أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

مُـتَّـفِـقـُونَ .. ولـكـنْ !!..

عـصـام بن محـمـود الرئيـسـي

كاتب، ومؤلف سلسلة كتاب مختارات من البروتوكول والإتيكيت

 

مُـتَّـفِـقـُونَ .. ولـكـنْ !!..

 

نحنُ البشر مختلفونَ في الشَّكل والطُّول واللون والبنية الجسميّة والعادات والتقاليد والمعتقدات الدينيّة والثقافيّة ،هكذا خلقنا اللهُ -سبحانه وتعالى- لحكمة يدركها ، قال تعالى : (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ)، فلهذا من الطبيعيّ أنْ نختلف في الرأي أيضا أثناء حواراتنا ومناقشاتنا اليومية في أي موضوع يُطرح، الاختلاف في الرأي أمرٌ لا مفرَّ منه في أي مجتمع، وهو ظاهرة صحية، تثري العقل بخصوبة الرأي، ورؤية الأمور من أبعاد وزوايا مختلفة، ولكن لابد من إظهار احترام الآراء والأشخاص؛ للحفاظ على عَلاقات إيجابية متينة وراسخة بيننا.

قال أحد الفلاسفة : “إذا اتفق اثنان في كل شيء، فلا حاجة إلى واحد منهما” .. أي أن الابتكار والأفكار لا يأتي إلا من خلال الاختلاف، ومن خلاله ستكون قادرًا أيضا على التفكير بشكل أعمقَ مع الآخرين، وبناء الثقة، مما سيفتح عقلَك لأفكار جديدة.

هناك سلوكياتٌ يجب ضبطُها ومراعاتها من قِبَلِ الإنسان أثناء تلك الحوارات والاختلاف في الرأي والطرح، وقد أرشدنا القرآنُ الكريمُ أيضا إلى كيفية التعامل مع الاختلاف، من خلال تعارف بعضنا البعض؛ قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِل لتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَليمٌ خَبِيرٌ).

إنَّ الاحترام المُتبادَلَ بين الأطراف أثناء اختلاف الرأي من المُسلَّمات التي يجب أنْ نضعها في الاعتبار دائما، وهي تقودنا إلى احترام قدرات الآخرين وإنجازاتهم وصفاتهم، وكذلك الحفاظ على العلاقات الشخصيّة.

إنَّ احترام الناس يعني الاعتراف بوجودهم، وهو وسيلة لتكون طيِّبًا ولطيفًا مع الآخرين، وهناك طرقٌ مختلفة لإظهار الاحترام، بما في ذلك استخدام الكلمات والمفردات المهذبة والراقية، والكلام الحسن.

يشمل الاحترامُ أيضًا تقديرَ الآخرين، على الرغم من حقيقة أنَّ طريقتهم في فعل الأشياء قد تختلف عن طريقتك، وهذا يدل على تقديرك للطرف الآخر كفرد في نظرك، الكثير من الناس صارمون بشأن آرائهم، ويميلُ البعض إلى الاختلاف فيما إذا كان ما يقوله الآخرون يتعارض مع معتقداتهم، ولكن على المتحاوِر البحث دائمًا لإيجاد أرضية صلبة من خلال القواسم المشتركة، والبحث عنها وإظهارها بشكل راقٍ، ويتطلب الاحترامُ أيضا احترام الذات، وضبط النفس والحساسية، والتسامح والإنصاف.

فوائد احترام آراء الآخرين..

إنَّ احترام الآراء يخلق بيئة تعاونيّة في أي موقع من حياتنا الاجتماعيّة ويحقق فوائدَ ممتازة، كما هو مذكور أدناه :

* يشعر الناس بالإيجابيّة لمشاركة أفكارهم، ويكسبك هذا احترامهم.

* زراعة ثقافة السلوك الراقي، والطرح المفيد؛ تَزيدُ مِنْ ترابط من نحاورهم بشكل أسرع، ويجعلهم يطورون مهارات تعاون ثرية.

* ينمي في أرواحنا التواضع واللطف في التعامل مع مَنْ حولنا حتى من الأشخاص الذين يختلفون معنا.

* يولِّد الاستماع اليقظ ويوسع المنظور لطرق جديدة للتعامل مع مختلف المواقف، وتعلم واكتساب وجهات نظر جديدة وتوسيع المدارك.

* التواضع واللطف صفات ذات قيمة عالية.

نصائح عندما يحتدم الاختلاف في الحوار..

– اختر الاستماعَ اليقظ للتعبير عن مشاعرك بطريقة حضاريّة.

– عندما لا توافق على رأي، استمع إلى الطرف الآخر بصبر وصدر رحب.

– إسأل الطرف الآخر عن سبب تبنيه تلك الآراء.

– لا ترفع صوتك أثناء الحوار وابقَ هادئا؛ لأن الصراخ والجدال يظهر عدمَ احترام الشخص الآخر.

– الهدف من الحوار والتفاعل ليس “الفوز” ، لذلك ليس هناك سببٌ للعدوانية وشخصنة ما يقال.

– الاتفاق على الاختلاف هو أحيانًا الحلّ الأكثر إنتاجية للنزاع.

– كن مؤدبًا ولطيفًا، ومارس التعاطف في خضم الخلاف؛ فستكسب احترام الطرف الآخر.

– لا تصف الآخرين بالمخطئين.

وأخيرا فإن الاحترام المتبادل بين المتحاورين هو الذي يؤكد أن الأخطاء قابلة للتسامح مهما كانت وبدون الاحترام لا يمكن التسامح.

وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى