراء

الوباء والنفط وتغَـيُّـر أنماط الحياة !!..

الكاتـب/ أسامـة سليـمان

محلّل اقـتـصادي – فيـينّا

 

الوباء والنفط وتغَـيُّـر أنماط الحياة !!..

 

يتطلع سوق النفط الخام الى تحقيق التعافي المنشود خلال العام الجاري وتجاوز تداعيات جائحة كورونا والتى أرهقت السوق على نحو واسع على مدار العام الماضي ولولا جهود مجموعة المنتجين فى أوبك وخارجها “أوبك +” والتى تشارك فيها سلطنة عمان ما تمكن السوق من استعادة الكثير من الزخم وتعافي الاسعار الذي تحقق منذ بداية العام الجاري.

ولكن أثار الوباء لازالت ممتدة بعد تجدد وتيرة الاصابات اليومية المرتفعة وبخاصة فى الشرق الاوسط وأوروبا مما دفع الكثير من الدول الى العودة الى الاغلاق مرة أخرى وفرض قيود واسعة على السفر والتنقل حتى أن بعض التقارير الدولية تتحدث عن استمرار الوباء في التأثير على الطلب العالمي على النفط حتى عام 2024.

وقد دفعت المتغيرات المتعلقة بالجائحة وانحياز الادارة الأمريكية برئاسة جو بايدن للطاقة الجديدة الى اتخاذ خطىً حكومية أوسع فى مجال زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات مما جعل البعض يتحدث عن ذروة الطلب على النفط الخام خاصة فى ظل وجود خطط حثيثة لإزالة الكربون في الاقتصادات الأوروبية الكبرى.

ولم يكن المنتجون فى أوبك+ بعيدين عن خطط وسياسات حماية المناخ حيث أكد المنتجون مرارا التزامها باتفاقية باريس وسعهيم الحثيث الى رفع مستوى الكفاءة وزيادة مشروعات التقاط وتخزين الكربون وبالفعل تم قطع خطوات مهمة فى هذا الصدد فى دول الشرق الاوسط مما يجعل منتجي الوقود الاحفوري على خريطة المناخ العالمية.

وتشير توقعات أوبك الى أنه لا يمكن الاستغناء نهائيا عن مشروعات واستثمارات النفط التقليدي لأنها تلعب دورا مهما فى التنمية وسيظل النفط الخام مهيمنا على مزيج الطاقة العالمي بأكثر من 50 فى المائة على مدار عقود مقبلة بينما ستنمو بالفعل الطاقة المتجددة وبوتيرة سريعة للغاية ولكنها لن تتمكن من تلبية كافة احتياجات الطاقة خاصة فى الدول النامية وبالتحديد فى الاقتصادات الصاعدة فى القارة الأسيوية.

وتذهب أغلب توقعات المؤسسات المالية والبنوك العالمية الى أنه من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 5.9 مليون برميل يوميًا مقارنة بطلب العام الماضي البالغ 90.4 مليون برميل يوميًا.

وتسعى مجموعة المنتجين في أوبك وخارجها الى ضبط المعروض النفطي ومنع اتساع الفجوة بين العرض والطلب خاصة ان الأخير لازال يعاني من تداعيات الوباء وحدوث تغير واسع فى أنماط الحياة من خلال التوسع فى عقد المناسبات افتراضيا عبر الانترنت وتنامي برامج العمل من المنزل فى أغلب الشركات والمؤسسات العامة.

وقد نجح المنتجون في (أوبك+) من خلال تدخلات متكررة وحاسمة فى السوق الى احداث حالة من التوازن وتسريع خطى التعافي والتعامل بكفاءة مع تطورات وضع الوباء والتى جاءت بوتيرة سريعة التغير والتبدل على نحو غير مسبوق فى كل الدورات والأزمات الاقتصادية السابقة.

وتبقى آمال السوق فى عودة الحياة الى طبيعتها قريبا واستمرار الاعتماد على كل موارد الطاقة مجتمعة سواء الاحفورية أو المتجددة من اجل مواصلة التنمية المستدامة وهو الهدف الرئيسي الذي اختارته الامم المتحدة والمجتمع الدولي للسنوات القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى