تقريرقضايا أصداء

قاسم جومارت توقاييف .. رئيس جمهورية كازاخستان التي تحتفل هذا العام بعيد استقلالها الثلاثين..

أعـد التـقـريـر : عـلـي الـحـسـنـي – أصــداء

 

حصلت جمهورية كازاخستان في 16 ديسمبر عام 1991م على الاستقلال، وفي السادس عشر من ديسمبر من هذا العام 2021م تحتفل الجمهورية بالذكرى الثلاثين لاستقلالها، وخلال ثلاثة عقود من تاريخها الحديث، تحولت كازاخستان بقيادة زعيم الأمة (إلباسي) الرئيس الأول لكازاخستان نور سلطان نزارباييف بشكل مذهل من جمهورية هامشية في الاتحاد السوفيتي إلى عضو كامل في المجتمع الدولي، وزعيم إقليمي، ودولة حديثة متطورة في آسيا الوسطى ذات اقتصاد قوي، ومجتمع مستقر يسوده الوئام والسلام.

وقد تولى قاسم جومارت توقاييف رئيس جمهورية كازاخستان، الرئاسة في 20 مارس 2019 من خلال الانتقال الطوعي للسلطة بعد الاستقالة الإرادية للرئيس الأول لكازاخستان نورسلطان نزارباييف.

وحسب قول الخبراء فإن إختيار قاسم جومارت توقاييف رئيساً لجمهورية كازاخستان جاء ليس فقط لأنه ترأس مجلس الشيوخ بالبرلمان ولأنه الشخص الأول حسب الدستور لتولي منصب رئيس الدولة، بل أيضا لأسباب سياسية عميقة .. فممّا لا شك فيه أن السياسي والاستراتيجي المتمرّس الرئيس الأول لكازاخستان نورسلطان نزارباييف اختار بديله قاسم جومارت توقاييف بسبب خبرته الكبيرة في المجال الدبلوماسي والسياسي.

إذن .. من هو الرئيس قاسم جومارت توقايف؟ وما المؤهلات التي حصل عليها؟ وماهي خبراته؟..

هنا نضع نبذة موجزة عن قاسم جومارت توقاييف رئيس جمهورية كازاخستان، الذي يتمتع بخبرة غنية في المجال الدبلوماسي، ويملك فهمًا واضحًا لوقائع السياسة الدولية، وهذا ما يمنحه فرصة لقيادة كازاخستان نحو الإصلاحات السياسية الإيجابية.

السمة الرئيسية لقاسم جومارت توقاييف وهو من مواليد 17 مايو 1953 في ألماتي؛ أنه دبلوماسي محترف؛ حيث درس في الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الروسية، وتخرج في عام 1975م من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، كما درس في معهد بكين اللغوي خلال الأعوام 1983 – 1984م.

بدأ الرئيس قاسم جومارت حياته المهنية في عام 1975م في وزارة خارجية الاتحاد السوفيتي وعمل في السفارة السوفيتية في سنغافورة، وفي 1979م عاد إلى وزارة الخارجية، وخلال الأعوام 1985-1991م عمل في السفارة السوفيتية في جمهورية الصين الشعبية كسكرتير ثاني وسكرتير أول ثم مستشار.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، في 1992م تم تعيين قاسم جومارت توقاييف نائبا لوزير الخارجية في جمهورية كازاخستان، وفي 1993م أصبح النائب الأول للوزير وتم تعيينه وزيراً للخارجية في كازاخستان في 1994م، في مارس 1999م تم تعيين قاسم جومارت توقاييف نائبًا لرئيس الوزراء، وأصبح رئيساً للوزراء في أكتوبر 1999م، وبعد تقديم إستقالته عُيّن في يناير 2002م سكرتيراً للدولة – ووزيراً للخارجية، واستمر في منصب وزير الخارجية حتى عام 2007م، وشارك بنشاط في العملية العالمية بشأن عدم إنتشار الأسلحة النووية، كما شارك في المؤتمرات المتعلقة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية خلال الأعوام 1995 و2005م، ووقّع على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية  في نيويورك في عام 1996م، كما وقّع على معاهدة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى في سيميبالاتينسك في 2005م، ترأس المؤتمر الدولي الوزاري للبلدان النامية غير الساحلية في عام 2003م.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة قراره بتعيين قاسم جومارت توقاييف نائباً للأمين العام للأمم المتحدة، ومديرًا عامًا لمكتب الأمم المتحدة في جنيف في مارس 2011م، وكذلك الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر نزع السلاح، كما شارك في عشر دورات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وانتخب رئيسًا لمجلس وزراء الخارجية لرابطة الدول المستقلة ومنظمة شنغهاي للتعاون.

وبعد إنتهاء مهام عمله كمدير عام لمكتب الأمم المتحدة في جنيف في أكتوبر 2013م انتخب قاسم جومارت توقاييف مرة أخرى رئيساً لمجلس الشيوخ في برلمان جمهورية كازاخستان، وعمل في هذا المنصب لمدة خمس سنوات ونصف.

ثم بعد الاستقالة الإرادية للرئيس الأول لجمهورية كازاخستان نورسلطان نزارباييف أدّى قاسم جومارت توقاييف اليمين الدستوري كرئيس لجمهورية كازاخستان في 20 مارس 2019م.

نجح قاسم جومارت توقاييف في الانتخابات الرئاسية المبكرة في 9 يونيو 2019م، حاصلاً على نسبة  70.96% من إجمالي الأصوات، وأدّى اليمين الدستوري مرة أخرى، وتولى منصبه رسميًا كرئيس للدولة في 12 يونيو 2019م.

وقد أعلن الرئيس قاسم جومارت توقاييف أن سياسته توائم سياسة الرئيس الأول لكازاخستان في تحقيق الإصلاحات السياسية التي تهدف إلى زيادة تعزيز المؤسسات والآليات الديمقراطية، والتفاعل مع المجتمع المدني في إطار مفهوم “دولة مستمعة لشعبها”.

كانت الخطوات الأولى للرئيس قاسم جومارت توقاييف في منصب الرئاسة تسميةُ عاصمة “أستانا” إلى “نورسلطان” تكريمًا للرئيس السابق نورسلطان نزارباييف.

بدأت الجائحة العالمية لفيروس كورونا بعد أقل من عام لتولي قاسم جومارت توقاييف الرئاسة، مما أجبر العالم بأسره على إتخاذ تدابير تقييدية، مما جعله يضطر لإصدار مرسوم في 15 مارس 2020م بشأن إعلان حالة الطوارئ في جمهورية كازاخستان لمدة شهر بسبب إنتشار فيروس كورونا، وقد تم تمديد حالة الطوارئ في البلاد أكثر من مرة نظراً للحاجة في حينه، ولا تزال كازاخستان تحتفظ ببعض القيود في سبيل مكافحة فيروس كورونا.

ورغم ذلك، واصل الرئيس قاسم جومارت توقاييف نشاطه وقام بتنفيذ ثلاث حزم من الإصلاحات السياسية؛ حيث عرض الحزمة الأولى من الإصلاحات السياسية في 20 ديسمبر 2019م، وتم بالفعل تنفيذ جميع مبادرات هذه الحزمة، إذ تم تقليص عدد الأعضاء  المطلوبين للتسجيل بهدف إنشاء الأحزاب السياسية إلى النصف (إلى 20 ألف عضو)، وتم توفير حصة 30 في المائة في القوائم الحزبية للنساء والشباب، كما تم إضفاء الطابع الرسمي على مفهوم المعارضة البرلمانية في الناحية التشريعية، وتم كذلك إعتماد قانون جديد حول التجمعات السلمية، والذي يسهل الحصول على الموافقة لمنظمي التجمعات السلمية، كما انضمت كازاخستان إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالمعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية بشأن إلغاء عقوبة الإعدام.

في 1 سبتمبر 2020م تم الإعلان عن الحزمة الثانية من الإصلاحات السياسية في الخطاب السنوي للرئيس لشعب كازاخستان؛ حيث أعلن الرئيس قاسم جومارت توقاييف عن الانتقال التدريجي بَدءاً من عام 2021م إلى الانتخابات المباشرة لحكام الأرياف، كما أبدى إهتمامًا خاصًا لتعزيز آليات حماية حقوق الإنسان، حيث أشار إلى الحاجة لتحسين التشريعات لمكافحة التعذيب في المؤسسات الإصلاحية والاتجار بالبشر وحماية المواطنين خاصة الأطفال من التسلط عليهم عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي عبر الإنترنت، و حدد أهمية الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل.

قام الرئيس توقاييف بتقديم الحزمة الثالثة من الإصلاحات السياسية في 15 يناير 2021، وتشمل الحزمة المبادرات الجديدة كتطوير النظام السياسي في كازاخستان وتحسين نظام حماية حقوق الإنسان، وإدخال فقرة “ضد الكل” في بطاقات الاقتراع في جميع مستويات الانتخابات، وإضفاء الشرعية على مؤسسة الالتماسات عبر الإنترنت في إطار مفهوم “دولة مستمعة لشعبها” لإشراك المجتمع المدني في إجراءات إتخاذ القرار، وتعزيز مكتب مفوض حقوق الإنسان (أمين المظالم)، وتطوير وتنفيذ مؤشر تنمية الشباب، وزيادة تحسين نظام الرقابة العامة.

خلال خطابه السنوي لشعب كازاخستان في 1 سبتمبر 2021م تطرق الرئيس قاسم جومارت توقاييف إلى أن “وحدة الشعب والإصلاحات المنهجية هو الأساس القوي لازدهار البلاد” وفي هذا الإطار طرح عددًا من المبادرات التي تهدف إلى تنمية البلاد في فترة ما بعد الوباء، وتتعلق الإصلاحات بتحسين كفاءة نظام الرعاية الصحية، وتوفير التعليم ذي الجودة العالية، وتحسين السياسة الإقليمية، وتشكيل نظام بيئي فعّال في سوق العمل، والتحديث السياسي، وحماية حقوق الإنسان، وتوطيد المجتمع، كما أكد الرئيس قاسم جومارت توقايف أن ضمان رفاهية الشعب هو الهدف الرئيسي من عمله كرئيس كازاخستان.

تتمثل المبادرات الأساسية من خطاب الرئيس الكازاخستاني توقاييف هي :

  • تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
  • تحويل كازاخستان إلى المحور الرقمي المركزي في جزء كبير من أوراسيا.
  • زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 150%، وتشجيع الشركات على زيادة فاتورة الأجور اعتبارًا من 1 يناير 2022م.
  • تعزيز القدرة الدفاعية للإستعداد للتهديدات الخارجية.
  • بناء 1000 مدرسة حتى نهاية عام 2025م.
  • توسيع قائمة الفئات المستفيدة من الرعاية الاجتماعية، وتخصيص حصة لذوي الاحتياجات الخاصة.
  • إنشاء صندوق دعم الصناعة الإبداعية بهدف تشجيع الشباب الموهوبين.
  • انتخاب حكام المقاطعات والمدن انتخاباً مباشراً من عام 2024م.

وهكذا حدد الرئيس قاسم جومارت توقاييف في خطابه السنوي مجموعة واسعة من التدابير التي تهدف إلى تحسين رفاهية المواطنين في فترة ما بعد الجائحة، وزيادة إضفاء الطابع الديمقراطي على النظام السياسي، وضمان الحقوق والحريات للمواطنين في إطار مفهوم “دولة مستمعة لشعبها”.

جدير بالذكر أن الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توقاييف مؤلف لعشرات الكتب والعديد من المقالات متعلقة بالعلاقات الدولية، كما أنه يجيد خمس لغات هي (الكازاخية والروسية والإنجليزية والصينية والفرنسية)، وحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية، وعضو “مجلس الحكماء” في مؤتمر ميونيخ الأمني، وهو العميد الفخري لكلية جنيف للدبلوماسية والعلاقات الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى