حوارقضايا أصداء

إبراهيم الصّلتي : المجتمع العماني مثقف ومحب للقراءة وهذا ما لمسته من خلال مكتبة (قرّاء المعرفة)..

مكتبة قراء المعرفة تختص ببيع إصدارات الكُتّاب العمانيين الحديثة..

 

حوالي 1260 عنواناً لإصدارات حديثة في مكتبة قراء المعرفة بغلا..

 

إبراهيم الصلتي : وقوف أسرتي بجانبي الداعم الأكبر لمشروعي..

 

الجودة والتخصص عنوان لأي مشروع ناجح..

 

 

أجرى الحـوار : محمد بن خميس الحسني – أصـــداء

 

القراءة كنز ثمين ، لا يدرك فوائدها إلا من أحبها وتعايش معها وجنى حصادها ، وأصبحت تربط بينهما علاقة انتماء متبادلة ، فالإنسان المحب للقراءة تجده دائمًا وأبدًا يدأب على القراءة ويضبطها بأوقات معينة ولا يفرط في ملازمتها ، وصدق المتنبي حين قال : (وخير جليس في الزمان كتاب).

هناك من ينظر للقراءة بأنها محطة عبور للتزود ببعض المعارف الخفيفة كما هي الوجبات السريعة اليوم ليسد بعض الجهل ونقص المعرفة ، وهناك من ينظر إليها بأهمية بالغة لكونها شيئاً مهماً في حياته كالماء والهواء والطعام، لا يستطيع أن يتركها لأنها غذاء لعقله وفكره وروحه ، وهناك من ينظر إليها من جانب وجاهي ليقال عنه أنه مثقف وأنه يقرأ .

الحديث عن القراءة يجرنا للحديث عن شاب عُماني طموح يعشق الكتب والقراءة منذ الصغر ، حريص على اقتناء الكتب خاصة لمؤلفين عمانيين ، البداية كانت بسيطة والانطلاقة كانت قصيرة ، متذوق للقراءة بل عاشق لها، يحب المغامرة والتحدي ، لا يعرف الإحباط ولا اليأس ، شعاره فكر وانطلق، لديه طموحات عديدة يأمل في تحقيقها.

مشواره طويل وحافل الطموح والصبر والمثابرة والطموح خاصة في عالم الكتاب ، فمن قراءة كتاب لقراءة كتب ، ثم مروّج ومسوّق وبائع كتب ، إلى أن جمع كل ذلك في وقت واحد ومكان واحد وأنشأ مكتبة فيكون هو مالكها، تحوي العديد من الإصدارات الحديثة من الكتب العمانية.

ولنعرفه للقراء الأعزاء عن قرب صحيفة “أصـــداء” الإلكترونية إلتقت به في مكتبته العامرة بما تحويه من كتب ومؤلفات ثقافية وفكرية وتاريخية وسياسية ، والمنظمة والأنيقة والمرتبة في طريقة توزيع وعرض محتوياتها ، وأجرت معه هذا الحوار.

بداية الانطلاقة..

إبراهيم بن أحمد الصلتي من أبناء منطقة غلا بولاية بوشر صاحب مكتبة (قراء المعرفة) التي أصبح لها صيت يتردد ليس داخل سلطنة عمان فحسب بل حتى خارج الحدود في دول الخليج العربية، حدثنا عن مشواره مع اقتناء الكتب وحبه للقراءة ، وكيف أستطاع أن يكون اليوم صاحب مكتبة تزخر بمئات عناوين الكتب والمؤلفات والإصدارات المتنوعة في شتى صنوف المعرفة والثقافة.

فقال : البداية جاءت بعد معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته الــ 26 وبعد جائحة كورونا أي في عام 2019 ، وجميعا يدرك ماذا صنعت جائحة كورونا بأصحاب المؤسسات وبالتجارة والإقتصاد بصفة عامة وما صاحبه من خوف وقلق وعزوف معظم الناس عن الذهاب للأماكن المزدحمة، لذا فكرنا أنا ومجموعة من أصحابي في عرض وتسويق الكتب عن بعد عن طريق البيع الإلكتروني ووسائل التواصل الإجتماعي وكذلك عن طريق المعارف والأصدقاء.

بيع الكتاب العماني..

ويضيف الصلتي كانت لدي تجربة بالتعاون مع زملائي في بيع كتاب بعنوان (فقه التطرف) للكاتب بدر العبري في عام 2018 على الرغم من قلة الإقبال على شراء الكتب العمانية في ذلك الوقت ، فكانت الفكرة كيف نستطيع تسويق وبيع الكتاب العماني ونعمل عملية جذب للقارئ العماني لأن الأقبال كان ضعيفاً في ذلك الوقت حتى عند توقيع حفل  لعدد من الإصدارات الجديدة للكتّاب العمانيين، وفي عام 2020م قررنا أنا ومجموعة من الأصدقاء إعادة بيع كتاب بعنوان (الجمال الصوتي تاريخه ورؤيته الفقهية) الصادر عن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وبعد بيع الكتاب بأسبوع جاءتني عدد من الإتصالات من بعض المؤلفين العمانيين ، وبدأنا ندرس ونقيس عملية بيع الكتاب العماني وأهميته للكاتب الذي كان لهم باع طويل في مجال الكتابة في عدد من المجالات كالفلك والعلوم الفقهية والسياسية والتاريخ والعديد من المؤلفات ، وهذا يدل على أن الإنسان العماني منذ القدم مهتم بالقراءة والمعرفة.

المكتبة في المنزل..

وبدأ عدد من المؤلفين يعرضون كتبهم معي وفي ذلك الوقت كانت البداية بسيطة نوعا ما خاصة تزامنها مع جائحة كورونا والجميع يدرك ماذا صنعت كورونا بالفعل في ذلك الحين، لذلك قمت بجلب مجموعة من الكتب وخزنتها في منزلي بمساعدة وتعاون من قبل أبنائي، ولم يكن يحظرني اسم للمكتبة في ذلك الوقت فتشاورت مع ابني علي بخصوص وضع اسم للمكتبة وذلك بعد جلبي لمجموعة من كتاب (الجمال الصوتي) ، وتم الإتفاق على تسمية المكتبة بــ (قراء المعرفة) بدأنا التسويق للكتب بطريقة تقليدية وعن طريق الأصدقاء.

توصيل الكتب..

وحول طريقة توصيل الكتب للقراء، قال إبراهيم : في حدود محافظة مسقط أنا من أقوم بعملية توصليهن وطبعا بدون رسوم توصيل ، وأما بالنسبة لبقية محافظات سلطنة عمان فيتم توصليهن عن طريق الأصدقاء قاطني المحافظات بحيث أجنب القارئ رسوم التوصيل ، هذا الكلام طبعا عند بداية إنشاء المكتبة ولكن حاليا زادت عدد الكتب وزادت ولله الحمد والمنة عملية البيع لذلك لجأت للمندوب في عملية التوصل خارج محافظة مسقط برسوم ريالين عند كل توصيلة.

بخطى ثابتة وعلى مراحل وصل عدد الكتب  في الفترة السابقة 900‪ كتاب جميعهن لمؤلفين عمانيين ، بطبيعة الحال تدرجنا في عملية التخزين وبيعهن ، فالمرحلة الأولى كانت كتاب وكتابين والمرحلة الثانية زاد العدد بمقدار النصف والثالثة زاد أكثر لغاية ما وصلنا لذلك العدد

دعم ومساندة..

الحمد لله رب العالمين بفضل من الله سبحانه وتعالى أولًا وبفضل والدتي العزيزة وزوجتي وأولادي وإخواني وأولاد عمي وأصدقائي ، أملك اليوم مكتبة قراء المعرفة ، فمساعدتهم ووقفوهم بجانبي طوال تلك الفترة ولغاية الآن ، نعمة من الله، فتشجيع والدتي وزوجتي وأولادي وإخوتي معي ليس فقط على مستوى الصعيد المعنوي وإنما أيضا المادي.

ما تحويه المكتبة..

وعن ما تضمه المكتبة من إصدارات ومدى الإقبال عليها قال : ركزنا على عدد من مجالات الفكر والفلسفة والكتب التاريخية وكذلك ركزنا على الجانب الإبداعي من قصة أَو رواية ولهذه المجالات والجوانب العديد من القراء الذين يبحثون دائما عن الفلسفة والحداثة والدراسات ، وهناك إقبال لافت على اقتنائها ، الشعب العماني شعب مثقف واع يحب دائما البحث عن العلم والمعرفة ، وقارئ نهم.

   

مكتبة قراء المعرفة في غلا..

توجد مكتبة قراء المعرفة في منطقة غلا بولاية بوشر،  وعن سبب تواجد المكتبة في موقع بعيد عن المراكز التجارية والشوارع العامة الرئيسية ؛ يقول إبراهيم الصلتي : لأن القرى نادرًا ما تجد بها مكتبة مع العلم أن أبنائها مغرمين بالقراءة وعاشقين للكتب، وجميع المكتبات في المدن وقريبة من الخدمات، ثم إن لهذه المكتبة متابعين وقراء من مختلف الفئات صغاراً وكباراً ذكوراً وإناثاً ، كما يأتي إلي طلاب مدارس حلقة أولى وحلقة ثانية ، وطلاب كليات وجامعات.

1260 عـنوان..

تضم المكتبة حاليًا 1260 عنوان لإصدارات حديثة في مختلف مجالات الفلسفة والفكر والإبداع والتاريخ لكتّاب عمانيين ، أول كتاب ضمته المكتبة هو كتاب (الجمال الصوتي) ، لكن أول كتاب طبعناه كان بعنوان (العقل والحكمة وصناعة الأفكار) ، وهذا الموضوع يعتبر ذا أهمية بالغة لدي ؛ فأذكر هنا موقف الدكتور زكريا المحرمي وتعاونه معي عن طريق إهداء بوضع شعار مكتبة (قراء المعرفة) على إحدى إصداراته وكذلك طبعنا كتابين الأول بعنوان (الإنسان والماهية) والثاني (سلامة الفكر بسلامة منهج التفكير) بالإشتراك  مع روافد اللبنانية للمفكر العماني صادق جواد سليمان  – رحمة الله عليه – وكذلك هناك تعاون مع الناشرين وكتاب (انعكاس الضوء) للكاتب العمانية شيخة الفجرية .

الجدير بالذكر أن المكتبة تضم العديد من المجالات الفكرية والتاريخية والفلسفية والسياسية والكتب المتخصص في الإعلام والإقتصاد في المشهد المحلي وفي جانب الإبداع الرواية والقصة وأدب الأطفال وغيرها من الإصدارات العمانية الحديثة ، وآخر كتاب دخل معنا في المكتبة هو كان في منطق الفقه الإسلامي (دراسة سيمائية في أصول الفقه).

يذكر أن إبراهيم الصلتي صاحب مكتبة (قراء المعرفة) ركز على الجودة والتخصص في العمل ودورهما في إقامة أي مشروع بصورة ناجحة لتحقيق الأهداف.

ولهذا بادرنا إبراهيم بسؤال : لماذا لا توجد في مكتبة قراء المعرفة الكتب القديمة المؤلفة من قرون وسنوات مضت وتمت طباعتها حديثا ؟.

فأجاب : لكل إنسان منا تميزه ، وحقيقة أنا ركزت على الإصدارات الحديثة لأن الكتب القديمة لها ناسها وهناك مؤسسين ومُلاك مكتبات مهتمين بالكتب القديمة ولا يقتصرون على مؤلفين عمانيين فقط مثل ما أقوم به ، فأنا أركز على كتب المؤلفين العمانيين وعلى حداثتها فمعظم كتبي هي حديثة.

وأردف قائلاً : بسبب السمعة الطيبة لمكتبة (قراء المعرفة) كسبت تعاون مع الناس والمجتمع ، وهناك تعاون كبير مع الكتاب العمانيين ومع العديد من دور النشر مثل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أنا الوكيل الحصري لهم في سلطنة عمان بالنسبة لكتبهم ، ودار العرب أنا الوكيل الحصري لهم بالنسبة للإصدارات العمانية ، وكذلك كسبت تعاون وثقة مع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء وتلاحظوا لدي في مكتبتي العديد من الكتب والإصدارات التي قامت الجمعية بطباعتها ، وكذلك هناك تعامل مع دار ناشرون في عرض كتبهم .

وفي الختام أحب حقيقة أن أشكر الدكتور أحمد المعيني على فتح معرض دائم باسم مكتبة روازن الذي وفر لنا العديد من الإصدارات دون الحاجة للاعتماد مثل السابق على معرض مسقط الدولي وما يعرض فيه.

كما أتوجه لكم جميعاً في صحيفة “أصـــداء” الإلكترونية بالشكر الجزيل على هذا الحوار الطيب معي حول المكتبة واهتماماتي القرائية .. راجياً لكم دوام التوفيق ومزيد النجاحات والتميز..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى