أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

التهجير القسري قضية تضم عناصر إنسانية..

الدكتورة لولوة سلمان البورشيد

خبيرة علاقات دبلوماسية وسياسية

 

التهجير القسري قضية تضم عناصر إنسانية..

 

لقد وصل العمل على التهجير القسري الناتج عن النزاعات إلى لحظة حرجة بل إلى ذروة ما يمكن الوصول إليه.
وهناك ما يقدر عدده ملايين من المهاجرين بين لاجىء في العالم ، وتتضاعف التحديات المرتبطة بالتهجير من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والمالية إذا ما أدخلنا فى حساباتنا الفئات السكانية المتأثرة من مجتمعي المضيفين والعائدين ، وبالإضافة إلى ذلك يزداد معدل الوقت الذى يقضيه المهجرون وسيستمر بالازدياد على الأرجح ما دامت بوادر السلام لا تلوح بالأفق في كثير من النزاعات القائمة.

ولم يتمكن سوى قدر يسير من المهاجرين من الاستفادة من “الحلول الدائمة” الثلاثة فإعادة التوطين في بلدان ثالثة لا يغطي سوى أعدادا معينة ، وهو مُكْلِف جداً من الناحية المادية ، وبالنسبة للعودة الطوعية فيعيقها عدم الاستقرار وغياب السلام.

والتهجير القسري هو ترحيل السكان يهيمن عليه عنصر الإكراه ، ويمكن أن يكون ناجما عن النزاع جراء الاضطهاد أو التعذيب أو غيرها من الانتهاكات لحقوق الإنسان ، أو نتيجة للفقر أو بسبب الكوارث الطبيعية؛
يمكن أن يتقاطع عنصرا الاختيار والإكراه ، لكن فى حالة اللاجئين وغيرهم من النازحين.

والذى يجب فعله هو أن تتمثل أول خطوة نحو التغيير الأساسي في أن يقبل جميع الفاعلين بأن التهجير القسري الناتج عن النزاع ما هو إلا قضية تنموية بالمقام الأول يضفى عليه الطابع الإنساني وليس العكس.

ويتطلب هذا التغيير في العقلية فهم أن التهجير القسري المطلوب وإن كان يقتضي في أغلب الأحيان إستجابة إنسانية قريبة الأمد فهو يتعلق في جوهره بالاستجابة للمضمونات الاجتماعية والاقتصادية والمالية للمهجرين وللبلدان المضيفة بما ينعكس على فائدة جميع المتأثرين بالتهجير ، وغالباً ما يتطلب ذلك استثمارات موجهة وقائمة على المناطق بهدف تعزيز النشاط الاقتصادي خاصة فى المضيفة التي تعاني من معدلات مرتفعة من البطالة.

ومن المهم أن تستمر الحكومات المتأثرة في فهم أن غالبية إن لم يكن كل أوضاع التهجير الجديدة قد تصبح مطولة ، وأنه عليها أن تتحلى بالشجاعة السياسية الكافية لإتخاذ قرارات السياسات اللازمة بعيدة الأمد فى المراحل المبكرة من الأزمة ، وليس ذلك بالأمر السهل.

ومن هنا لا بد للفاعلين الإنمائيين والمانحين الدوليين من أن يعملوا عن قرب مع تلك الحكومات لمساعدتها على الموازنة بين مختلف خيارات السياسات.
وسوف يتحقق للحوار حول هذه القضايا الفعالية الأكبر إذا ما عالج المخاوف التي تؤرق البلدان المستضيفة ، وإذا ما تضمن على تركيز على تحسين ظروف المجتمعات المستضيفة ؛ الأمر الذي سينعكس إيجابا على المُهَجّرين أيضاً ، وإذا ما أثبت الحوار أن السماح للاجئين باستخدام قدراتهم الذاتية مفيدة للمجتمع المضيف.

وفوق كل شيء لا ينبغي إغفال أن هذا الأمر كله يتعلق باحترام الآخر ، وسيكون هدفنا مساعدة المهجرين على أن يحظوا بحياة كريمة آمنة ذات معنى في مكان هجرتهم ومساندتهم في العثور على حل دائم لهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى